فاطيما الغول: زرت المدن عبر الرسم بالحناء

19 اغسطس 2016
رسمت فلسطين بالحنّة (عبد الحكيم أبو رياش)
+ الخط -
أصبح الآن بإمكانك زيارة المسجد الأقصى والمدن الفلسطينية العتيقة، وتحسّس عبق أصالتها وأشجارها وطينها وشوارعها ومبانيها، وأنتَ جالس في مكانك، ما عليك سوى أن تنظر إلى تلك اللوحة الفنية التي نقشتها الفنانة الفلسطينية، فاطيما الغول، باستخدام مسحوق الحنّاء.
الأداة غير التقليدية التي استخدمتها فاطيما الغول (36 عاماً)، من مدينة غزة هدفت إلى كسر القاعدة الروتينية في الرسوم والفنون التشكيلية، وإذابة الحواجز التي يمكن أن تصنعها الألوان والأدوات الفنية العادية. ووجدت فاطيما في الحناء النسائية مادةً أكثر قرباً وحناناً من غيرها في إيصال الفكرة، ونقل المشاهِد للوحة.


كان التحدي كبيراً في البداية، وعندما حاولت فاطيما مع فريق العمل تطبيق فكرة الرسم على اللوحات باستخدام مادة الحناء، واجهت عدة مشاكل في أنواع القماش، وطرق تجفيف الرسومات، وحفظها أثناء الرسم، وطريقة رشها قبل وبعد الرسم، حتى رست بعد مجموعة تجارب مع لوحاتها على بر الأمان. درست فاطيما في جامعة القدس المفتوحة تخصّصاً لا يشبه فنها، وتأثرت منذ طفولتها التي عاشتها في الإمارات بنقش الحناء على أيدي النساء في الأفراح والمناسبات السعيدة. كانت فاطيما شغوفة بالنظر في تلك اللحظات إلى طريقة رسم الورود والزخارف على أجساد النساء، حتى أنها رسمت عندما كبرت أيدي وأقدام شقيقتها العروس، ونقشت لنفسها بنفسها في يوم زفافها.


كانت طفولة فاطيما مميزة عن باقي أقرانها، حيث كانت تهتم بتشكيل الطين والرمل على هيئة أشكال فنية جميلة، وكانت ترسم على دفاترها، حتى كَبُرت وتخرجت من الجامعة، وبدأت بالبحث عن عمل في تخصصها الذي لم يمنعها يوماً من ممارسة هوايتها في الرسم والنقش على أيدي البنات، والمشاركة في المعارض الفنية.
قالت فاطيما لـ"العربي الجديد" إنها استخدمت وسائل التواصل الاجتماعي في نشر أعمالها التي حظيت بإقبال كبير. وشاركت في معرض للمرأة الفلسطينية والطفل عام 2013. ونسق للمعرض المدير العام لشركة "دي كود" للاستثمار والأفكار الريادية، سهيل عطا الله، إذ شجعها على تحويل فكرة النقش على أيدي النساء إلى لوحات فنية تحاكي المدن الفلسطينية العتيقة.

وأضافت فاطيما بأنها احتارت في البداية في كيفية تجسيد آلام الشعب الفلسطيني وآماله ومدنه وقراه باستخدام الحناء، لكنها تشجعت للفكرة بعد مجموعة لقاءات ودراسات. وبدأت مع سهيل عطا الله بمجموعة تجارب على نوعية القماش والحناء وطريقة التجفيف ومعالجة القماش، والفكرة العامة للرسم.

وأوضحت بأنه وبعد فترة من التجارب، تم التوصل إلى الفكرة الأساسية في الرسم، وهي نقش المعالم الفلسطينية الأساسية، وتجريدها من المستجدات والمعالم الإسرائيلية التي تم إضافتها بعد احتلال إسرائيل للمدن والقرى الفلسطينية، وذلك من أجل إزالة أي حاجز يمكن أن يحول بين المشاهد والروح الفلسطينية الموجودة في تلك المعالم. وتم البدء برسم الحرم الإبراهيمي والمسجد الأقصى وسور عكا ومدينة حيفا وميناء غزة وبرج الساعة وقلعة خان يونس وغيرها.
وأكدت فاطيما بأن استخدام الحناء في الرسم مرهق للغاية، ومن الصعب مقارنته بباقي أنواع الرسم والألوان. ويستغرق العمل في اللوحة الواحدة ما يزيد عن شهر ونصف في بعض الأحيان، إلى جانب ضرورة دراسة خطوط الرسم قبل رسمها، وذلك بسبب عدم القدرة على محو أي منها، كما أنَّ عدداً من الأخطاء التي حدثت، تسبَّبت في تلف اللوحة بشكل كامل.

المساهمون