استمع إلى الملخص
- **تداعيات على القطاع الزراعي**: القيود على استيراد الأسمدة الزراعية تزيد من مشكلات القطاع الزراعي، مثل مصادرة الأراضي وقلة المياه، مما يؤثر سلباً على إنتاجية الزراعة ويقلل من مساهمتها في الناتج المحلي.
- **أداة ضغط اقتصادي**: مصادرة المعدات والأسمدة الزراعية تُستخدم كأداة ضغط اقتصادي لزيادة تبعية الفلسطينيين للاقتصاد الإسرائيلي، مما يعقد إنعاش القطاعات الاقتصادية ويؤدي إلى انكماش اقتصادي متوقع بنسبة 10%.
تسلّط عمليات جيش الاحتلال الإسرائيلي ضد محلات بيع المواد الزراعية، ومصادرة أسمدة، واعتقال عدد من مالكي تلك المحلات، الضوء على مشكلة مزمنة يعاني منها اقتصاد فلسطين، وهي منع الاحتلال استيراد عدد كبير من المواد الخام لقطاعات صناعية وزراعية، بحجة طبيعة المواد ذات الاستخدام المزدوج.
وقالت وزارة الاقتصاد الوطني الفلسطيني إن "الاحتلال يمنع دخول قائمة من المواد الخام إلى السوق الفلسطيني تزيد عن 100 مادة، تستخدم في قطاعات الصناعات الجلدية والإنشائية والغذائية والهندسية والمعدنية، والنسيج، والخياطة، والألمنيوم، والصناعات الكيميائية، والمعدنية، ومعدات وقطع الغيار، ومادة حمض الكبريتيك والنيتريك التي تدخل في كثير من الصناعات".
وأشارت الوزارة في بيان لها صباح أمس الخميس، تعليقا على حملة مصادرة المواد الزراعية؛ إلى تكبّد الصناعات خسائر كبيرة، ما تسبب في إغلاق بعضها نتيجة لتلك السياسة.
خسائر الصناعات في فلسطين
وتعليقا على الحرب الاقتصادية التي يقودها الاحتلال ضد الاقتصاد الفلسطيني، قال الباحث الاقتصادي في معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني "ماس"، مسيف مسيف، لـ"العربي الجديد"، إن "منع استيراد مواد خام أو مواد شبه خام وهي تسمى بالسلع الوسيطة؛ يؤثر بشكل مباشر على الصناعات الفلسطينية، لأنها تعتمد بشكل كامل على ما يتم استيراده من مواد خام أو سلع وسيطة؛ سواء من السوق الإسرائيلي بنسبة تقارب 80%، أو من الخارج".
ولشرح تأثير منع أي من المواد الخام، أشار مسيف إلى طبيعة الصناعات في فلسطين؛ إذ أن معظمها صناعات تحويلية، أي تعتمد على ما يتم استيراده، ومن الأمثلة الصناعات البلاستيكية التي تعتمد على مادة بولي كلوريد الفينيل (PVC)، ووقف استيراد هذه المادة على سبيل المثال سيؤدي إلى وقف الصناعات البلاستيكية بشكل كامل.
ولفت مسيف إلى اعتقاده بأن الهدف الحقيقي من منع الاستيراد في عدد من المواد الخام، فرض مزيد من التقييد على الاستيراد من الخارج، وفرض تبعية أكبر للسوق الإسرائيلي، وحصر الاستيراد من الاحتلال، مشيرا إلى أن النسبة الأكبر من المواد الخام يتم استيرادها من تركيا، وهي تواجه مشكلات في الاستيراد حاليا بعد حظر التصدير التركي إلى إسرائيل، ما يعني إجراءات معقدة للاستيراد.
وقال مسيف إن "السلع التي تصنف على أنها مزدوجة الاستخدام ممنوعة منذ سنوات طويلة، وفرض مزيد من القيود على سلع أخرى يعني مزيدا من التضييق على الاقتصاد وتكثيف تبعيته للاحتلال، وليس لأسباب أمنية فعلية".
تداعيات على القطاع الزراعي
وعن التأثير على أنشطة الزراعة، قال مسيف إن "القطاع الزراعي في فلسطين يعاني مشكلات كبيرة، لم تبدأ حديثا أو بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، فعلى مدار عشرين عاما تراجعت مشاركة الزراعة في الناتج المحلي من 20% إلى 6.55% فقط، نتيجة لسياسات مختلفة، كمصادرة الاحتلال للأراضي، ومشكلة قلة المياه للزراعة المروية، وتذبذب الأمطار في الزراعة البعلية، فضلا عن عدم الاهتمام من الجهات الرسمية برسم سياسات زراعية صحيحة، وعدم الاستثمار في القطاع الزراعي"، مشيرا إلى إمكانية استبدال الأسمدة الممنوعة بأخرى عضوية في حال وجود استثمار وسياسات صحيحة.
وحول طبيعة المنع للأسمدة، قال مسيف "هناك نوعان: الأول يحظر استيراده بشكل كامل، وآخر يمكن استيراده بإذن خاص، وهو ما يتغير بين فترة وأخرى، أو يتم توسيع أو تضييق قرار المنع بخصوصه".
وقالت وزارة الاقتصاد إن "الاحتلال الإسرائيلي مستمر في إحكام السيطرة على مدخلات الاقتصاد الوطني، واستخدام السلع ذات الاستعمال المزدوج، كذريعة للحد من إمكانية إنعاش القطاعات الاقتصادية في فلسطين، وزيادة التبعية لاقتصاد الاحتلال".
أداة ضغط اقتصادي
واعتبرت الوزارة أن إقدام الاحتلال على مصادرة المعدات والأسمدة الزراعية الضرورية والأساسية للقطاع الزراعي، في عدة مدن فلسطينية، واقتحام المحلات التجارية والصرافة، والتدمير الممنهج للبنية التحتية للاقتصاد، هو أحد أدوات الضغط الاقتصادي التي يمارسها المستعمر، لكسر صمود المواطنين عبر ديمومة المعاناة، والحد من إمكانية قدرة الاقتصاد على الاستجابة لمتطلبات الوضع الراهن، في ظل الجرائم التي تنفذها سلطات الاحتلال.
وبينت الوزارة أن الذرائع الاسرائيلية الأمنية والبيئية والصحية التي تسوقها حكومة الاحتلال هي التفاف على الأنظمة والقوانين الدولية، ومخالفة للممارسات الدولية المتبعة في عمليات الإنتاج الصناعي والزراعي، تتسبب في المزيد من التعقيدات التي تحدّ من إنعاش القطاعات الاقتصادية.
وقالت الوزارة إن "البنك الدولي أكد في أحد تقاريره أن القيود المفروضة على السلع ذات الاستخدام المزدوج باتت تعيق قدرة الاقتصاد على خلق وظائف توائم احتياجات السوق المتنامية، باعتبار هذه السلع مستلزمات ومدخلات رئيسية للإنتاج، مبرزا الآثار السلبية للقيود على السلع ذات الاستخدام المزدوج، أشدها في قطاعات الصناعة، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والزراعة".
وأضافت الوزارة أن "قطاع الزراعة يساهم إسهاما كبيرا في الأمن الغذائي الفلسطيني، ولكن القيود المفروضة على السلع ذات الاستخدام المزدوج تسببت في تقليص تركيز المواد الكيماوية الفعالة في الأسمدة، ما جعلها أقل فاعلية، حسب تقرير البنك الدولي، وأن الاقتصاد الفلسطيني واجه صدمة اقتصادية غير مسبوقة، تصاعدت حدتها بعد أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بفعل العدوان الإسرائيلي على غزة. ومن المتوقع أن يسجل الانكماش الاقتصادي 10% مع نهاية العام الجاري".
وكانت قوات الاحتلال اقتحمت، أول من أمس الأربعاء، عددا من محال المواد الزراعية والمشاتل، وصادرت أسمدة زراعية، واعتقلت عددا من أصحاب تلك المحال.
وكان جيش الاحتلال وعدد من أجهزته الأمنية أعلن "ضبط" أكثر من "150 كيسا تحتوي على مواد لتحضير عبوات ناسفة" في أنحاء متفرقة من الضفة الغربية، واعتقلت ستة من أصحاب تلك المحلات، في حين أنها نشرت صورا لما تمت مصادرته ولم يعد كونه أسمدة زراعية.