ارتباك سعودي بشأن تخصيص "أرامكو" والأصول والبورصة التي ستطرح فيها

12 اغسطس 2017
منشأة تابعة لأرامكو في السعودية (Getty)
+ الخط -



لا يزال القرار السعودي بشأن أي من البورصات سيطرح فيها اكتتاب حصة 5.0% من شركة "أرامكو" يتأرجح بين رغبة سياسية قوية من قبل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وفريقه في اختيار بورصة نيويورك ومخاوف من قبل الفنيين ومديري ومحامي الشركة من قانون "جاستا" الذي ربما يدين السعودية في هجمات 11 سبتمبر/ أيلول، وبالتالي يفضلون لندن.  

وسط هذا الارتباك وبعض الاعتراضات الشعبية السعودية على بيع حصة من الشركة لجهات أجنبية، قالت مصادر مطلعة لـ"رويترز"، يوم الجمعة، إن السعودية تفضل نيويورك للإدراج الخارجي الرئيسي لأسهم شركة أرامكو النفطية العملاقة، وإن كان بعض المستشارين الماليين والقانونيين قد رشّحوا لندن باعتبارها خياراً ينطوي على قدر أقل من المشاكل والمخاطر.

وذكرت المصادر أن القرار النهائي بخصوص موقع الطرح العام الأولي، والذي سيكون الأكبر من نوعه في العالم، سيتخذه ولي العهد السعودي، والذي يشرف على سياسات المملكة الاقتصادية وسياسات الطاقة. وتشير تصريحات المصادر إلى اختلافات داخلية بين ما يوصي به المستشارون وما يريده ولي العهد.

وبحسب المصادر أيضاً، قد يختار ولي العهد السعودي إدراج أرامكو في بورصة نيويورك "لاعتبارات سياسية"، في ضوء العلاقات القائمة منذ فترة طويلة بين الرياض وواشنطن. لكنها أضافت أن العوامل المالية والتجارية ستلعب دوراً أيضاً في الاختيار.

وأشارت أرامكو في بيان إلى أنه لم يتم بعد اتخاذ قرار بخصوص موقع الإدراج خارج المملكة. وقالت الشركة رداً على طلب من "رويترز" للتعليق، إن "جميع الخيارات ما زالت قيد الدراسة. لا يوجد أي شرط زمني محدد لاتخاذ قرار فوري".

ويمثل طرح نحو خمسة بالمائة من أسهم أرامكو للبيع العام المقبل إحدى ركائز رؤية 2030، وهي خطة إصلاح طموحة يتبناها ولي العهد وتهدف إلى تنويع موارد الاقتصاد السعودي وتقليص اعتماده على النفط.

وكانت مصادر مطلعة قد أبلغت "رويترز" الشهر الماضي أن عدداً من المستشارين أوصوا بأن تكون لندن بورصة الإدراج الرئيسي لأرامكو خارج السعودية، وهو ما يرجع لأسباب منها مخاوف من أن يتطلب الإدراج في الولايات المتحدة الكشف عن قدر أكبر من المعلومات الحساسة بخصوص شركة النفط العملاقة.

لكن مصدراً رفيعاً بالقطاع قال إن من المرجح أن تكون نيويورك هي الخيار المفضل للحكومة السعودية وولي العهد. وتقول مصادر إنه بخلاف نيويورك ولندن، تنافس هونغ كونغ أيضاً. ومن المتوقع أن يجمع الطرح عشرات المليارات من الدولارات التي سيتم استثمارها للمساعدة في تطوير قطاعات سعودية أخرى. وأحجمت بورصتا نيويورك ولندن عن التعقيب.

وتتنافس البورصات للفوز بجزء من الطرح، إذ سيعزز ذلك أحجام تداولاتها بقوة ومن المرجح أن يساعدها على الفوز بإدراجات من دول خليجية أخرى، تتطلع إلى خصخصة جزئية لأصولها في قطاع السلع الأولية.

وأثارت خطة أرامكو بعض المخاوف الشعبية من أن الرياض تتخلّى بذلك عن جوهرة تاجها للأجانب بسعر زهيد، في وقت تنخفض فيه أسعار النفط، حتى إنّ بعض موظفي أرامكو يأملون بالتخلي عن تلك الفكرة برمتها.

وتشير المصادر أيضاً إلى أنه بخلاف اختيار بورصة للإدراج، فإنه لم يتم اتخاذ قرار بعد بشأن الأصول التي سيتم طرحها بالتحديد أو الشكل الذي سينتهي إليه الهيكل التنظيمي الداخلي لأرامكو بعد الإدراج.

والتقييم من بين الموضوعات الرئيسية التي تخضع للمناقشة الداخلية، وفي حين يقول ولي العهد السعودي، إن الطرح العام الأولي سيقيم أرامكو بما لا يقل عن تريليوني دولار، يقدر بعض المحللين قيمتها بما يتراوح بين تريليون و1.5 تريليون دولار.

وفي ما يخص التقييم، فإن معظمه يعتمد على توقعات أسعار النفط، والتي تبلغ حالياً نصف مستواها قبل ثلاثة أعوام. وقال المصدر "ذلك هو السبب في أن السعودية تحتاج الآن إلى سعر أعلى للنفط من أجل الطرح العام الأولي، كي تحظى بتقييم أفضل لأرامكو".

وفي ضوء المناقشات الداخلية بين ولي العهد ووزير الطاقة خالد الفالح وإدارة أرامكو وعدد من المستشارين الماليين والقانونيين لتبادل الآراء بخصوص بعض تلك القرارات الرئيسية، ثارت تكهنات بأن الإدراج المتوقع في النصف الثاني من 2018 قد يتأخر عن ذلك.

وقال مصدران إن محامي أرامكو يشعرون بالقلق من المخاطر القانونية المرتبطة بقانون (جاستا) الأميركي.

ويسمح ذلك القانون، والذي أُقر في سبتمبر/ أيلول الماضي، برفع دعاوى قضائية على الحكومة السعودية بدعوى أنها ساعدت في التخطيط لهجمات الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول على الولايات المتحدة ومطالبتها بدفع تعويضات للضحايا. وتنفي الرياض هذه الاتهامات.

وقال المصدر إن وزير المالية محمد الجدعان، والذي يتمتع بخبرة في مجال المحاماة، هو الأكثر تشديداً على المخاطر القانونية من بين المسؤولين الحكوميين الأربعة الكبار الذين يقدمون المشورة لولي العهد بشأن قرار الإدراج.

في المقابل، استبعدت مصادر بقطاع النفط السعودي أن يكون قانون جاستا سبباً في عدم الإدراج في نيويورك، مشيرة إلى أنه يرجح أن المملكة تملك استثمارات بمئات المليارات من الدولارات في الولايات المتحدة بالفعل، بما في ذلك أصول تابعة لأرامكو.

وتقول المصادر إن المشكلة تتعلق أكثر بعملية الإفصاح واللوائح المعقدة في نيويورك، فقد تتعارض تلك القواعد قانونياً مع سيادة الحكومة السعودية التي ستظل المساهم الرئيسي في أرامكو بعد الطرح.

وقال مصدر مطلع على المحادثات بين بورصة نيويورك للأوراق المالية وأرامكو لـ"رويترز" الشهر الماضي إنه في حين أعطت بورصة لندن أولوية للفوز بإدراج أرامكو فإن بورصة نيويورك لم تعرض أي تعديلات تنظيمية.

وتقترح هيئة مراقبة السلوك المالي البريطانية استحداث فئة جديدة للإدراج "الممتاز" للشركات التي تسيطر عليها الحكومات، ما سيعفيها من بعض المتطلبات التنظيمية. ومن المقرر أن تنشر القواعد الجديدة قرب نهاية العام الحالي.

(رويترز)

دلالات
المساهمون