استمع إلى الملخص
- نمو التبادل التجاري والاستثمارات: تجاوز حجم التبادل التجاري بين البلدين 2.2 مليار دولار، مع طموحات لزيادته إلى خمسة مليارات دولار. كما زادت الاستثمارات القطرية في تركيا لتتجاوز 32 مليار دولار، مع تأسيس أكثر من 200 شركة قطرية.
- التعاون الثقافي والتعليمي: يشمل التعاون افتتاح المركز الثقافي التركي "يونس إمره" في الدوحة ومدرسة تركية، مع اتفاقيات لتبادل الوثائق التاريخية والخبرات الثقافية، مما يعزز الروابط الثقافية والتعليمية.
وقعت تركيا وقطر، اليوم الخميس، تسع اتفاقيات جديدة، ضمن اجتماع الدورة العاشرة للجنة الاستراتيجية العليا، لتضاف إلى الاتفاقيات وبروتوكولات التعاون ومذكرات التفاهم بين البلدين التي شملت مجالات عدة، بينها التعاون في الصناعات الدفاعية والبنية التحتية والخدمات اللوجستية والمناطق الحرة وغيرها من القطاعات الحيوية.
وكان أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني قد وصل إلى أنقرة ظهر الخميس، وكان باستقباله الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، وأجريا مباحثات ثنائية حول العلاقات الاستراتيجية المتنامية وسبل تطويرها، في المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية، وقضايا المنطقة، منها الحرب الإسرائيلية على لبنان واستمرار حرب الإبادة على غزة والمستجدات الإقليمية والدولية، خاصة بعد انتخاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وعقد الجانبان التركي والقطري الاجتماع العاشر للجنة العليا المشتركة، قبل توقيع تسع اتفاقيات اقتصادية لتضاف إلى 111 اتفاقية سابقة تم توقيعها منذ تأسيس اللجنة الاستراتيجية العليا بين البلدين عام 2014.
وقال وزير الاقتصاد التركي، عمر بولاط، إن اجتماع الدورة العاشرة اليوم من شأنه ترسيخ علاقات التعاون التجاري والاقتصادي بين البلدين والانطلاق بها نحو آفاق أرحب، معتبراً خلال تصريحات، أن اللجنة الاستراتيجية منصة هامة لتقييم العلاقات بين دولة قطر والجمهورية التركية في مختلف المجالات، لا سيما الاقتصادية والتجارية، منوها بأهمية مخرجات اللجنة التي أثمرت توقيع أكثر من 100 اتفاقية وبروتوكول ومذكرة تفاهم بين البلدين، وذلك بما يتماشى مع أهداف البلدين لتعزيز التعاون الاستراتيجي بينهما.
أهمية اللجنة الاستراتيجية العليا
وتأسست اللجنة الاستراتيجية العليا بين البلدين عام 2014 بهدف دعم وتطوير علاقات التعاون في مختلف القطاعات، لتضاف إلى علاقات قائمة منذ عام 1973، حيث احتفل البلدان، في يوليو/ تموز من العام 2023، بالذكرى الـ50 لتأسيس العلاقات التي تحولت إلى علاقات استراتيجية خلال السنوات الأخيرة. وعكست الحرص المشترك على تعميق العلاقات الثنائية بما يخدم الشعبين التركي والقطري، والتنسيق المستمر بين الطرفين تجاه القضايا الساخنة في المنطقة والعالم.
وزاد حجم التبادل التجاري بعد اتفاقيات اللجنة الاستراتيجية عن 1.5 مليار دولار العام الماضي، وتتزايد الطموحات لبلوغه خمسة مليارات دولار. وتأتي المنتجات البترولية والألومنيوم الخام على رأس الصادرات القطرية إلى تركيا، في حين تتركز الواردات القطرية من تركيا على محولات ومواد غذائية وغيرها.
وينشط التبادل التجاري بالتوازي مع زيادة الاستثمارات القطرية في تركيا لتزيد على 32 مليار دولار، إذ تعتبر تركيا وجهة استثمارية مفضلة لرأس المال القطري، بعد تأسيس أكثر من 200 شركة قطرية هناك، تعمل بقطاعات شتى، كالعقارات والمقاولات والسياحة والتصنيع والإعلام والتمويل والصحة، كما شهدت الفترة الأخيرة اتجاه الاستثمارات القطرية إلى مجال الموانئ والقطاع التكنولوجي.
وتمتلك قطر أسهماً في العديد من الشركات التركية، أهمها 49.8% من أسهم شركة "بي إم سي" المصنعة للمحركات والدبابات، واستثمارات في العديد من الشركات والمشاريع التركية، وعلى رأسها مشروع قناة إسطنبول المخطط تنفيذه خلال السنوات المقبلة. وذلك بعد زيادة الاستثمارات ونشاط الشركات التركية بقطر الذي تعمل بأسواقه نحو 771 شركة، فضلا عن 15 شركة تركية تعمل بالمنطقة الحرة في الدوحة.
تطور العلاقات القطرية التركية
ويرى مدير أكاديمية فكر في إسطنبول باكير أتاجان أنّ العلاقات التركية القطرية "دخلت طور الاستراتيجية" بعد تحقيق المنافع المشتركة وزيادة الاتفاقيات والأعمال بقطاعات الاقتصاد والدفاع والاستثمارات، لافتاً إلى أن قطر من أولى الدول المستثمرة في تركيا بما يزيد عن 33 مليار دولار.
ويضيف أتاجان، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ الخط البياني للتبادل التجاري بزيادة مطردة، فبعد نمو التجارة 17% عام 2022 وأكثر من 10% عام 2023 وصل حجم التجارة لأكثر من 2.2 مليار دولار "وليس 1.5 مليار كما يقال"، معتبراً أن دور القطاع الخاص والحكومي القطري في تركيا "هو في تنام مستمر ومرشح للزيادة بعد تحسين المناخ التركي واعتبار جذب الاستثمارات الخارجية هدفاً لتطوير أداء الاقتصاد التركي وتحسين سعر صرف الليرة"، مذكّراً بدور قطر في تعزيز التبادل ودعم الاستقرار المالي بعد اتفاقية إنشاء خط ثنائي الاتجاه لمبادلة العملة وحزمة من المشاريع الاقتصادية والاستثمارات والودائع في المصرف المركزي التركي.
وقال نائب الرئيس التركي جودت يلماز إنّ "العلاقات مع شقيقتنا قطر تستمد قوتها من روابطنا التاريخية وروح التضامن بين بلدينا، وقد وصلت إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية بالإرادة السياسية القوية للرئيس أردوغان والأمير تميم بن حمد آل ثاني". واعتبر يلماز، في تصريحات سابقة، أنّ اللجنة الاستراتيجية العليا "من أهم آليات تطوير هذه الشراكة، وأن ما يدعو للسرور أن الثقة المتبادلة بين بلدينا تظهر نفسها في أقوى صورة في مجال الاستثمار، وأن التعاون الاقتصادي والمالي والتجاري سيظل إحدى الركائز الأساسية لشراكتنا الاستراتيجية".
وكانت إسطنبول قد استضافت، في فبراير/ شباط الماضي، الدورة الأولى للجنة المشتركة القطرية التركية للتعاون الاقتصادي والتجاري برئاسة وزير التجارة والصناعة القطري الشيخ محمد بن حمد بن قاسم آل ثاني، ووزير التجارة التركي عمر بولاط.
وبحثت اللجنة المشتركة سبل التعاون في قطاعات التجارة والاستثمار، والصناعات التحويلية، والخدمات اللوجستية، وتكنولوجيا المعلومات، والخدمات الرقمية، والخدمات المالية، والغذاء، والزراعة، والخدمات الصحية، والتعليم، واتفق الجانبان على اتخاذ الخطوات اللازمة للمضي قدما في نهج توطيد التعاون التجاري والاستثماري بين البلدين، بهدف زيادة حجم التبادل التجاري بينهما، وتيسير تدفق السلع والخدمات والاستثمارات بين البلدين.
يُذكر أن التعاون بين البلدين تجاوز الأمن والاقتصاد ليشمل التعليم والشباب والثقافة، حيث تم افتتاح المركز الثقافي التركي "يونس إمره" في الدوحة عام 2015 لتعزيز العلاقات الثقافية بين البلدين، وفي العام 2018 أبرمت اتفاقية بين البلدين تشمل تبادل الوثائق التاريخية والمصادر العلمية وتبادل الخبرات الثقافية، كما أبرمت اتفاقية أخرى عام 2021 بين "مكتبة قطر الوطنية" و"مكتبة الأمة" التركية في المجالات العلمية والتقنية والثقافية، كما تم افتتاح أول مدرسة تركية في قطر عام 2016، وهناك حوالي عشر جامعات تركية مدرجة على قائمة وزارة التعليم والتعليم العالي، فضلاً عن تعاون بين البلدين في مجال المنح والبعثات الدراسية.