حقول الملح في ماراس

20 يونيو 2017
تشتمل منطقة ماراس على آثار حوضية (فيسبوك)
+ الخط -
على بعد 40 كيلومتراً شمال كوزكو، وفي إقليم يحمل نفس الاسم في بيرو، تقع المدينة التي اشتهرت بأحواض تبخير الملح (الملاحات)، هذه الأحواض الجبلية تقع في منطقة أروبامبا القريبة، على بعد حوالي أربعة كيلومترات فقط من مركز المدينة. هذه الأحواض، كانت وما زالت، تستخدم منذ عهد الإنكا، تلك الحضارة الغابرة التي ما زالت آثارها تملأ أميركا اللاتينية.

تشتمل منطقة ماراس على آثار أخرى أحدث من تلك الأحواض البيضاء، مثل الكنيسة التي بناها المستعمرون الإسبان والبرتغاليون بالقرب من أطلال الإنكا، في منطقة موراي القريبة، أيضاً، من أحواض الملح، الذي كانت أحد أهم البضائع الاستعمارية الأولى. وتربط ماراس بالأحواض طرق معبدة تسهل الوصول للوادي المقدس للسائحين والعاملين في المنطقة.

يفسر وجود تلك الأحواض أنه في قديم الزمان كان الملح ينبع في ماراس عن طريق تبخير المياه الجوفية المالحة التي تأتي من تيارات مائية صاعدة من جوف الوادي إلى أعلى الجبل. ثم يجري توجيه هذا التدفق الطبيعي، عبر نظام معقد من القنوات الصغيرة التي شيدتها الأيدي الخبيرة في القرون الخالية، مكونة عدة مئات من البرك والأحواض الموجودة على مدرجات الجبل القديمة.
معظم الأحواض لا يتجاوز مسطحها أربعة أمتار مربعة للحوض الواحد وعمقها حوالي 30 سم فقط. هذا الحجم الصغير يجعل من اليسير على العاملين في جمع الملح أن يراقبوا بعناية تدفق الماء في الأحواض وتبخيره والحصول على المنتج النهائي.
في كل حوض، شق صغير يتسرب منه ما يفيض عنه إلى الحوض الذي يليه أسفله، وكل بركة تسلم الحمولة الزائدة عنها إلى التي تليها، بينما تتكفل الشمس الحارقة بتبخير الماء، ويتعاون العمال في تجميع الرواسب المتراكمة من الملح. هذا النظام الوثيق المترابط خلق مجتمعاً يحمل نفس السمات، فمنذ الإنكا والمجتمع المحلي يتبنى النظام التعاوني.
كان الكل يعلم دوره بدون جدال، فمن يقف على تدفق الماء، مثله كمن يحافظ على سلامة الشقوق المغذية للأحواض، ومن يجمع الملح أو من ينقيه ويصنفه؛ كل شخص يتساوي تماماً مع الآخرين. وكان الملح ملكية عامة للقاطنين في المنطقة كل عائلة تنال ملكية تتناسب مع عددها وحجمها.
المساهمون