ودعا اشتية في كلمة فلسطين أمام اجتماع المانحين (AHLC) في العاصمة البلجيكية بروكسل، إلى الضغط على إسرائيل والتدخل لإيجاد مدققين دوليين على الفواتير التي تقتطعها إسرائيل من أموال المقاصة بغير وجه حق.
ووضع رئيس الوزراء الفلسطيني المجتمعين في صورة الوضع الاقتصادي والسياسي الفلسطيني، معتبرا أن "هناك حربا مالية على السلطة تشنها الولايات المتحدة وإسرائيل بهدف سياسي، وهو جرها للاستسلام والتوقيع على ما لا يلبي الحد الأدنى من الحقوق الفلسطينية، وهذا محال".
وقال رئيس الوزراء الفلسطيني: "خلال الشهر الماضي ورغم وقف التحويلات الطبية للمستشفيات الإسرائيلية، تم خصم 20 مليون شيقل (5.5 ملايين دولار تقريبا)، وهذا يعكس سياسة القرصنة التي تمارسها إسرائيل".
وأضاف أن "الرفض الفلسطيني لاستلام أموال المقاصة المقتطعة منها رواتب الأسرى والشهداء، رغم الأزمة الخانقة، له أسباب سياسية ووطنية وقانونية، إلى جانب أن قضية الأسرى والشهداء قضية تلامس مشاعر كل فلسطيني، فإن استلامنا الأموال المنقوصة يعني اعترافا بالادعاء الإسرائيلي بأن هذه الأموال تدفع لتمويل الإرهاب، ما سيجلب عواقب قانونية على السلطة الوطنية والنظام البنكي الفلسطيني".
وأوضح اشتية أن المشاكل البنيوية التي يعاني منها الاقتصاد الفلسطيني ناتجة عن علاقة تبعية كولونيالية كرستها إسرائيل بإجراءاتها على مر السنوات الماضية، مؤكدا أن الحكومة تسعى لكسر هذا الأمر الواقع باتخاذ خطوات جدية للانفكاك التدريجي من هذه العلاقة غير السوية.
وقال اشتية: "يأخذ علينا بعضكم رفضنا لما يسمى صفقة القرن قبل رؤيتها، لكننا رأينا إجراءات تفوق أي نص، فالولايات المتحدة أغلقت مكتب منظمة التحرير في واشنطن، وعملت على تجفيف الموارد المالية لأونروا، وكذلك نقلت السفارة للقدس واعترفت بها عاصمة لإسرائيل".
وبيّن اشتية أن تسلُّم مهامه رئيساً للوزراء رافقه مزاج شعبي إيجابي وتوقعات عالية، لافتاً إلى ضرورة عدم السماح لهذا المزاج بالانهيار، نتيجة الوضعين السياسي والمالي المعقّدين للسلطة.
من جانبه، طالب وزير المالية والتخطيط الفلسطيني شكري بشارة خلال كلمته التي ألقاها في اجتماع المانحين، المجتمع الدولي بضرورة الحفاظ على ما أسسته السلطة الوطنية الفلسطينية خلال 25 عاما المنصرمة، وسد الفجوة الكبيرة بين الحقوق التي ضمنتها اتفاقية باريس والتي خرقتها إسرائيل مرات عديدة.
كما طالب بشارة المجتمع الدولي بالضغط على إسرائيل للانصياع لقواعد التحكيم الإلزامي مع الجانب الفلسطيني، بغية التغلب على النزاعات الاقتصادية والمالية الحالية، باعتباره الخيار الوحيد الذي يمكن من خلاله تعديل بنود بروتوكول باريس والحفاظ على التنمية الاقتصادية في فلسطين.
وأكد بشارة أن الحكومة الفلسطينية ركزت جهودها خلال السنوات الخمس الماضية لتقليل العجز المالي الحالي، وتوجيه الموارد المتاحة إلى التطوير والاستثمار التدريجي، والاستعداد للسيناريو الحتمي المتمثل في تراجع تدفق المساعدات وذلك من خلال تعزيز الاعتماد الذاتي على الموارد المالية المتاحة.
وأوضح بشارة أن الحكومة الفلسطينية نجحت في مضاعفة الإيرادات خلال السنوات الخمس الماضية مع الاحتفاظ بنفقات تراكمية بنسبة تقل عن 10%، وعملت على تقليص العجز المالي الذي بلغ 12% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2013 إلى 4.5% في عام 2018، وذلك بالرغم من انخفاض المساعدات الدولية بشكل كبير خلال نفس الفترة من 1.2 مليار دولار في عام 2013 إلى ما لا يزيد عن 450 مليون دولار في عام 2018، مع الحفاظ على الدين العام المحلي بنسبة متواضعة تبلغ 11% من الناتج المحلي الإجمالي.
وشدد بشارة على ضرورة تحرير الاقتصاد الفلسطيني من التبعية للاقتصاد الإسرائيلي، باعتبار أن الاقتصاد الفلسطيني ومدخراته يعتمدان بشكل رئيسي على المبالغ المستردة من الضرائب الشهرية التي يتعين على إسرائيل تحويلها للجانب الفلسطيني التزاماً بأحكام بروتوكول باريس، وتشكل هذه المبالغ حوالي 60% من الإيرادات العامة، عدا عن أن إسرائيل استخدمت أموال العائدات الضريبية كأداة للإكراه السياسي من خلال تجميد تحويلها في كل مرة بهدف تدمير الاقتصاد الفلسطيني.
وقال بشارة: "نتيجة لتعنت إسرائيل وتعديها المستمر على أموالنا وقيامها بالخصومات الأحادية الجانب، فقد قررت القيادة الفلسطينية رفض استلام أية أموال منقوصة، وطالبناها بالتحويل الفوري لجميع أموالنا من دون أية خصومات غير قانونية أو غير مصرح بها، ولم تستجب إسرائيل حتى الآن لأي من مطالبنا؛ ونتيجة لذلك حرمنا فعليًا من 60% من إيراداتنا".
وأضاف بشارة أن "السلطة الفلسطينية وفي ضوء هذه التطورات المؤسفة اضطرت إلى إدارة أعمالها بنسبة 40% من عائداتها، حيث بدأت منذ شهر فبراير/شباط من هذا العام باعتماد موازنة طوارئ تستند إلى التقنين النقدي وغيرها من تدابير تقشفية شديدة".
وطالب بشارة بضرورة التدخل العاجل والفوري للضغط على إسرائيل لتحويل أموال الشعب الفلسطيني كاملة غير منقوصة، ودعم مساعي القيادة الفلسطينية للوفاء بالالتزامات اتجاه أبناء الشعب الفلسطيني في أماكن وجوده كافة.