"انتقام بارد"... استيقظ بعد خمس سنوات

18 نوفمبر 2020
أدّى ميلاد يوسف دوراً لافتاً في المسلسل (فيسبوك)
+ الخط -

يستمر عرض المسلسل السوري "بصمة حدا"، وجاءت العشارية الثانية بعنوان "انتقام بارد"، كتبها نعيم الحمصي وأخرجها سيف الدين سبيعي. عشر حلقات عُرضت على قناة Bein المشفرة، حاول الجمهور فيها فك الألغاز والشيفرات التي تدور في فلك القصة التي كانت تتمحور حول جريمة بدأت بها الحكاية، حيث يُفاجأ المتابع منذ بداية الحلقة الأولى بشخص يضرب آخر ليرديه مغمىً عليه. تدور الحكاية حول أمير، الذي تعرض لغيبوبة وينتظره أهله ليستيقظ، وغريمه الذي ضربه، ولم يكن سوى صديقه طارق، حيث تزوج حبيبته نورا خلال غيبوبة صديقه التي استمرت خمس سنوات معتقداً أنه قتله.

لكن طارق، بالمقابل، يعيش حياته بخوف بسبب شعوره أن أحداً ما يراقبه بعدما قام بفعلته، ويتعالج لدى جلال، الطبيب النفسي، وكان الأخير يسعى أيضاً للانتقام من شاب آخر، هو وليد، الذي تسبب له بحادث سير جعل زوجته سارة مشلولة، ليكون الطبيب نفسه بحاجة إلى علاج، في حين كان شقيق، أمير، رائد في الأمن الجنائي، وهو فارس، يسعى وراء عملية ترويج مخدرات يكتشف أن أخاه أمير من يقوم بها، فيتراجع عن المهمة كلها.

تتشابك الخيوط بطريقة مشتِّتة للجمهور حقيقةً، خصوصاً أن الأحداث تتنقل بين 2015 و2020، ولم يكن التزامن بين الأعوام مقنعاً أو منطقياً. فالمشاهد أمام حكاية لافتة بعض الشيء، لكنها ضائعة في أحداثها وغامضة بشكل فج، ولا يستطيع المتابع معرفة ماذا يجري بالضبط.

لم تخل القصة من حوادث غير مقنعة. مثلاً، استيقظ أمير بعد خمس سنوات وعاد لحياته الطبيعية فوراً من دون أي عثرات فيزيولوجية، كما أن الطبيبة المشرفة على علاجه وقعت في غرامه، ليجد نفسه عاشقاً لها بعدما استيقظ، ويترك محبوبته السابقة التي انتظرته كل هذه السنوات من أجلها، أما أخوه فارس فما زال يسعى لكشف عصابة المخدّرات، مع أن أخاه من يقودها، في حين لم تكن نورا سوى فتاة يتصارع عليها صديقان هما أمير وطارق، ما يجعل الأول يدبر مكيدة لصديقه ويوقعه في جريمة المخدرات من دون أن يعلم أنه هو من أنشأها.

سينما ودراما
التحديثات الحية

تتوه الحكاية، إذن، بشكل حاول فيه العمل أن يكون بوليسياً غامضاً، لكنه فشل في تحقيق معادلة التشويق، خصوصاً أنه كشف الأحداث كلها في الحلقة الأخيرة، والتي لم تكن سوى خيالات وأوهام، وجعل الكاتب جميع شخصياته تسعى للانتقام وتحاول البحث عن حقيقة ضمن وهم تعيش فيه، فـ أمير لم يكن سوى رجل ميت قتله أخوه أثناء كشفه له في مداهمة لعمل العصابة، وطارق يتعالج لدى طبيبة نفسية التي لم تكن سوى زوجة الطبيب النفسي التي ظهرت في أحداث العمل مشلولة! في حين نجد فارس يتعالج لدى الطبيب جلال وليس طارق، كما بدا لنا في العمل، أما جلال فبدا في النهاية رجلاً طبيعياً، لا انفصام لديه ولا انتقام، لأن زوجته أساساً لم تمُت، والخلاصة من الفكرة التي كان يحاول العمل إيصالها هي أن الجميع قد يقع في فخ أعماله وشرورها، وأي شخص قد يكون مكان الآخر ويبقى عالقاً بين الوهم والحقيقة، خصوصاً حين بدّل المخرج بين شخصيتي الطبيب ومريضه في اللقطة الأخيرة.

"انتقام بارد" على صعيد النص لم يصل لهدفه، فكان ضعيفاً في تنفيذ القصة، أما الإخراج فلا تجديد فيه أضافه سيف السبيعي، حيث كانت الكوادر تقليدية، وتكررت أماكن التصوير كثيراً لدرجة الاستنزاف، لكن استطاع ميلاد يوسف هذه المرة كسب الرهان في أدائه المختلف والناجح، إنما لم يخرج يزن خليل أو خالد القيش أو نضال نجم من عباءتهم في الأداء التقليدي.

وفي وقت تصدرت فيه جيني إسبر بوستر المسلسل لم يضف وجودها فيه علامة فارقة، رغم أن الحدث يدور حولها وبسببها، لكنها حقيقةً لم تكن بطلته، واعتمدت في ظهورها على الأزياء والمكياج الناجح لتغطية الأداء الباهت، في حين كانت الموسيقى التصويرية مختلفة عن تلك التي بدأ بها العمل، لكنها اختلطت بها فجاءت مستهجنة بتفاصيلها العشوائية.

تخلو العشارية من تحقيق عناصر الجودة كما سابقتها "طبق الأصل"، والمعيب في العشاريتين انتظارهما الحلقة الأخيرة لتنفتح الأحداث كلها فجأة بعد غموض مبهم التفاصيل، والتي يَكتشف الجمهور أنها ليست غريبة أو غامضة أصلاً، حيث تأتي النهايات متوقعة وتقليدية كما في "طبق الأصل" مثلاً، أو مبهمة وغير موفقة كما في "انتقام بارد"، ليبقى الجمهور على موعد مع السباعية الأخيرة من العمل بعنوان "برزخ" التي كتبها بلال شحادات على أمل أن تصحح مسار العمل في نهايته ولو بالقليل.

المساهمون