السودان يراهن على انتعاش السياحة بعد رفع العقوبات الأميركية

19 ابريل 2017
إهمال حكومي للآثار (Getty)
+ الخط -
قالت مصادر رسمية سودانية إن البلاد تراهن على انتعاش قطاع السياحة بعد رفع العقوبات الأميركية، منتصف العام الجاري، واستقرار الأوضاع الأمنية.

وقال وزير السياحة السوداني، محمد أبو زيد، إن "رفع العقوبات الأميركية سيساهم في تدفق السياح على البلاد".

وفي يناير/كانون الثاني الماضي، اتخذت واشنطن قرارا برفع عقوباتها الاقتصادية المفروضة على السودان، منذ 20 عاما، على أن يدخل حيز التنفيذ نهائيا في يوليو/تموز المقبل.

وكثّفت الحكومة السودانية جهودها، خلال الفترة الأخيرة، من أجل تنفيذ شروط قرار رفع العقوبات الاقتصادية الأميركية المقرر تطبيقه في يونيو القادم، في ظل مخاوف من عدم الاستفادة من هذه الخطوة بسبب إحجام الكثير من الشركات والمؤسسات الأجنبية عن عودة تعاملاتها مع الخرطوم، ترقباً لقرار نهائي من إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في ما يتعلق بالحظر.

وأضاف وزير السياحة السوداني أن الحظر المصرفي الذي يمنع التحويلات المالية من وإلى السودان "من أكثر العقبات التي تواجه قطاع السياحة".


وخلال الربع الأول من العام الحالي، ارتفع أعداد السياح وطالبي التأشيرة، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، والتي شهدت دخول أكثر من 194 ألفا، وفقاً لأبو زيد، الذي أوضح أن وزارته لم تفرغ بعد من إعداد الحصيلة النهائية.


وتوقع وزير السياحة السوداني ارتفاع عائدات السياحة من 1.5 مليار دولار في العام الماضي إلى 5 مليارات، عندما تنتهي الخطة الخمسية في 2020، وهذا رقم يعادل أكثر من ثلث إيرادات الموازنة العامة، البالغة نحو 14 مليار دولار، للعام الحالي.


النزاعات المسلحة 


من المحميات الطبيعية إلى معالم الحضارة النوبية، يزخر السودان بمقومات سياحية بقيت مُهملة، في بلد تطحنه الحروب الأهلية، منذ استقلاله قبل 6 عقود، لكن حكومته تكافح اليوم لجعله مقصدا للحركة السياحية، من مختلف أنحاء العالم.


وفيما لا تلوح في الأفق حلول لهذه النزاعات، أظهرت الحكومة، خلال الأعوام القليلة الماضية، جدية لتطوير قطاع السياحة، وجعله واحدا من الموارد الرئيسة لخزينتها، إذ تستهدف تحديث البنية التحتية في مناطق الآثار النوبية، التي تفتقر للفنادق وشبكات النقل والكهرباء. 

وورث السودان حرباً أهلية بين شماله وجنوبه، منذ استقلاله من المستعمر الإنجليزي في 1956، وكانت من أطول وأشرس الحروب الأهلية في أفريقيا، وخلفت أكثر من مليوني قتيل.
 

وطويت تلك الحرب باتفاق سلام أبرم في 2005 ومهد لتقسيم البلاد في 2011، لكنها كانت ضمن عوامل أخرى نقلت النزاع المسلح إلى جبهات جديدة.

تضاعف العوائد

وأكد خبراء مختصون في القطاع السياحي، أن النزاعات المسلحة تسببت في خراب القطاع وعزوف الأجانب عن زيارة المعالم الأثرية التي يزخر بها السودان.


وقال محمد الناير، الخبير الاقتصادي والسياحي، إنه لا يستبعد تضاعف العوائد السياحية إلى 10 مليارات دولار في حال "عملت الحكومة بجد لتأهيل البنية التحتية لقطاع السياحة".

وأضاف الناير، في حديثه مع "الأناضول"، أنه يعتقد أن الحكومة لو اهتمت بهذا القطاع من وقت مبكر لكان بإمكانه الآن "تغطية العجز في ميزان المدفوعات، والذي يزيد عن 5 مليارات دولار".


وفقدت البلاد 80% من مصادر العملات الصعبة، عندما انفصل جنوب السودان، مستحوذا على ثلاثة أرباع حقول النفط، كانت تدر أكثر من 50% من الإيرادات العامة.


وكان تطوير قطاع السياحة محورا رئيسا في خطة طرحتها الحكومة لتنويع مصادر الدخل، ضمن مساعيها لامتصاص الصدمة الاقتصادية، الناتجة عن فقدان العائدات النفطية.


وشدد الخبير الاقتصادي، أيضا، على "فتح المجال للشركات الأجنبية كي تطور الطريقة التقليدية التي يدار بها قطاع السياحة حاليا، خصوصا بعد رفع العقوبات" التي كانت تحظر على كبريات الشركات التعامل مع السودان.


ومقابل تفاؤل الحكومة بنجاح خطتها الخمسية، يستدل مراقبون بالنزاعات التي لا تزال مستعرة لمحاصرة المسؤولين بالسؤال عما إذا كانوا قادرين حقا على نقل السودان من نشرات الأخبار الدموية إلى تلك المتخصصة في الوجهات السياحية.


كانت الحكومة السودانية وقعت مع قطر في العام 2013، على مشروع لترميم الآثار السودانية، خصوصا الأهرامات، المقدرة بنحو 300 هرم، بكلفة 135 مليون دولار، ومن المنتظر أن تنتهي أعماله العام المقبل.


تقصير حكومي

ومطلع الشهر الحالي نظم ولاة (محافظو) 5 ولايات سودانية ورشة عمل، لمناقشة كيفية تطوير قطاع السياحة، هي البحر الأحمر (شرق)، الخرطوم (وسط)، نهر النيل (وسط شمال)، الولاية الشمالية (شمال) وسنار (جنوب شرق). 

وتحتوي هذه الولايات على القسم الأكبر من المناطق الأثرية والسياحية في البلاد، حيث تحتضن ولاية البحر الأحمر محميتين بحريتين، هما "سنقنيب" و"ودنقنياب"، وتحتضن ولاية سنار محمية "الدندر"، المسجلة كمحمية طبيعية، منذ سنوات الحكم الإنجليزي في 1935.


ومن الوجهات السياحية أيضا، مناطق صحراوية واسعة، شمالي البلد، تشتهر بتنظيم رحلات الصيد، لكنها تقتصر على عدد محدود من السياح الخليجيين.


وخلال جلسات الورشة، أقر الولاة بالتقصير الحكومي، لدرجة أن والي الخرطوم، عبد الرحيم محمد حسين، قال إن "البعض لم يكن يعلم بوجود أهرامات سودانية، لولا زيارة الشيخة موزا بنت ناصر، رئيس مجلس إدارة مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، لأهرامات البجراوية" في مارس/آذار الماضي. 

ومن بين العوائق الحكومية التي حددها محمد حسين حالات الشك والريبة من رجال الشرطة تجاه السياح الغربيين، باعتبارهم "جواسيس".


وتساءل الرجل "هل الإرادة السياسية موجودة الآن لجعل السياحة أولوية؟"، قبل أن يجيب "نعم وهذه الورشة تمثل البداية".


مطلوب تمويل

وأوصت الورشة، في ختام مداولاتها، بـ"قيام محفظة لتمويل المشروعات السياحية، يتم تطويرها مستقبلا لبنك متخصص"، كذلك "بناء نظام إلكتروني يسهّل حصول السائح على تأشيرة الدخول، وتيسير حركته لزيارة الوجهات السياحية".


وشملت التوصيات كذلك أن "تقوم كل ولاية بتأهيل البنيات التحتية، وإنشاء متحف وحديقة حيوان، بجانب مراكز للغطس وغرف ضغط، على ساحل البحر الأحمر".


وطبقا لأرقام حكومية، فإن أعداد السياح ارتفعت، في الأعوام الثلاثة الماضية، بواقع 683 ألف سائح في العام 2014، و741 ألفا للعام الذي يليه، ومليون سائح في العام 2016.


وتتوقع وزارة السياحة أن يتضاعف الرقم إلى مليوني سائح خلال العام الحالي، بعد توقيعها اتفاقا مع بكين، في نوفمبر/تشرين الأول الماضي، يسهل دخول مليون سائح صيني سنويا.


ووفقا لخطة خمسية أُعلنت في 2015، تستهدف الحكومة رفع السياح الأجانب إلى 5 ملايين، بحلول العام 2020.


(الأناضول، العربي الجديد)



دلالات
المساهمون