"داعش" في رمضان 2022: كليشيه متواصل

07 مارس 2022
تشارك منة في بطولة مسلسل "بطلوع الروح" (فيسبوك)
+ الخط -

في الواقع، لم ينته تنظيم "داعش" حتى اليوم. لكن وبعد سنوات من الإرهاب ونشر الخوف، تحول إلى مادة دسمة للمنتجين اللبنانيين والعرب عن طريق تناوله في مسلسلات دراميَّة، لا تخلو من تمرير رسائل سياسية للجهة الممولة.
قبل خمس سنوات، استدرجت محطة MBC عرضًا لتقديم أول مسلسل عن "داعش"، وحمل يومها عنوان "غرابيب سود"، وكرت بعدها سبحة الأعمال المشابهة، نظراً لما تحققه من جماهيرية عالية. وقبل عام، أنتجت شركة "سينرجي" المصرية مسلسل "القاهرة كابول" وغيرها من الأعمال التي سجلت بطولات بعض الأنظمة العربية، كنوع من الانتصار الخيالي "التمثيلي" على هذا التنظيم.

أكثر من خمسة مخرجين أشرفوا على مسلسل "غرابيب سود". ورغم الميزانية الضخمة التي بلغت 10 ملايين دولار، فشل المسلسل في الطرح والسياق الدرامي. هذا في الشكل، أما في المضمون، فقد انتفضت بعض الأنظمة العربية على السيناريو والأحداث، واعتبرت العمل يوجّه لها اتهامات خطيرة تضعها في خانة تصدير الإرهاب. بل اعتبر البعض أنّ العمل يقدم خدمة للإرهابيين والتطرف الديني. لكن كل ذلك بدا ضعيفاً أمام المشاكل التي وقعت بين شركة الإنتاج وفريق العمل، والتي وصلت إلى المحاكم بسبب عدم سداد الشركة أتعاب الممثلين وفريق التصوير الذي قضى ظروفاً صعبة أثناء الإنتاج، حتى أسدلت الستارة وتوقف المسلسل في الحلقة العشرين.

سينما ودراما
التحديثات الحية

قبل أيام، انتشرت صور آليات عسكرية وعناصر ينتمون إلى "داعش" في محلة برج حمود، شرقي بيروت. ظهر ذلك واضحاً من خلال زيهم العسكري، وكذلك ظهور نساء التنظيم في شاحنات تنقلهم إلى مدرسة، رفع على مدخلها شعار تنظيم الدولة الإسلامية. أثار تداول بعض الناشطين الصور فضول المتابعين على مواقع التواصل، ما دفع قوى الأمن الداخلي في لبنان إلى إصدار توضيح، تؤكد فيه أنّ ما يجرى تداوله من صور لـ"داعش" ما هو إلّا مشاهد من مسلسل "بطلوع الروح"، من تأليف محمد هشام عبية وإخراج كاملة بو ذكري، وبطولة منة شلبي وإلهام شاهين وأحمد السعدني وديامان بو عبود، وإنتاج شركة "سيدرز آرت بورداكشن" (الصبّاح إخوان) بتكليف من "شاهد" التي تبنت المسلسل وحجزت له على منصتها "شاهد VIP" ومحطة MBC4 في أول أسبوعين من شهر رمضان.

أثارت صورة الممثلة المصرية إلهام شاهين وهي ترتدي الزي الخاص بنساء "داعش" علامات استفهام كثيرة حول قبول شاهين بمثل هذا الدور. وتساءل ناشطون عن إمكانية ما تنوي القصة طرحه، وهل يدخل دائرة الرأي الواحد، أم هناك رؤية عامة لا تدخل كطرف نزاع، بل كاستعراض درامي موضوعي لهذا التنظيم. كل ذلك رهن بالعرض المتوقع أن يبدأ مع حلول شهر رمضان، لكن لا يمكن إلغاء فكرة الاصطفاف أمام هذه القضية المثيرة، والتوجه بها إلى المشاهد العادي، ولا يصح الحكم قبل العرض، بل نحاول الإجابة عن مضامين هذا التوجه وكيفية التفاعل مع قضية لم تنته فصولها بعد، وما إذا كانت الرواية تقع ضمن إطار موضوعي منطقي ينقل الصورة كما هي، أم سنستعيد مع المخرجة كاملة بو ذكري ما عُرض من إنتاجات مشابهة. لا يمكن الجزم بالمحتوى والبناء الدرامي قبل العرض، لكنّ ذلك لا ينفي اتهام المنتج باختياره موضوعاً أصبح مستهلكاً وفاشلاً ويندرج في إطار الـ"كليشيه".

المساهمون