مصر تدفع غرامة ضخمة لإسرائيل: فساد مالي يفاقم الديون

17 يونيو 2019
زيادة الديون تفاقم معيشة المصريين (فرانس برس)
+ الخط -

 

توصلت القاهرة إلى تسوية قيمتها نصف مليار دولار مع هيئة كهرباء إسرائيل بشأن اتفاق للغاز الطبيعي توقف العمل به، الأمر الذي اعتبرته أوساط اقتصادية خسارة فادحة لمصر ستضر بموازنتها المالية وتفاقم ديونها.

كما فتحت الغرامة الضخمة التي وافقت مصر على دفعها ملف فساد تصدير الغاز المصري إلى إسرائيل، حسب متخصصين في قطاع الطاقة لـ"العربي الجديد".

وقال أمين لجنة الصناعة والطاقة السابق في البرلمان المصري، حاتم عزام، إن التعويض التي ستقوم الحكومة المصرية بدفعه هو استمرار لمسلسل فساد مالي وسياسي بغيض في قضية تصدير الغار المصري لسلطات الاحتلال، والممتد منذ عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك والذي ثار عليه المصريون في 25 يناير 2011 وصولاً إلى الانقلاب العسكري على الثورة في 3 يوليو/تموز 2013 وحتى الآن.

وأكد عزام لـ"العربي الجديد" أن الغرامة الضخمة تمثل عبئا ثقيلا جديدا على موازنة الدولة المصرية التي تئن لأسباب كثيرة لعل أهمها ارتفاع الدين العام إلى حدود غير آمنة إذ تضاعف قرابة 4 مرات ما كان عليه في 2013 وما يترتب على ذلك من عبء خدمة الدين على الموازنة حيث يصل هذا البند فقط إلى 80%؜ من إيرادات الدولة المصرية في الموازنة.

‫وأوضح أن مسألة تصدير الغاز لإسرائيل في عهد مبارك تمت بالأساس بالتحايل على الدستور والقانون بواسطة وزير البترول آنذاك سامح فهمي ورجل الأعمال حسين سالم، المقرب من مبارك والذي تم إسناد أمر تصدير الغاز المصري لسلطة الاحتلال إليه من خلال شركة يمتلكها.

وأضاف عزام أن عملية الفساد طاولت السعر إذ ورّدت هيئة البترول المصرية الغاز لسالم بأقل من 30% من قيمته المعلنة (75 سنت للمليون وحدة حرارية) في حين أن سعر وزارة البترول التي تشتري به نفس الغاز من الشركاء الأجانب في مصر كان 2.45 دولار للمليون وحدة حرارية، ما تسبب في خسارة فادحة للموازنة العامة المصرية.

وأشار عزام إلى أن هناك مسارات أخرى كان يمكن أن تجنب المصريين هذه الأعباء المالية الرهيبة، لكن كي يتسني القيام بها فإنه يتعين أن تكون هناك إرادة سياسية تشكيل فريق (سياسي، فني، قانوني) للتعامل مع هذا الملف وتجنيب المصريين مزيداً من الأعباء الرهيبة التي تعني بالنهاية مزيداً من الفقر لهم.

وأوضح أن مصر ستستورد الغاز الآن من إسرائيل بأضعاف الثمن الذي صدرته وبقيمة 15 مليار دولار على مدار 10 سنوات، وهذا الغاز من حقول مصرية تركها النظام المصري الحالي لسلطات الاحتلال الإسرائيلي في حين أنها تقع في المياه الاقتصادية المصرية، حسب اتفاقيات الأمم المتحدة لقانون البحار.

وقالت الهيئة المصرية العامة للبترول والشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية في بيان، مساء أول من أمس، إنهما توصلتا إلى اتفاق ودي لحل النزاع القائم بين الأطراف وتسوية وتخفيض مبلغ الحكم الصادر لصالح هيئة كهرباء إسرائيل إلى 500 مليون دولار.

وذكر البيان أن مبلغ التسوية سيتم سداده على ثماني سنوات ونصف بواقع 60 مليون دولار دفعة مقدمة في تاريخ تفعيل اتفاق التسوية.

وجاء ذلك بعد نحو أسبوعين من كشف تقارير إسرائيلية عن بدء الضخ التجريبي لغاز الاحتلال إلى مصر.

وفي عام 2015، أمرت غرفة التجارة الدولية، مصر بسداد تعويض قدره حوالي 1.8 مليار دولار لشركة كهرباء إسرائيل الحكومية.

ومن جانبه، قال الخبير الاقتصادي عبد النبي عبد المطلب لـ"العربي الجديد" إن صفقة الغاز لإسرائيل كان بها الكثير من العوار، فالغاز المصري أمّن الكهرباء للاحتلال بأسعار زهيدة. وأضاف عبد المطلب أن الصهاينة وعملاءهم وضعوا الاتفاقية بشروط تضمن لهم عدم قدرة مصر على التخلص منها.

وتابع: عندما بدأ تفجير أنبوب الغاز المصري الواصل لإسرائيل في سيناء أكثر من مرة، ورفع بعضهم دعاوى قضائية لوقف تصدير الغاز، اضطر المجلس العسكري إلى وقف ضخ الغاز لإسرائيل فلجأت إلى التحكيم الدولي وحصلت على الحكم.

وكان من الممكن أن تتمكن مصر من تجنب هذا الحكم لو حاكمت مبارك وأركان نظامه بتهمة إفساد الحياة السياسة وأصدرت أحكاما نهائية، حسب عبد المطلب.

المساهمون