200 مليار دولار خسائر متوقعة للخليج من كورونا... والسعودية أكبر الخاسرين

03 فبراير 2020
حلت السعودية في مقدمة الخاسرين (فايز نور الدين/فرانس برس)
+ الخط -

 

مع تفشي فيروس كورونا ووفاة مئات الأشخاص، انتابت حالة من الهلع الأسواق العالمية، انتقلت على إثرها إلى دول الخليج، حيث تكبّدت بورصاتها خسائر باهظة، مع تصاعد المخاوف من الأضرار الاقتصادية التي قد تنجم عن المرض الجديد.
ومن المتوقع أن يكلف كورونا الاقتصاد الخليجي خسائر قد تصل إلى 200 مليار دولار، حسب مراقبين لـ"العربي الجديد"، وخصوصاً مع تفاقم القلق من تباطؤ النمو وحالة ركود واسعة ستؤثر سلباً بأهم مورد يستحوذ عليه الخليج، وهو النفط.

وسبّبت المخاوف من انتشار الفيروس التاجي كورونا، موجة بيع، في أولى جلسات التداول في سوق الأسهم الصينية، بعد عطلة العام القمري الجديد، ليتكبد المؤشر الرئيسي خسائر بلغت 420 مليار دولار، أمس الاثنين.

جاء التراجع الحاد في السوق، على الرغم من ضخ البنك المركزي الصيني سيولة في النظام المالي للبلاد، وتخصيص نحو 173 مليار دولار لمكافحة كورونا.


ووصل عدد الوفيات في الصين بسبب الإصابة بالفيروس إلى 361، حتى أول من أمس، بعد أن كان 17 فقط في جلسة التداول الأخيرة قبل العطلة، يوم 23 يناير/ كانون الثاني.

وتراجعت أسعار النفط، خلال الفترة الأخيرة، بشكل حاد، مع تزايد مخاوف تضرر الطلب جراء ارتفاع عدد الوفيات إلى خانة المئات بسبب الفيروس منذ إعلان ظهوره. وهبطت أسعار خام برنت في التعاملات المبكرة أمس الاثنين، إلى أقل مستوياتها في ما يزيد على عام، نتيجة المخاوف من تراجع الطلب في الصين، أكبر مستورد للنفط في العالم، وهبط سعر برميل برنت إلى ما دون 56.5 دولاراً.

 

التجارة مع الصين

وحسب بيانات أصدرها موقع وزارة الخارجية الصينية، تطور حجم التعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين ودول الخليج الست بشكل سريع في السنوات الأخيرة. ففي عام 2018، بلغ حجم التجارة الثنائية 162.6 مليار دولار، حيث سجلت الصادرات الصينية 56.9 مليار دولار، مقابل واردات بقيمة 105.7 مليار دولار، بزيادة 27.4% و3.5% و45.5% على أساس سنوي على التوالي. ويستحوذ النفط على نسبة كبيرة من واردات بكين من دول الخليج. وبلغ إجمالي حجم التجارة بين الدول العربية والصين نحو 244 مليار دولار في 2018، بزيادة 28% على أساس سنوي.

وتتصدر الإمارات خليجياً العلاقات التجارية مع الصين، إذ يبلغ حجم التبادل التجاري بينهما سنوياً نحو 63 مليار دولار، بحسب بيانات وزارة الاقتصاد الإماراتية، بينما يبلغ حجم تجارة بكين مع الرياض نحو 60 مليار دولار سنوياً، وفقاً لبيانات غرفة التجارة السعودية، حيث تعتبر الصين أكبر شريك اقتصادي لها، بينما يبلغ حجم التبادل مع الكويت 19 مليار دولار، ومع قطر نحو 13 مليار دولار سنوياً، وفقاً لبيانات رسمية.

ويثير الحجم الضخم للتبادل التجاري بين الصين ودول الخليج، قلقاً بالغاً حيال مصير مليارات الدولارات العالقة بينهم في الوقت الراهن، وذلك بعد فرض شبه حظر على الواردات الصينية ووقف الطيران المتبادل مع بعض الدول أيضاً.

 

البورصات تتهاوى

وتأثرت أسواق الخليج بأسعار النفط التي هوت بشكل كبير نهاية الأسبوع الماضي على وقع تفشي الفيروس الصيني، حيث تراجع الخام الأميركي بنحو 4.8 بالمائة الأسبوع الماضي فقط. وواصلت شاشات أسواق المال الخليجية رحلة هبوطها خلال اليومين الماضيين ليطغى على معظمها اللون الأحمر خوفاً من الفيروس. وحسب رصد "العربي الجديد" لبيانات البورصات الخليجية الرسمية، خلال الفترة من 16 يناير وحتى نهاية جلسة أول من أمس، بلغت خسائر أسواق المال في الخليج 78.18 مليار دولار، إذ جاءت السعودية في مقدمة الخاسرين، بتكبدها 57.8 مليار دولار، وأبوظبي 700.2 مليون دولار، ودبي 381 مليون دولار، والكويت 15.6 مليار دولار، وقطر 3.7 مليارات دولار، وخسائر هامشية للبحرين، فيما حققت مسقط مكاسب، وليس خسائر، بقيمة 104.03 ملايين دولار.

وفي هذا السياق، يؤكد أستاذ الاقتصاد في جامعة الكويت، عبد الله الكندري، لـ"العربي الجديد" أن الأسواق الخليجية ستمر هذا الأسبوع بأداء عرضي يميل إلى التراجع مع هبوط الأسهم العالمية، ولا سيما الأميركية، التي سجلت في ختام تعاملات الأسبوع الماضي خسائر تقدَّر بنحو 170 نقطة. ويضيف الكندري أن المخاوف المتعلقة بانتشار الفيروس لا يمتد أثرها على الأسواق فقط، ولكن طاول معنويات المستثمرين أيضاً، وهو ما قد يؤدي إلى توجههم نحو الأصول الآمنة على غرار الذهب للتحوط في أوقات الأزمات.

ومن ناحية أخرى، يرى المدير العام لإدارة الأصول في الشركة الدولية للاستثمار، عبد الله البابطين، خلال حديثه لـ"العربي الجديد" أن الأثر الفوري لانتشار الفيروس في الصين ظهر في صورة تراجع في الطلب على وقود الطائرات بنحو 200 ألف برميل، مع تراجع الطلب على السفر في أحد أهم المواسم السياحية في الصين، وهو رأس السنة الصينية. وحسب البابطين، من المتوقع أن يكلف هذا الفيروس الاقتصاد الخليجي خسائر قد تصل إلى 200 مليار دولار في حال تصاعد الأزمة.
ويضيف البابطين أن الأسواق الخليجية متوقع لها أن تدخل موجة هبوط عالية جراء هلع المستثمرين في المنطقة العربية وعالمياً. وحسب البابطين، ستدفع هذه الحالة البعض إلى التوقف لمشاهدة ما ستؤول إليه الأحداث خلال الأيام المقبلة، والبعض الآخر سيتجه إلى إجراء عمليات بيع تخوفاً من زيادة الخسائر.

من جانبه، يرى مسؤول إدارة المتابعة للأسواق العالمية في شركة توب إنفستمنت، عبد الله العنزي، في حديثه لـ"العربي الجديد" أن "حركة السياحة أيضاً في المناطق المصابة تتأثر بشدة، وفي بعض حالات تفشي الأوبئة طويلة الأمد على غرار فيروس نقص المناعة والملاريا، فإن هذا يؤثر بتدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى تلك البلدان".

المساهمون