3 عوامل تعزّز فرضية تراجع العولمة وانكفاء الدول

30 نوفمبر 2022
"وول ستريت" تحولت بعد التسعينيات إلى بورصة لكل العالم (getty)
+ الخط -

لاحظ خبراء أن هناك تراجعاً ملحوظاً في عولمة التجارة والاقتصاد والحدود المفتوحة بين الدول التي تبناها العالم بقوة في العقود الأخيرة عبر تحرير الأسواق والتجارة وإصلاح القوانين المنظمة للتبادل الحر بين الدول عبر منظمة التجارة العالمية.

ويشيرون في هذا الصدد إلى ثلاثة عوامل رئيسية أدت إلى تراجع العولمة، وهي ارتفاع معدلات التضخم، والحرب الروسية على أوكرانيا، وحدّة التنافس بين الصين والولايات المتحدة وتداعياتهما على سلاسل الإمداد والسلع الأولية والطاقة والغذاء. 

ويقول الخبير الاقتصادي بمعهد بروغيل للدراسات ببروكسل، أندريه سابر، في تحليل بهذا الصدد على موقع المعهد، على الرغم من أن العولمة أنتجت ثروة هائلة للدول والمجتمعات خلال العقود الأخيرة، ولكنها في ذات الوقت ولدت تفاوتاً هائلاً في الدخول والمستويات الاجتماعية، مما أدى إلى رد فعل اقتصادي وسياسي عنيف ضدها في بعض الدول.

الانتقادات بالدول الغربية للعولمة تنامت خاصة بعد اشتداد حدة التنافس التجاري بين الصين والولايات المتحدة، واشتعال الحرب بين روسيا وأوكرانيا

ولاحظ أن الانتقادات بالدول الغربية للعولمة تنامت، خاصة بعد اشتداد حدة التنافس التجاري بين الصين والولايات المتحدة، واشتعال الحرب بين روسيا وأوكرانيا.

وفي ذات الشأن، يقول البروفسور بجامعة "ويسترن واشنطن" الأميركية، أدوارد ألدن، إن هناك شبه إجماع في الدول الغربية على أن الوقت قد حان للتراجع عن العولمة.

ويرى ألدن أن المجتمعات الغربية ترى الآن أن المسار الأفضل لها هو السيطرة على الحدود بشكل أكثر إحكاماً، وبناء سلاسل إمداد مرنة، والسعي لتحقيق الاكتفاء الذاتي في التقنيات الحيوية، وفرض عقوبات تجارية على الخصوم بغض النظر عن قواعد التجارة العالمية.

ويقول في تحليله، لكن  على الرغم من ذلك فإن التخلي عن العولمة سيكلف الدول الغربية ثمناً ويرفع من المخاطر. ومن المخاطر التي يذكرها البروفسور الأميركي ارتفاع التضخم ونقص العمالة وعودة للحمائية والصدمات المحتملة على النظام المالي العالمي. 

ويتصدر التضخم قائمة التداعيات السلبية التي يذكرها للتخلي عن العولمة. ويقول ألدن بغض النظر عن السلبيات التي تحيط بالتكامل العالمي، فقد لعبت العولمة دورًا رئيسيًا في إبقاء التضخم تحت السيطرة على مدى أربعة عقود.

ويرى البروفسور ألدن أن السعي الدؤوب من قبل الشركات العالمية لخفض التكاليف عبر سلاسل التوريد الرخيصة من أي مكان كان في العالم واستخدام الإنتاج في الوقت المناسب لتقليل المخزونات، كان السبب الرئيسي وراء انخفاض أسعار معظم السلع الاستهلاكية في السوق الأميركي حتى مع ارتفاع الطلب العالمي. 
كما يقول إن التجارة الحرة ساهمت بدور رئيسي في إجبار الشركات المحلية بأميركا على إبقاء الأسعار منخفضة للتنافس مع الواردات.

التجارة الحرة ساهمت بدور رئيسي في إجبار الشركات المحلية بأميركا على إبقاء الأسعار منخفضة للتنافس مع الواردات

يذكر أن العولمة شهدت فترة من التراجع خلال عقود ما بعد الحرب العالمية وحتى سقوط الإمبراطورية السوفيتية بسبب الانقسام العالمي إلى معسكرين، ولكنها أدت للانتعاش بحلول أوائل الثمانينيات، حيث عاد التكامل التجاري العالمي إلى المستوى الذي وصل إليه في العام 1914.

ويرى محللون أن القوة الدافعة الرئيسية لهذا التكامل هي تحرير التجارة في الاقتصادات المتقدمة، بينما كانت أجزاء شاسعة من العالم منغلقة على نفسها وبشكل رئيسي الصين والاتحاد السوفييتي وإلى حد ما الهند.

وفي أوائل التسعينيات وبعد سقوط "الستار الحديدي" بين الشرق والغرب وانهيار جدار برلين، ساهم التقدم التقني في ربط العالم أكثر، حيث دخل مرحلة أعمق من العولمة  للأسباب نفسها التي دعمت الموجة الأولى منها، وعلى رأسها التقدم التكنولوجي في النقل والاتصالات والسفر.

المساهمون