"لقد كانت زيارة المغرب حلماً لي. كنت أرغب دائما في ركوب الجمال، رؤية الصحراء، استكشاف المدن الشبيهة بالمتاهة، وشرب الشاي، الغوص في الثقافة والفن". يقول ماث نومانديك، مؤسس مدونة سياحية، ويضيف: "وبينما كنت أطل على الكثبان الحمراء الرملية، وأراقب آثار الجمال، أيقنت بأن حلمي قد تحقق".
سافر ماث نومانديك مع مجموعة من أصدقائه إلى المغرب، وعاش تجربة فريدة، في بلاد تحتضن الثقافة والتاريخ، والتقاليد العريقة. من مراكش إلى الصويرة، كازبلانكا، الصحراء، وجبال أطلس، أماكن تختزن قصصاً رائعة.
أسباب كثيرة تجعل زيارة المغرب واحدة من الرحلات السياحية التي لا بد من التخطيط لها. الطعام المغربي الفريد، الآثار التاريخية، الفن المعماري، الثياب التقليدية، الغناء، وحتى ألعاب الخفة التي تصادفها في الشوارع والأسواق الشعبية، تجعل من الزيارة تجربة فريدة لا تنسى.
ألف ليلة وليلة
في المغرب، تختبر عدة نشاطات. رحلات إلى قلب الصحراء، حيث الكثبان الرملية، زيارة الأماكن التاريخية، المساجد، الأسوار، وغيرها. أيضاً هناك المدن القديمة، والتي تعتبر القلب التاريخي للمغرب. مناطق سكنية بسيطة، ومراكز تسوق، ومحال صغيرة للطعام.
"أمضيت ساعات في التجول في هذه الأماكن، ندخل في زقاق، ونخرج إلى ساحة عامة. تشبه المدن القديمة، حكايات ألف ليلة وليلة. لذا فإنّ زيارتها تعيدك مئات السنين إلى الوراء"، بحسب نومانديك.
ويشير إلى أنّه شعر فعلاً بالمتاهة في هذه الأحياء التقليدية، واصفاً إياها بـ"المتاهة الجميلة" التي انتهت عند مطعم يقدم أشهر أطباق الكسكس المغربي.
ولا تمكن زيارة المغرب، دون المرور بالحمامات المغربية، والتي يعود تاريخها إلى مئات السنين. يقول نومانديك: "إنها كانت بالنسبة لنا، تجربة جديدة، روائح المعطرات والبخور، تعطيك طاقة حيوية، وتساعدك على الاسترخاء، والهدوء، كما أن هندستها المعمارية الفريدة، تجعلك أمام تحفة فنية نادرة".
جبال الأطلس
تغطي جبال الأطلس معظم مناطق المغرب، ويصف نومانديك زيارته لها قائلاً: "قضينا الكثير من الوقت في المناطق المنخفضة والمتوسطة والعالية، كان الجزء المفضل لدي عندما اجتزنا سلسلة الأطلس الكبير، وتسلقنا لمدة ساعة الجبل، للوصول إلى مزرعة صغيرة، حيث قضينا الليل مع عائلة محلية طهت لنا عشاء الطاجن والأومليت".
ويضيف أنه "في الليل، تجتمع العائلات في الساحات القديمة، تشعل النار، وتبدأ الأحاديث، وهي فرصة مناسبة للاستماع إلى قصص القرويين، حيث يسردون لك حكايا عاشوها منذ سنوات ماضية. أمضينا الليلة تحت ضوء النجوم، بعدما تجمعنا حول النار، نتبادل الأحاديث والصور الفوتوغرافية".
ويكمل أنه "في اليوم التالي، كان هناك متسع للوقت لاكتشاف جمال الطبيعة، والتنزه بين الأودية، والمشي عبر مجرى الأنهار. سياح كثيرون يعبرون عن مدى فرحهم وإعجابهم عند زيارة جبال الأطلس، في الصيف، تكثر النشاطات الترفيهية، كتجربة ركوب الجمال، والمشاركة بالألعاب الرياضية. أما في الشتاء، فتصبح منحدرات الجبال حلبات للتزلج، تجذب عشاق هذه الرياضة من جميع أنحاء العالم".
يوم في الصويرة
لطالما عرف شاطئ الصويرة بهدوئه، وجماله، وتنوع النشاطات الترفيهية فيه. إلا أن تجربة نومانديك كانت مختلفة. "ساعتان من الزمن، قضيناها في رحلة لركوب الخيل على الشاطئ"، كما يقول.
هناك، بدأت السلطات الاهتمام بالنشاطات السياحية بالقرب من الشاطئ، حيث سمحت للمرشدين السياحيين بترتيب جولات هناك. يساعد الدليل السياح في اكتشاف الوجه الآخر للمنطقة. البداية تكون من أمام الشاطئ، حيث تمضي وقتاً رائعاً مع الخيول، تتجول على الشاطئ، ثم تنتقل إلى قلب المدينة بعدها.
ينتقل السائح ما بين أسوار المدينة، والمنازل التقليدية البيضاء، يصل إلى الساحات الهادئة، فأسواق الحرفيين في ورش صغيرة. ينتهي اليوم في الصويرة عند المرفأ، فإذ بالصيادين ينتظرون لتقديم أنواع مختلفة من الأسماك والثمار البحرية المختلفة، فتبدأ رحلة تذوق الأطعمة البحرية بالنكهة المغربية.
المغرب الساحر
"المغرب ببساطة ساحر. مكان يمكن أن تستكشفه لأشهر ولا تتعب منه أبداً"، بهذه العبارات يختم نومانديك تدوينته عن زيارته للمملكة. "فالبلد يجمع ما بين روعة الصحراء، جمال المدن القديمة، قوة وشموخ الجبال، وأكثر من ذلك، ضيافة أهله، وحبهم للسياح والزوار".
يعجب السياح أيضاً بالحرف التقليدية والورش التي لا تزال تعمل بأدوات قديمة. ففي الأسواق التراثية، لا بد أن تصادف ورش الحرفيين، يعملون لساعات لصناعة قطع شبيهة بالفسيفساء الفنية، ولذا عادة ما يحاول السياح اقتناء الكثير من هذه التحف الفنية، كنوع من الهدايا التذكارية. ولا يحلو شرب الشاي بالنعناع إلا بالقرب من الورش، بحسب ما يشير إليه نومانديك، "فالشاي له طعم خاص في الأحياء الشعبية".
نعم، من الآمن أن نقول إن هذه الوجهة الواقعة في شمال أفريقيا بها عدد لا يحصى من مناطق الجذب التي لا بد من زيارتها.
تعد السياحة أحد أبرز الموارد الاقتصادية التي يعتمد عليها المغرب، ففي شهر يونيو/ تموز 2019، وبحسب إحصاءات السياحة المغربية، ازدادت نسبة السياح بنحو 13% مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي، حيث يجذب المغرب العديد من السياح من حول العالم، نظراً لما يتمتع به من بنية تحتية، ومراكز ترفيهية، إضافة إلى المعالم الطبيعية والأثرية.
عززت الحكومة المغربية من أدوات استقرار اقتصادها المحلي، عبر تنمية وتنويع مختلف القطاعات إلى جانب القطاع الزراعي، مصدر الدخل الرئيسي للبلاد في الناتج المحلي الإجمالي.
يعتمد المغرب أيضاً على قطاعات مختلفة لدفع عجلة النمو، وبحسب التوقعات، فإنّ الاقتصاد المغربي، سيسجل نمواً، بنسبة 2.4% في الربع الثالث من العام 2019، بدلاً من 2.5% في الربع السابق، بسبب تباطؤ وتيرة القيمة المضافة غير الزراعية، وفق بيان لوكالة الإحصاء الرسمية المغربية.
وأشاد صندوق النقد الدولي بالاقتصاد المغربي وخطط التنوع التي تقودها الحكومة، وقال إن الاقتصاد المغربي يستفيد من سياسات الاقتصاد الكلي الحكيمة والإصلاحات الهيكلية التي تم اتباعها.
بعيداً من النمو والأرقام، فإن تكاليف السياحة إلى المغرب، ليست مرتفعة، خاصة إن تمكن السائح من اختيار الفنادق الشعبية ذات التراث التقليدي، حيث لا تتعدى تكلفة الإقامة 10 دولارات، أما في حال أراد الإقامة في فنادق مصنفة بأنها ذات 5 نجوم، فإن الأسعار ستكون أعلى بالتأكيد.
أضف إلى ذلك، أن تكاليف الطعام والشراب، وشراء الهدايا التذكارية تعد منخفضة جداً، حيث يمكن الاستمتاع بالأطعمة الشعبية، بأسعار لا تتعدى 5 دولارات.
وعليه، فإن زيارة المغرب ليست ذات تكاليف مرتفعة، يبقى فقط سعر تذكرة السفر، والذي يختلف بحسب الوجهة.