خيبة "أوبك"... إعصار "هارفي" لم يدعم أسعار النفط

31 اغسطس 2017
الإعصار لم يرفع أسعار النفط (Getty)
+ الخط -
يعد تأثير الإعصار هارفي على أسواق النفط العالمية أحد أغرب الأمور، التي شهدها مسؤولو أوبك المخضرمون، إذ أدت العاصفة إلى بعض أكبر التعطيلات في البنية التحتية للطاقة في الولايات المتحدة لكنها تعجز حتى الآن عن دعم أسعار الخام العالمية ارتفاعاً.

وقالت مصادر مطلعة لوكالة "رويترز" إن مصفاة بورت أرثر التابعة لشركة موتيفا في ولاية تكساس قد تظل متوقفة عن العمل لما قد يصل إلى أسبوعين لفحص المجمع وإصلاح أي أضرار.

وكانت المصفاة البالغة طاقتها 603 آلاف برميل يوميا قد أُغلقت أمس الأربعاء بسبب السيول الناجمة عن العاصفة المدارية هارفي.

وعلى خلاف الأعاصير الكبيرة السابقة، مثل كاترينا في 2005، فإن أسعار النفط انخفضت فعليا خلال الإعصار هارفي مع تركيز المتعاملين على الأثر السلبي على طلب المصافي الأميركية المتضررة بدرجة أكبر من الضربة، التي تلقتها الإمدادات بسبب تضرر الإنتاج. وذلك مبعث خيبة أمل كبيرة لدول أوبك، التي تقيد إمدادات النفط في الوقت الحالي في مسعى لدفع الأسعار للارتفاع.


وقال مندوب لدى أوبك أدهشه غياب أثر هارفي: "يبدو أنه ما من حدث سيدفع سعر النفط للارتفاع كثيرا". وأصاب الارتباك مندوبا آخر بعد انخفاض أسعار النفط هذا الأسبوع لتتحدى أيضا تراجعا كبيرا في الإنتاج الليبي، بسبب عدم الاستقرار. وقال المندوب "كل شيء غريب حقا. معنويات السوق تغيرت كثيرا في السنوات العشر الأخيرة".


لكن ما زال من غير الواضح ما إذا كانت السوق ستظل تخيب الأمل في ظل انقسام المحللين بشأن ما إذا كان طلب المصافي الأميركية سيتعافى بوتيرة أسرع من الإنتاج الأميركي.


وتجاهلت أوبك طويلا ثورة النفط الصخري الأميركية التي ساعدت أكبر مستهلك للنفط في العالم على زيادة الإنتاج بقوة، ليصبح مصدرا كبيرا للخام ومنتجاته في السنوات الأخيرة.


وحين اعترفت أوبك أخيرا بالتهديد، شرعت المنظمة بقيادة السعودية في حرب إمدادات مع الولايات المتحدة هدفت إلى الإضرار بقطاع النفط الأميركي، الذي يتسم بارتفاع التكلفة، عبر خفض أسعار النفط.


لكن في العامين الأخيرين، كبحت أوبك الإنتاج لدعم الأسعار بسبب الضغوط الكبيرة التي فرضها انخفاض الأسعار على ماليات معظم الأعضاء. وأنعش التحرك نمو قطاع النفط الأميركي مع زيادة الإنتاج والصادرات إلى مستويات مرتفعة جديدة حتى الإعصار هارفي.


وبخلاف الإعصارين كاترينا وغوستاف، حين تسببت رياح قوية في الإضرار بإنتاج النفط، فإن هارفي عطل بشدة أيضا قطاع التكرير الأميركي وخطوط أنابيب المنتجات مما تسبب في ارتفاع أسعار المنتجات.


وقال أوليفر جاكوب، من بتروماتركس للاستشارات، إن أسعار البنزين في الولايات المتحدة أصبحت عند مستويات لا تبلغها عادة إلا عندما يكون سعر النفط نحو 84 دولاراً للبرميل بينما تبلغ أسعار العقود الآجلة لخامي برنت وغرب تكساس الوسيط الأمريكي 51 و46 دولارا على الترتيب. وتابع جاكوب "لا بد أن أوبك تستشيط غضبا، إنهم لا يحصلون على أي من هذا (المكسب)".


لكن الأمر لم يحسم بعد سواء استمرت الأمور على هذا المنوال أو إن كان هارفي سيساعد في نهاية المطاف جهود أوبك لإعادة التوازن لسوق النفط، عبر الإضرار بالإمدادات أكثر من الطلب.


وتخفض أوبك وعدد من المنتجين غير الأعضاء في المنظمة، تقودهم روسيا، الإنتاج 1.8 مليون برميل يوميا منذ بداية العام على أمل خفض مخزونات النفط والمنتجات العالمية إلى ما بين 2.7 و2.8 مليار برميل من مستواها القياسي المرتفع البالغ أكثر من ثلاثة مليارات برميل.


وانخفضت المخزونات الأميركية بقوة في الأسابيع القليلة الماضية. ويقول بنك الاستثمار، غولدمان ساكس، أحد أنشط البنوك في تجارة السلع الأولية، إنه يعتقد أن هارفي سيبطئ استعادة السوق لتوازنها لأنه سيخفض الطلب 700 ألف برميل يوميا في الشهر المقبل، ولأن له تأثيرا عاما سلبيا.


لكن الصادرات الأميركية عامل حاسم آخر يجب أن يوضع في الاعتبار. فحين ضرب الإعصار كاترينا الساحل الأميركي على خليج المكسيك في أغسطس/ آب 2015، كانت الولايات المتحدة تصدر 1.3 مليون برميل يوميا من البترول.


وتصدر الولايات المتحدة اليوم ما بين خمسة وستة ملايين برميل يوميا من الخام والمنتجات. وبحسب جاكوب، فإن هارفي سيساعد أوبك وهدفها المتمثل في تقليص المخزونات في بقية العالم إذا طال أمد التعطل الحالي للصادرات.


وقالت أمريتا سين، من إنرجي أسبكتس: "في نهاية المطاف يجب أن يهتموا في أوبك بالمنظور العالمي وبتلك الطريقة فإن تأثير هارفي هو دفع الأسعار للارتفاع، حتى إن تسبب في تراجع أسعار الخام الأميركي في الأمد القريب".


وقالت إنه بالنظر إلى ارتفاع أسعار المنتجات فإن المصافي في أوروبا وآسيا ستعمل بطاقتها القصوى، وهو ما سيدعم في نهاية المطاف أسعار الخام في أنحاء العالم. 


وقد أظهر مسح أجرته رويترز تراجع إنتاج نفط أوبك 170 ألف برميل يوميا الشهر الحالي، لينزل عن أعلى مستوى لعام 2017 مع هبوط إمدادات ليبيا بفعل تجدد القلاقل وتحسن التزام أعضاء آخرين باتفاق تقليص الإنتاج.


وتعزز التزام أوبك بتخفيضات الإنتاج إلى 89% مرتفعا خمس نقاط مئوية عن يوليو/ تموز بفعل تراجع في المعروض من السعودية والعراق، أكبر منتجين في أوبك، لكن مستوى الالتزام ظل دون مستوياته في وقت سابق من العام عندما كان يتجاوز 90%.


وسيؤدي التراجع الليبي وتوقف الزيادات الكبيرة في نيجيريا إلى انحسار المخاوف من أن تطغى الكميات الإضافية من البلدين على التخفيضات في مناطق أخرى. وتقرر إعفاء ليبيا ونيجيريا من التخفيضات بسبب صراعات داخلية كبحت إنتاجهما.


(العربي الجديد، رويترز)
المساهمون