4 خيارات أمام روسيا لكبح عجز ميزانيتها الآخذ في التفاقم

20 مايو 2023
العقوبات الغربية المشدّدة على النظام المالي عقّدت قدرة موسكو على تأمين تمويلاتها (Getty)
+ الخط -

في الوقت الذي يرتفع فيه الإنفاق العسكري الروسي وتضغط العقوبات على عائدات الطاقة، تواجه موسكو معركة للسيطرة على عجز ميزانيتها، حيث يتوقع عدد قليل من الاقتصاديين الآن أن تلتزم وزارة المالية بوعدها بعجز لا يزيد عن 2% من الناتج المحلي الإجمالي.

فقد قفز الإنفاق الدفاعي بنسبة 282% على أساس سنوي في الفترة بين يناير/ كانون الثاني وفبراير/ شباط فقط، حسبما أظهرت بيانات هذا الأسبوع، وهو تحول أبقى القطاع الصناعي الروسي متقدماً وأدى إلى توقعات مختلفة للنمو الاقتصادي هذا العام.

وعادة ما تسجل روسيا فوائض في الميزانية، لكن العجز في الفترة من يناير إلى إبريل/ نيسان والبالغ 44 مليار دولار أعلى بنسبة 17% من هدف روسيا لعام 2023 بأكمله، مما خلق ضغوطاً مالية مع استمرار موسكو في هجومها العسكري داخل أوكرانيا.

وإضافة إلى الإنفاق المرتفع، تراجعت إيرادات الطاقة 52.3% على أساس سنوي في الفترة من يناير إلى إبريل وفقاً لبيانات الأسبوع الماضي، حيث يخضع النفط والغاز الروسيان لعقوبات غربية وسقوف أسعار.

لكن تبقى هناك 4 طرق يمكن لروسيا أن تستعيد السيطرة من خلالها على ماليتها العامة والتحديات والعقبات المحتملة التي قد تواجهها:

1 - خفض الإنفاق العام في روسيا

دفترياً، فإنّ أبسط طريقة لتقليل العجز هي خفض الإنفاق. وأظهرت البيانات أنّ الإنفاق، الذي تراجع في فبراير ومارس/ آذار، عاد إلى أكثر من 3 تريليونات روبل في إبريل، على غرار مستويات يناير عندما سجل العجز الشهري مستوى قياسياً بلغ 1.76 تريليون روبل. (الدولار= 80.07 روبلاً).

يجب أن يكون الإنفاق للفترة المتبقية من عام 2023 أقل مما كان عليه في نفس الفترة من عام 2022 لتلبية هدف الإنفاق الإجمالي لروسيا البالغ 29.1 تريليون روبل (363 مليار دولار).

وتتوقع أولغا بيلينكايا من شركة "فينام" Finam للسمسرة، عجزاً لا يقل عن 4 أو 5 تريليونات روبل هذا العام، معتبرة أنّ هذا يبدو صعباً بشكل خاص لأنّ الإنفاق، من يناير إلى إبريل، قد وصل بالفعل إلى 39% من الإجمالي.

كما أنّ من الصعب أيضاً معرفة من أين يمكن أن تأتي التخفيضات. إذ لا يُظهر الإنفاق الدفاعي أي علامات على التراجع، وليس أقلها عندما تستعد أوكرانيا لهجوم مضاد طال انتظاره، ويزداد الإنفاق الاجتماعي تقليدياً قبل الانتخابات الرئاسية القادمة بعد نحو 10 أشهر.

وعلاوة على ذلك، فإنّ الإنفاق الضخم هو المحرك الرئيسي للنمو الاقتصادي لروسيا. وفي هذا السياق، قال رئيس الاستثمار في شركة "لوكو-إنفست" Locko-Invest ديمتري بوليفوي، إنّ "التفاؤل الحالي في الاقتصاد مرتبط بدرجة كبيرة بإنفاق الدولة النشط للموارد، بما في ذلك على الدفاع".

وأضاف أنّ "الاقتصاد، من وجهة نظرنا، يشبه الآن لاعب كمال أجسام على المنشطات. وبمجرد استنفاد هذه المنشطات، سيكون من الصعب جداً على الاقتصاد إظهار النمو".

2 - زيادة الاقتراض المحلي في روسيا

الأسواق الدولية مغلقة إلى حد كبير أمام الدولة الروسية، وقد حث البعض موسكو على أن تكون أكثر شجاعة في الاقتراض المحلي لتعويض هذا النقص.

من هؤلاء الأستاذ في المدرسة الروسية العليا للاقتصاد أوليغ شيبانوف الذي قال إنّ هناك متسعاً للمناورة، مضيفاً: "لدينا ديون حكومية منخفضة للغاية ومن وجهة النظر هذه، فإنّ توسيع سوق سندات الخزانة OFZ قد يستمر لسنوات عديدة أخرى".

لكن الخبير الاقتصادي في مركز "سنترو كريديت" يفغيني سوفوروف، قال إنّ معدلات الاقتراض التي تزيد عن 10% للتمويل طويل الأجل كانت مرتفعة للغاية، مشيراً إلى أنّ "القيد الرئيسي لتراكم الديون السريع هو ارتفاع تكلفته بسبب استمرار حالة عدم اليقين والمخاطر العالية للغاية".

3 - مقترحات لزيادة الضرائب في روسيا

على هذا الصعيد، تقول صوفيا دونيتس من "رينيسانس كابيتال": "إذا كنت وزارة مالية محافظة ولا تريد الاقتراض كثيراً وبكلفة باهظة، فأنت تبحث عن خيارات أخرى، بحيث يمكنك خفض الإنفاق الآخر (باستثناء الدفاع) إذا لم تكن لديك دورة انتخابية، وهو ما نقوم به".

وهذا ما يترك مجالاً للخيار الثالث وهو زيادة الضرائب. فقد أعلنت الحكومة الروسية فعلاً عن خطط لفرض ضريبة غير متوقعة لمرة واحدة على أرباح الشركات، لكن قد تتبعها زيادات ضريبية أخرى.

في هذا الإطار، يتوقع شيبانوف زيادة العبء الضريبي على الروس الأثرياء أولاً، مشيراً إلى أنّ "بعض الضرائب التي سيتم فرضها ستبدو على الأرجح ضرائب "العدالة الاجتماعية"، متوقعاً استمرار التجارب مع التغييرات في ضريبة الدخل.

4 - الاستفادة من الصندوق السيادي الروسي

هذا وأنفقت وزارة المالية نحو 3 تريليونات روبل لتغطية العجز في العام الماضي من "صندوق الثروة الوطني" NWF الذي يراكم فائض عائدات النفط والغاز.

وصرفت الوزارة 400 مليار روبل هذا العام، ويمكن أن تنفق بموجب القانون ما يصل إلى 2.9 تريليون روبل. بحلول عام 2024، فيما تتوقع وزارة المالية أنّ الأموال المتاحة من الصندوق الوطني قد تنخفض إلى 1.4% فقط من الناتج المحلي الإجمالي، وهو أدنى مستوى منذ 20 عاماً.

هنا يتوقع الأستاذ في المدرسة العليا للاقتصاد في روسيا ييفغيني كوغان عجزاً في نهاية العام قدره 6 تريليونات روبل، أو 3.9% من الناتج المحلي الإجمالي، معتبراً أن الاقتراض المحلي والصندوق السيادي الوطني هما السبيل لتمويل العجز، مضيفاً: "إنه أمر غير سار، لكنه ليس مأساوياً".

(رويترز، العربي الجديد)

المساهمون