زراعة اليمن في مرمى قصف التحالف: تدمير 131 منشأة

13 نوفمبر 2019
خسائر باهظة تكبدتها الزراعة من الحرب (محمد حمود/الأناضول)
+ الخط -

 

اتهمت اللجنة الخاصة بحصر الأضرار في القطاع الزراعي في اليمن (تابعة للحوثيين)، التحالف العربي بقيادة السعودية بتعمد تدمير القطاع بشكل مباشر، مؤكدة أن البلاد تعتمد على الزراعة كمورد رئيسي للاقتصاد الوطني، يساهم في توفير الغذاء ومكافحة الفقر والبطالة.

وكشفت لجنة الحصر التي تتبع وزارة الزراعة الخاضعة لسيطرة الحوثيين في تقرير اطلعت عليه "العربي الجديد" عن تدمير 131 منشأة زراعية حيوية تم قصفها بشكل كلي وجزئي من قبل التحالف.

والمنشآت عبارة عن أسواق زراعية ومبان ومكاتب ومراكز صادرات، إضافة إلى مخازن ومستودعات ومنشآت مائية وكذا مصانع مستلزمات زراعية ومخازن حبوب. مسؤول في اللجنة اعتبر في حديث لـ"العربي الجديد"، أن محافظة صعدة شمال اليمن الأكثر تضرراً، خصوصاً في الجانب الزراعي كونها من بين المناطق الزراعية المهمة في البلاد، والأكثر استهدافاً من قبل التحالف.
وحسب نفس المسؤول، الذي رفض ذكر اسمه، فإن قصف الزراعة في صعدة أدى إلى أضرار بالغة في الحقول، خصوصاً المزروعة بالرمان والليمون والعنب التي تشتهر محافظة صعدة بزراعتها وإنتاجها.

ويشير إلى الأضرار غير المنظورة، قائلا "كما هو معلوم استخدم التحالف أحدث الأسلحة الأشد فتكاً، والتي خلفت دماراً هائلاً وخسائر فادحة وأضراراً كارثية، ستبقى آثارها السلبية لعشرات السنين على الأرض والنبات والبيئة المحيطة نتيجة الانبعاثات الكيميائية السامة من الأسلحة المحرمة دولياً، وهذا النوع من الأضرار لا يمكن حصره أو التنبؤ به أو تقديره على المدى القريب، لكن آثاره الكارثية ستظهر على المدى المتوسط والبعيد".

في هذا الجانب يؤكد خبراء على أهمية وجود لجان بحثية متخصصة محلية ودولية لدراسة هذا النوع من الأضرار على التربة الزراعية والنبات والتنوع الحيوي بشكل عام، لأنه كما يقول الباحث في كلية الزراعة بجامعة صنعاء معاذ قاسم، قد يحدث ما يسمى تغيير في التركيب الجيني أو الوراثي للمحاصيل الزراعية خلال سنوات قادمة. ويوضح قاسم لـ"العربي الجديد" أن هذا سيؤدي إلى ضعف النباتات وبالتالي قلة المحاصيل، ما يعني تدمير المزروعات، وهذا بحد ذاته كارثة مستقلة تماماً عن الحرب الدائرة في اليمن منذ أكثر من 5 سنوات.

من جانبه يقول، المدير العام للإدارة العامة للتسويق والتجارة الزراعية، عدنان حاشد، إن التحالف استهدف القطاع الزراعي على مدار خمسة أعوام، فهناك العديد من الأضرار التي أثرت على عملية التسويق، منها على سبيل الذكر لا الحصر تعرض مخازن التبريد والبنية التحتية للتسويق الزراعي للقصف المباشر، وكذلك تأثرت الصادرات الزراعية بشكل غير مباشر من خلال إغلاق المنافذ البرية الحدودية والبحرية، وارتفاع تكاليف النقل سواء منفذ الطوال (الحدودي مع السعودية في منطقة حرض شمال اليمن) أو المنافذ الأخرى. ويتابع حاشد: كانت "البرادة" (الثلاجة) تصل إلى دول الجوار بما مقداره (2000 ريال سعودي فقط) واليوم تحتاج إلى (20 ألف ريال سعودي) كي تصل إلى نفس السوق، ما ينعكس على أسعار المنتجات ويؤدي إلى خسائر للمزارعين.

كما يؤكد أن السعودية تستهدف القطاع الزراعي والاقتصاد اليمني منذ 40 سنة، "فالمجتمع اليمني، لو نهض بهذا القطاع فستحصل نهضة اقتصادية عظيمة لأن معظم سكان اليمن يعملون في الزراعة"، مشيراً إلى أن إغلاق منفذ الوديعة أمام صادرات الرمان من قبل السعودية أعاق 60% من الصادرات الزراعية اليمنية.

وشهدت أسواق الفاكهة في صنعاء والمناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين تدفقاً كبيراً للرمان، بالتزامن مع ذروة موسم إنتاجه، لكن ما لبث أن تراجع المعروض من هذه الفاكهة، بعد إعلان السلطات السعودية عن رفع حظر استيراد الرمان اليمني.

وتعتبر صعدة أكثر محافظة يمنية إنتاجاً للرمان، وهناك تداخل كبير في زراعتها وتجارتها مع مناطق سعودية حدودية قريبة منها، إضافة إلى كون هذا المحصول مصدراً رئيسياً لدخل أصحاب المزارع في صعدة وعدد من المحافظات اليمنية.

وكانت السعودية قد أعلنت مطلع أكتوبر/تشرين الأول الماضي عن رفع حظر استيراد الرمان اليمني الذي يعتبر أفضل وأهم الفواكه التي ينتجها اليمن، ويصدره للسعودية وعمان ودول الخليج وأسواق دولية أخرى، بعد مفاوضات تجارية شاقة امتدت منذ نهاية أغسطس/آب.

وتوقف استيراد السعودية للرمان اليمني وبقية المنتجات الزراعية الأخرى منذ بداية الحرب. لكن حسب مصادر في وزارة الزراعة في صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الأسواق الخارجية كانت تقليدية ومحدودة، لهذا ساهمت هذه الخطوة في فتح أسواق جديدة عبر المنافذ البحرية، إذ استقبلت دول محصول الرمان اليمني لأول مرة وهي ماليزيا وتركيا وروسيا.

ويرى المختص في التسويق الزراعي، مراد السالمي، أن ما حدث خطوة متقدمة في سياق رفع الحظر بشكل نهائي على مختلف المنتجات الزراعية التي يصدرها اليمن إلى السعودية ودول الخليج. ويلفت السالمي في حديثه لـ"العربي الجديد" إلى أن التحالف استهدف القطاع الزراعي في اليمن بشكل كبير منذ بداية الحرب من خلال القصف المباشر وحظر استيراد المنتجات الزراعية بدعوى وجود متبقيات المبيدات فيها بنسبة عالية. وتعتبر الزراعة من أكثر القطاعات التي تعرضت للضرر بسبب الحرب، وأكدت وزارة الزراعة اليمنية، في تقرير عام 2017، أن الخسائر التي تعرض لها القطاع في اليمن بسبب الحرب بلغت أكثر من 16 مليار دولار.

المساهمون