هوليوود 2018: ضعفٌ فني ونجاح تجاري

31 ديسمبر 2018
"مكان هادئ" لجون كْراسينسكي (فيسبوك)
+ الخط -
يُحتمل أن يكون عام 2018 أحد أضعف أعوام السينما الأميركية في العقد الأخير على المستوى الفني. نظرة بسيطة إلى قائمة الأفلام المرشّحة لـ"الكرة الذهبية (غولدن غلوب)"، كمؤشّر مبدئي لأهم إنتاجات هوليوود، التي يُرجّح أن تتنافس أيضًا على جوائز "أوسكار"، توضح الصورة، فمن بينها فيلم كوميدي كـBlack Panther لراين كووغلر، وجزء من تقديره عائدٌ إلى كونه "أول بطل خارق من أصل أفريقي"؛ إلى فيلمين تجاريين: Bohemian Rhapsody لبراين سينغر، غير المُقدَّر نقديًا أيضًا، و"ولادة نجمة" لبرادلي كووبر، بالإضافة إلى "بلاك كلانسمان" لسبايك لي، الزاعق بنبرة سياسية، وغيرها من أفلام لم يكن ممكنًا لها أن تتنافس في عامٍ آخر أقوى، أو أقل ميلاً إلى السياسة. 

من ناحية أخرى، هناك إحباطات عديدة في الأفلام المنتظرة، التي تسندها استديوهات كبيرة، وبعضها لمخرجين كبار: "الرجل الأول" (First Man) لداميان شازيل، الحاصل على "أوسكار" أفضل إخراج قبل عامين عن "لا لا لاند". جديده يتناول قصّة نِلْ أرمسترونغ وصعوده إلى القمر. لكن الفيلم لم يحقق أي أثر مرجو، تجاريًا أو فنيًا، وبدا تائهًا بين بُعدٍ عاطفي يحمل القصّة، وجانب علمي يروي تفاصيل المهمة. هناك أيضًا Widows لستيف ماكوين (نال فيلمه السابق "12 عامًا عبدًا" جائزة "أوسكار" أفضل فيلم في دورة عام 2014)، الذي لم يكن أفضل حالاً. حتى The Ballad of Buster Scruggs للأخوين إيثان وجويل كُوِن لا يمكن اعتباره من أفضل أفلامهما.

لعلها ليست صدفة أن يكون الفيلم الأميركي، الذي له حضور قوي هذا العام، هو "بلاك كلانسمان"، الفائز بالجائزة الكبرى في الدورة الـ71 (8 ـ 19 مايو/أيار 2018) لمهرجان "كانّ" السينمائي، لاعتبارات لا يمكن فصلها عن موقفه السياسي ضد دونالد ترامب، وموقفه جريء في لحظة مضطربة، وبشكل يمكن مقارنته مثلاً بفوز الفيلم الوثائقي "فهرنهايت 9/ 11" لمايكل مور بـ"السعفة الذهبية" في الدورة الـ57 (12 ـ 23 مايو/أيار 2004) لمهرجان "كانّ"، تعبيرًا عن موقف سياسي ضد جورج بوش الابن.

اللافت للانتباه أيضًا أن غالبية الأفلام الجيدة، التي لها طموح فني ونالت تقديرًا من نقاد السينما الأميركية هذا العام، كانت ذات إنتاجات مستقلة ومنخفضة التكاليف، وأن معظمها "باكورة" أفلام مخرجيها: The Tale لجينيفر كوكس، وEight Grade لبو بورنهام، وLeave No Trace لديبرا غرانِك؛ أو حتى فيلم الإثارة غير التقليدي A Quiet Place لجون كْراسينسكي.

خلاف ذلك، كان العام محبطًا على الصعيد الفني في السينما الأميركية، إلاّ أنه لم يكن كذلك على الصعيد التجاري. فأفلام 2018 حقّقت أكثر من 11 مليار دولار أميركي في شباك التذاكر. وعشية انتهاء العام نفسه، هناك احتمال أن تبلغ الإيرادات عتبة 12 مليار دولار، كأعلى حصيلة في تاريخ شباك التذاكر الأميركي، وهذا عائد إلى إنتاجات شركة "مارفل". فرغم النجاحات التجارية التي تُحقّقها الشركة بأبطالها الخارقين، في العقد الأخير، إلاّ أنه لم يسبق لها أن احتلّت قمّة شباك التذاكر الأميركي إلاّ مرة واحدة تعود إلى عام 2012، مع Avengers لجوس ويدون.

المفاجئ هذا العام أن لها فيلمين يحتلان القمة، أولهما Black Panther، الذي لم يتوقع المتفائلون أن ينال هذا الثناء الفني والنجاح الجماهيري، فهو حقّق 700 مليون دولار أميركي داخليًا. أما الثاني فهو ملحمة أبطال "مارفل" ضد "ثانوش" في Avengers: Infinity War لأنتوني وجو روسّو، الذي حقق 678 مليون دولار أميركي.

في قائمة الأفلام الـ10 الأولى، امتلكت أفلام الأبطال الخارقين أفضلية، كعادتها في الأعوام الأخيرة، إذْ احتلّ Incredibles 2 لبراد بيرد المركز الثالث (608 ملايين دولار أميركي)، وDeadpool 2 لديفيد ليتش المركز الخامس (318 مليون دولار أميركي)، وAnt-Man And The Wasp لبايتون ريد، ثالث أفلام "مارفل" عام 2018، المركز الثامن (216 مليون دولار أميركي)، وVenon لروبن فلايشر المركز العاشر (212 مليون دولار أميركي).

أما الأفلام الأخرى، فأبرزها منتم إلى سلاسل ناجحة أو إعادات أفلام قديمة: "العالم الجوراسي: سقوط المملكة" لخوان أنتونيو بايونا، احتلّ المركز الرابع (416 مليون دولار أميركي)، وفيلم الرسوم "الدكتور سوس: ذو غرينش" ليارّو شيني وسكوت موزييه المركز السادس (227 مليون دولار أميركي)، ثم الجزء السادس من "مهمة مستحيلة"، وهو بعنوان Fallout، لكريستوفر ماك كاري الذي احتلّ المركز السابع (220 مليون دولار أميركي).
ورغم أن "سولو: قصة حرب النجوم" لرون هاورد محبِطٌ جدًا لشركة "ديزني"، وأقلّ الأفلام نجاحًا في تاريخ سلسلة "حرب النجوم"، إلاّ أنه حقّق 213 مليون دولار أميركي، فاحتلّ بذلك المركز التاسع عام 2018.
المساهمون