المسلسلات المصريّة في رمضان 2017: كثير من المال... قليل من الابداع

18 يونيو 2017
يحقّق عادل إمام دومًا نسب مشاهدة متقدمة (فيسبوك)
+ الخط -
اقترب شهر رمضان من الانتهاء. وعلى الرغم من وجود عشرات المسلسلات الدرامية والكوميدية، إلا أن المستوى العام جاء منخفضاً. وكانت المفارقة الواضحة، أنه مع الارتفاع الشديد في مستوى جودة الصورة التقنية، وملايين الجنيهات التي ذهبت للديكورات والملابس والتصوير وتصحيح الألوان، إلا أن المسلسلات أضعف في حصيلتها النهائية، سواء بالمقارنة مع الأعمال الكلاسيكية التي صنعت جانباً من وجدان المصريين، ونفذت في عصر ما قبل الفضائيات، وبإمكانيات مالية لا تمثل 5% مما هو موجود الآن، أو حتى بأعمال أخرى بميزانيات ليست ضخمة في السنوات الأخيرة، وفي سبيل البحث عن الإجابة سنجد أن كل الطرق تقود نحو سيناريوهات تلك الأعمال، الورق الذي صُنعت منه.



في أي صناعة تلفزيونية في العالم، يكون الكاتب هو رب العمل. ففي السينما الفيلم ينتمي للمخرج، ولكن في المسلسلات ينتمي للمؤلف. نرى ذلك عالمياً، وحتى محلياً، هناك روائع أسامة أنور عكاشة أو مسلسلات محمد صفاء عامر الصعيدية وغيرها. وحتى في السنوات الأخيرة كانت بعض الطفرات التي حدثت في التلفزيون مرتبطة في المقام الأول بالكتاب، فأصبحت شريحة من المشاهدين تنتظر مسلسل مريم نعوم أو مسلسل تامر حبيب أو محمد أمين راضي كاتجاهات مختلفة في الكتابة.

ولذلك، فأي أموال تضخ في الصناعة التلفزيونية ولا تعطي السيناريو حقه، ستكون النتيجة النهائية ضعيفة، وهو ما تمكن ملاحظته في أكثر من مسلسل ضخم من إنتاجات هذا العام، ولكنها فشلت نتيجة لمشاكل مرت بها في مرحلة الكتابة.



"خلصانة بشياكة": خلافات مع فريق الكتابة


مسلسل "خلصانة بشياكة" من بطولة أحمد مكي وهشام ماجد وشيكو، كان من أكثر الأعمال التلفزيونية المنتظرة هذا العام. وفي الحلقات الأولى، ارتفعت التوقعات بشدة، بفضل الصورة الفنية البديعة التي ظهر عليها، وطريقة بناء عالم ما بعد الدمار 2042، والتفوق الضخم في الديكورات والأزياء والعناية بكل التفاصيل البصرية. ولكن مع الوقت، انخفض مستوى الحلقات تماماً، لم تنقذه الجودة التقنية ولا حتى حضور ومحبة الجمهور للثلاثي البطل. ويبدو الأمر نتيجة منطقية لخلافات السيناريو والكتابة التي حدثت أثناء صناعته. فبعد تحضير مكي للفكرة الأساسية (صراع المستقبل بين الرجال والنساء) مع فريق كتابة محدد، كتب بالفعل أول 5 حلقات، انضمّ شيكو وماجد للمشروع، واقترح شيكو تغيير فريق الكتابة (كي لا يكون الأمر منحازاً لمكي ربما)، ليصبح الكاتبان الأساسيّان هما أحمد محيي ومحمد حمدي، وهما كاتبان لم يُقدِّما أي عمل ناجح من قبل، وتشمل أعمالهما مسلسل "المغني" لمحمد منير الذي فشل تماماً في العام الماضي. لتكون النتيجة هي ضعف شديد في الكتابة، سواء من ناحية تطور الأحداث، أو من ناحية خلق مواقف كوميدية مضحكة. ولتضيع كل الإمكانيات التي امتلكها المسلسل دون أن يضحك أحداً، باستثناء حلقاته الأولى للكتاب الأساسيين.





"واحة الغروب": اختلافات وجهات النظر


كانت الكاتبة، مريم نعوم، قد انتهت بالفعل من كتابة أغلب حلقات مسلسل "واحة الغروب" في أكتوبر/ تشرين الأوّل الماضي، بحسب تصريحاتها الصحفية. ولكن خلافات فنية في وجهات النظر بينها وبين المخرجة، كاملة أبو ذكري، أدت إلى إعادة كتابة المسلسل من البداية بتعديلات مختلفة، قبل أن تزداد الخلافات وتصل للاتفاق مع كاتبة أخرى هي هالة الزغندي من أجل إكمال النصف الثاني من الحلقات. هذا القدر الضخم من تداخل وجهات النظر ربما ما أدى لمشاكل لا حصر لها من ناحية الإيقاع في أحداث المسلسل، ليكون التعليق الأبرز من قبل المشاهدين أنه "لا شيء يحدث تقريباً في الحلقات". وعلى الرغم من الإمكانيات الواضحة والصورة الملحمية الجميلة للأحداث، والتي تتفوق على أي عمل درامي آخر هذا العام، إلا أن ضعف السيناريو (لأول مرة بهذا الشكل في مسلسل يحمل اسم مريم نعوم حتى لو في نصف الحلقات فقط) وعدم قدرة كاملة أبو ذكرى على شد إيقاعه، جعلّ النتيجة محبطة.





"عفاريت عدلي علام"


المسلسل الذي يحمل اسم عادل إمام يعني أن يُباع سلفاً للقنوات الفضائية، ويمتلك أعلى نسبة مشاهدة بفضل الشعبية الكبيرة للنجم المصري في البلدان العربية المختلفة. لكن هذا النجاح المضمون يحول الأمر إلى شيء أشبة بالوظيفة، ورغم تجاوز ميزانية الإنتاج الـ80 مليون جنية (أكثر من نصفها أجر للزعيم بالطبع) إلا أنه للعام الرابع على التوالي تكون النتيجة محبطة، والسبب الأساسي في ذلك يعود إلى الاعتماد على نفس الكاتب، يوسف معاطي، الذي لا يقوم بأي مجهود في الكتابة أو خلق عوالم جديدة أو كوميديا حقيقية. فكل ما يفعله هو إعادة كتابة ما سبق أن قدمه عادل إمام لسنواتٍ وسنوات في مسيرته، ومحاولة رسم المواقف التي تنتهي بنفس انفعالاته المعتادة، مع شخصيات كاريكاتيرية مزعجة وأحداث ملفقة وكوميديا انتهت منذ زمن، لتصبح الأموال والصورة اللامعة دون أي معنى، ولينضم المسلسل إلى أعمال إمام التي لن تفرِّقَها عن بعضها في السنوات الأخيرة، وربما كان "عفاريت عدلي علام" أسوأ منها جميعاً.
دلالات
المساهمون