"جنود الموسيقى"... فنانون أوكرانيون يقاتلون على "الجبهة الثقافية"

31 يوليو 2022
تقام حفلات في دول تنعم بالسلام (سكوت بيتيرسون/Getty)
+ الخط -

تقاطع صفارات الإنذار منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير/شباط الحفلات الموسيقية التي يشارك سفياتوسلاف يانتشوك في إحيائها في مدينته أوديسا، فيضطر العازفون والمتفرجون على السواء إلى الاحتماء.

ولكن طوال أغسطس/آب، سيكون عازف الإيقاع المنتمي إلى أوركسترا أوديسا الفيلهارمونية ضمن نخبة من الموسيقيين الأوكرانيين انضووا تحت لواء أوركسترا الحرية الأوكرانية التي ستقيم حفلات في دول تنعم بالسلام.

وستكون حرية أوكرانيا عنوان جولة تشمل 12 حفلة تحييها هذه الأوركسترا التي تجمع عازفين أوكرانيين بارزين أعضاء في فرق موسيقية أوروبية وأوكرانية، من أوبرا بريتاني الوطنية في فرنسا إلى أوبرا خيرسون.

وبعدما شكلت حفلتها في وارسو باكورة جولتها، ستكون للأوركسترا محطات في إنكلترا وألمانيا وفرنسا وأيرلندا وهولندا، على أن يكون الختام على الضفة المقابلة للمحيط الأطلسي، في نيويورك وواشنطن.

ووقفت وراء المشروع بحماسة واندفاع قائدة الأوركسترا الكندية كيري لين ويلسون، التي سبق أن أدارت أوبرا "بايريش ستات" البافارية الألمانية وأوركسترا لوس أنجليس السيمفونية وأوركسترا البولشوي في موسكو وسواها الكثير.

ونشأت كيري لين ويلسون في وينيبيغ، عاصمة مقاطعة مانيتوبا ووجهة المهاجرين الأوكرانيين إلى كندا، ومنهم جدّاها.

وخلال وجودها في وارسو في بداية الحرب، رأت ويلسون اللاجئين الأوكرانيين يصلون إلى بولندا، وشعرت بأن من واجبها القيام ببادرة. وقالت: "جعلني ذلك أحلم بتوحيد الفنانين الأوكرانيين في قوة فنية يقاتلون من خلالها من أجل حريتهم كأمة".

وأثار المشروع اهتمام أوبرا وارسو التي قررت المشاركة في تنفيذه مع أوبرا متروبوليتان النيويوركية.

إذن خروج موقت

بلغة روسية مطعّمة بالكلمات الأوكرانية، تهنئ كيري لين ويلسون موسيقييها، إذ بين جدران "المسرح الكبير" في وارسو، ابتدعوا في غضون عشرة أيام فحسب برنامجاً، مع أنهم لم يعزفوا معاً قبل ذلك.

ويشمل البرنامج كونشرتو شوبان رقم 2 وسيمفونية برامز رقم 4، ومقطوعة "أبتشيوليشر" الغنائية من "أوبرا فيديليو" لبيتهوفن.

ويُفتتح البرنامج بعزف للسيمفونية السابعة لفالنتين سيلفستروف، أحد أبرز المؤلفين الموسيقيين الأوكرانيين، إحياءً لذكرى ضحايا الحرب.

و"لا يتضمن البرنامج موسيقى روسية"، على ما يؤكد عدد كبير من الفنانين الذين أربكت الحرب حياتهم ومسيرتهم المهنية.

وقال عازف الباسون الشاب في أوركسترا الحرية مارك كريشينسكي لوكالة فرانس برس": "لدى روسيا مؤلفون عبقريون، لكن ما يأتي من الثقافة الروسية يجب أن يُصرف النظر عنه في الوقت الراهن".

كان مارك كريشينسكي وشقيقه دميترو، عازف الكمان، عضوين في أوركسترا سانت بطرسبرغ الفيلهارمونية المرموقة لمدة ثماني سنوات. وقال كريشينسكي لوكالة فرانس برس: "غادرنا روسيا في الأيام الأولى من الغزو. كان الأمر صعبا، لكن أي قرار آخر لم يكن ممكناً".

وانتقل الشقيقان إلى إستونيا المجاورة، فيما تضم أوركسترا الحرية أيضاً عازفين مقيمين في أوكرانيا، حصلوا على إذن موقت بمغادرة بلدهم.

أما عازف التيمباني في فرقة الحرية وعضو أوركسترا كييف دميترو إيلين فأعرب عن سروره لتمكنه من رؤية ابنته البالغة عشر سنوات "بعد خمسة أشهر من الانفصال ، لكونها تلميذة في أوبرا غدانسك"، في شمال بولندا.

ولكن في نهاية الجولة، سيعود دميترو إيلين إلى كييف، مثل زميله عازف الإيقاع ييفن أوليانوف. وقال "ابني ينتظرني هناك (...) دخل شهره الخامس بالتزامن مع الحرب".

جبهة ثقافية

على غرار كثر من زملائهم، يعتزم دميترو إيلين وييفن أوليانوف مواصلة مسيرتهما الفنية في بلدهما بعد الجولة، على الرغم من الحرب.

وقال عازف الغيتار الأول في أوركسترا الحرية نازار ستيبس لوكالة فرانس برس: "لدينا حرب نخوضها على الجبهة الثقافية".

وأكد ستيبس، الذي يعيش في كييف، تمسكه بعزف المقطوعات الأوكرانية. وأضاف "إذا لم نعمل على إحياء أعمال الملحنين الأوكرانيين، فلن يفعل أحد. (...) وأعني بذلك فنانين كيفغيني ستانكوفيتش وفالنتين سيلفستروف الذي سنعزف عملاً له هنا، وسواهما من الملحنين المعاصرين الشباب".

وتصف كيري لين ويلسون أعضاء الأوركسترا بأنهم "جنود الموسيقى" في مقاطع الفيديو الترويجية التي تنشرها على الشبكات الاجتماعية عن فرقة النخبة هذه.

وابتسم عازف الإيقاع دميترو إيلين لدى سؤاله "هل يمكن أن تعتبر الموسيقى فعلاً بمثابة سلاح؟". وأجاب: "منذ طفولتنا، لا نعرف القيام بأي شيء آخر سوى الموسيقى. علينا أن نفعل شيئاً بطريقة أو بأخرى".

أما مارك كريشينسكي فرأى أن "كيري لين ويلسون اختارت التوقيت المثالي للجولة"، ملاحظاً أن "الاهتمام بالحرب تراجع في الخارج".

(فرانس برس)

المساهمون