"تويتر" وماسك: سيرك منذ البداية إلى النهاية

12 يوليو 2022
يبقى احتمال أن ماسك يسعى لإعادة التفاوض حول خفض السعر (غيلبرت كاراسكويلّو/ Getty)
+ الخط -

بعدما تراجع الرجل الأكثر ثراءً في العالم، إيلون ماسك، عن صفقة لشراء "تويتر"، تواجه الشركة معركة قانونية يملك مجلس إدارتها كل الفرص للفوز فيها، لكنها لن تخرج منها سالمة، فهي "واحدة من أكثر القضايا الاقتصادية جنوناً. منذ البداية يبدو الأمر كأنه سيرك، وهو ينتهي مثل سيرك"، وفق وصف المحلّل دان إيفز لوكالة فرانس برس.

أرسل إيلون ماسك الذي يملك شركتي تِسلا وسبيس إكس خطاباً إلى "تويتر" الجمعة الماضي، أعلن فيه عن إنهائه الاتفاق المبرم في إبريل/نيسان لشراء المنصة مقابل 54,20 دولاراً أميركياً للسهم الواحد، أو 44 مليار دولار أميركي في المجموع. لكن أستاذة القانون في جامعة تولان، آن ليبتون، قالت إن هذا النوع من العقود "مصمم لمنع المشترين من الذعر واتخاذ قرار بالانسحاب".

وذكر ماسك حججاً من بينها أن مجلس الإدارة قلّل من عدد الحسابات غير الأصلية النشطة على المنصة، ولم يزوده بكل المعلومات اللازمة لتقييم مشكلة البريد العشوائي بشكل صحيح. وتحدث محامو ماسك أيضاً عن عمليات تسريح طاولت أخيراً موظفين من "تويتر" وتجميد التوظيف، وهما أمران مخالفان لالتزام المجموعة مواصلة العمل بشكل طبيعي.

قبل يوم من انسحاب ماسك من الصفقة، أبلغ مسؤولون تنفيذيون في "تويتر" الصحافيين، بأنّه سيُحذف أكثر من مليون حساب وهمي من المنصة كلّ يوم. وأكّدت الشركة مجدّداً أنّ الحسابات الوهمية كانت أقلّ بكثير من خمسة في المائة من عدد المستخدمين الذين يشاهدون الإعلانات، وهو رقم لم يتغيّر في بيانات الشركة منذ العام 2013. وأشارت إلى أن المراجعين البشريين يفحصون يدويّاً آلاف الحسابات على "تويتر" عشوائياً، ويستخدمون مزيجاً من البيانات العامة والخاصة، من أجل تقدير نسبة الحسابات الوهمية والآلية على الخدمة وإبلاغ المساهمين فيها.

وكان متحدث باسم الشركة قد أكد، لموقع تِك كرانتش، الجمعة الماضي، أنها سرحت 30 في المائة من فريق الاستحواذ على المواهب، بعد نحو شهرين من تجميد التوظيف، ورفض الكشف عن عدد دقيق للأشخاص الذين طاولهم هذا الإجراء. أشارت التقديرات إلى أن "تويتر" سرحت أكثر من 30 ألف عامل تقني خلال الشهرين الماضيين، ولم تعد الشبكات الاجتماعية محصنة ضد الانكماش في السوق.

لكن الخبيرة في قانون الخلافات التجارية رأت أن هذه ليست أسباباً كافية. وقالت ليبتون إن "ماسك يبحث عن نقاط الضعف في الاتفاق. ولكن بالنسبة للإعلانات الكاذبة مثلاً، لا يكفي إثبات أنها كاذبة فقط، بل أنها تعرض للتشكيك إلى حد كبير الأسس الاقتصادية للمجتمع". وأضافت: "من وجهة النظر القانونية، يبدو بشكل واضح أن ماسك مخطئ".

يبقى احتمال أن ماسك يسعى في الواقع لإعادة التفاوض حول خفض السعر. واستخدم هذا التكتيك بنجاح مع مجموعة إل في إم إتش. فقبل عامين، قطعت المجموعة العملاقة للصناعات الفاخرة عملية استحواذ مع دار تيفاني، وحصلت بعد ذلك على خفض في السعر. لكن الخبراء لا يعرفون ما الثمن الذي يمكن أن يسمح باتفاق بين ماسك و"تويتر" حالياً، بينما خسر سهم المجموعة أكثر من ربع قيمته منذ إبريل.

وقالت آن ليبتون إن "الجانبين يمكن أن يخسرا الكثير". وإذا ربحت "تويتر" في المحاكم، فسيكون على رجل الأعمال دفع تعويضات قيمتها بضعة مليارات. وفي أسوأ الأحوال، قد يضطر لاحترام الاتفاق وشراء المجموعة الكاليفورنية بالثمن الذي حدد أولاً، وهو مرتفع جداً مقارنة بقيمتها الحالية، بينما انخفضت ثروته عشرات المليارات في الأشهر الأخيرة.

لكن هذا الانتصار للمساهمين سيترك المجموعة والشبكة الاجتماعية بين أيدي إيلون ماسك. فرؤيته لا تتطابق مع رؤية عدد كبير من الموظفين والمستخدمين والمعلنين التي يعتمد عليها النموذج الاقتصادي لهذه الخدمة.

ورأت المحللة كارولينا ميلانيزي من مجموعة كرييتيف ستراتيجيز، أن "تويتر في وضع أسوأ مما كانت عليه قبل ستة أشهر، لكن على الأمد الطويل من الأفضل ألا يملكها ماسك". وأضافت ميلانيزي في حديثها لـ"فرانس برس": "سيكون الأمر أشبه بإعطاء لعبة لطفل مدلل لا يريدها بعد الآن ولا يعرف ماذا يفعل بها، وينتهي الأمر بنسيانها في زاوية ما". وتابعت أن "العصفور الأزرق سيتلاشى ببطء وبشكل مؤلم"، في إشارة إلى شعار "تويتر".

ومن المتوقع أن تستمر المحاكمة أشهراً، وخصوصاً أن ماسك سيعمل على إبطائها، وفقاً لآن ليبتون التي أوضحت أن رجل الأعمال الذي يتبعه أكثر من مائة مليون شخص على المنصة "سيسعى إلى إذلالهم، وسيكون ذلك مصدر إحباط للموظفين". أمطر ماسك المنصة بتغريدات انتقادية وساخرة واقتراحات غريبة بتشجيع من العديد من معجبيه.

وأوضح دان إيفز أنه بالنسبة لشركة تويتر "ستكون معركة على جميع الجبهات، للحفاظ على مهندسيها، وعدم خسارة مكانتها، والحفاظ على صورة علامتها التجارية، والتعامل مع أسئلة المستثمرين". وخلافاً لجاراتها في مركز التكنولوجيا سيليكون فالي، لم تتحول الشبكة يوماً إلى ماكينة لكسب المال قادرة على تحويل انتباه المستخدم إلى إيرادات إعلانات فلكية.

وقالت ديبرا وليامسون من مجموعة إي ماركيتير، إنه "خلال الأشهر القليلة الماضية، لم تكن تويتر قادرة على التركيز على أعمالها. سيواجهون المشاكل نفسها التي كانوا يعانونها قبل ماسك". وأضافت أن "نمو المستخدمين يتباطأ. وعائدات الإعلانات تنمو بشكل ضئيل، لكن المجموعة تواجه الآن تباطؤ الاقتصاد العالمي الذي يؤثر على ميزانيات الإعلانات لدى كل شبكات التواصل الاجتماعي".

المساهمون