أكدت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية في تقرير لها نشرته يوم أمس، أن متحف لوفر أبوظبي الذي وعد بتقديم لوحة المسيح "Salvator Mundi" المنسوبة للفنان الإيطالي ليوناردو دافنشي، لم يف بوعده، إذ ما تزال اللوحة غائبة عن المشهد الفني العالمي، كما أنها اثارت الكثير من الجدل بشأن حقيقة أنها تعود لدافينشي.
وأضافت أن اللوحة أصبحت أغلى عرض يتم بيعه على الإطلاق في مزاد علني، إذ اشتراها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بمبلغ 450.3 مليون دولار في عام 2017.
وفي التقرير الذي نشرته الصحيفة الأميركية أكد الكاتب ديفيد دي كريكباتريك أن دائرة الثقافة بإمارة أبوظبي أعلنت بعد حوالي شهر من المزاد العلني الذي بيعت فيه اللوحة أنها حصلت عليها، ومن المقرر عرضها في متحف لوفر أبوظبي، إلا أنه تم إلغاء عرضها في سبتمبر/ أيلول الماضي ودون أن توضح إدارة المتحف أسباب الإلغاء.
وكانت دائرة الثقافة والسياحة في أبوظبي أعلنت في سبتمبر العام الماضي في تغريدة على موقعها الرسمي في تويتر، أن متحف "لوفر أبوظبي، سيؤجل كشف الستار عن لوحة "سالفاتور مندي" أو "مخلص العالم" للفنان العالمي الشهير، ليوناردو دافينشي، لأجل غير مسمى.
وقالت نيويورك تايمز إن فشل أبوظبي في عرض اللوحة أثار الشكوك حول صلتها بدافينشي، الأمر الذي أثار خوف بن سلمان، المالك الجديد، من عرضها في معرض عام خشية خضوعها للتدقيق من قبل الخبراء والأكاديميين المتخصصين في أعمال دافينشي، ما قد يكشف حقيقتها وأنها ليست من أعمال الفنان الإيطالي العالمي.
|
وقال كريكباتريك أن مصير لوحة "Salvator Mundi" يكتنفه سر جديد، متسائلاً عن أين توجد وفي أي مكان في العالم؟
ورغم رفض أبوظبي الإجابة عن الأسئلة المطروحة عليها، إلا أن نيويورك تايمز استطاعت بطريقة سرية الوصول لموظفي لوفر أبوظبي الذين أكدوا لها أنهم لا يعرفون مكان وجود اللوحة.
وأكدت الصحيفة أن متحف اللوفر الباريسي الذي منح أبوظبي ترخيصا لإنشاء متحف محلي يحمل اسمه، لم يستطع هو الآخر تحديد مكان لوحة "Salvator Mundi"، وذلك وفقاً لمسؤول مطلع على مناقشات المتحف مع أبوظبي، رفض الكشف عن اسمه بسبب سرية المحادثات.
ومضى تقرير نيويورك تايمز في القول إنه لم يكن من الواضح أبداً كيف حصلت أبوظبي على اللوحة من السعودية، وهل حصلت عليها هدية أو عن طريق قرض أو صفقة بيع خاصة، مضيفة أن البعض تكهن بأن ولي العهد السعودي ربما قرر الاحتفاظ بها، وللحديث عن هذه الفرضية، رفضت السفارة السعودية في واشنطن التعليق.
وقدمت نيويورك تايمز في تقريرها سرداً تاريخياً للوحة المثيرة للجدل، مؤكدة أنها رسمت عام 1500 وهي واحدة من عملين متشابهين وكانت ضمن مجموعة للملك تشارلز الأول ملك إنكلترا تم جردها بعد إعدامه عام 1649، مشيرة إلى أن اللوحة اختفت من السجلات الفنية التاريخية في أواخر القرن الثامن عشر.
|
وظهرت اللوحة مجدداً في مزاد علني ببريطانيا في القرن التاسع عشر، ولكنها أثارت عاصفة من التساؤلات، حيث إنها نسبت إلى أحد أتباع ليوناردو دافينشي.
وفي عام 1958 بيعت في مزاد بما يعادل 1.350 دولاراً، وبدأ الإدعاء بأن اللوحة من أعمال دافينشي الشخصية في مزاد بنيو أورليانز في عام 2005، وقام برصدها شخصان من الذين حضروا المزاد ومن ثم نقلاها الى البروفيسورة موديستيني من جامعة نيويورك.
وعرضت اللوحة في المتحف الوطني في لندن عام 2011، وبعد عامين اشتراها الملياردير الروسي ديمتري إي ريبولوفليف بـ 127.7 مليون دولار - أي أقل من ثلث السعر الذي دفعه ولي العهد السعودي مقابلها في 2017، وذلك عندما تم بيعها في نيويورك بواسطة مؤسسة كريستي للمزادات.
وفي سياق الشكوك حول مزاعم لوفر أبوظبي بشأن اللوحة وحقيقتها، بعث خبير لوحات دافينشي جاك فرانك رسائل إلى مكتب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أكد له فيها عن شكوكه بأن اللوحة من أعمال دافينشي، وقال رئيس موظفي مكتب الرئيس الفرنسي، فرانسوا كزافييه، أن الرئيس كان قلقاً للغاية حيال هذا الأمر.
وقالت نيويورك تايمز في تقريرها إن عقود البيع التي تصدرها شركات المزادات عليها ضمان أصالة مدته خمس سنوات، ولكن التوثيق والنقاش الذي أثارته اللوحة قبل بيعها في 2017 سيجعل من الصعب استرداد ولي العهد السعودي المبلغ الذي أشترى به اللوحة بمزاعم نسبتها إلى دافينشي.
وقالت الصحيفة الأميركية إن الأمير بدر بن عبد الله بن محمد بن فرحان آل سعود كان هو المشتري المجهول في مزاد نيويورك، وهو عضو معروف في فرع بعيد من الأسرة المالكة السعودية، وليس لديه مصدر معروف للثروة ولا يملك تاريخاً يجعل منه جامعاً للتحف الفنية العالمية، مضيفة: لكنه كان مقرباً وصديقاً حميماً لولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وبعد أشهر قليلة من المزاد الذي بيعت فيه اللوحة، تم تعيين الأمير بدر أول وزير للثقافة في المملكة.