سر خلافات مصر وصندوق النقد

20 مارس 2017
زيارة سابقة لوفد صندوق النقد (فرانس برس)
+ الخط -
لا تخطئ عين أي مراقب للشأن الاقتصادي حينما يلحظ أن هناك خلافات مكتومة بين مصر وصندوق النقد الدولي. صحيح أن هذه الخلافات لم تظهر للعلن بعد، لكن نظرة لعدد من المواقف والتصريحات الصادرة من الطرفين تؤكد وجود مثل هذه الخلافات، التي أجلت بالفعل موعد صرف الشريحة الثانية من قرض الصندوق البالغة قيمتها 1.25 مليار دولار، من إجمالي 12 ملياراً تمت الموافقة عليها بداية شهر نوفمبر الماضي.

هذه الخلافات بين الطرفين يمكن أن نلمسها في ثلاثة مؤشرات رئيسية، الأول هو تأجيل بعثة صندوق النقد الدولي زيارتها للقاهرة من شهر فبراير/شباط 2017 إلى الفترة من 28 إبريل/نيسان إلى 8 مايو/أيار القادم. والثاني تأجيل صندوق النقد منح القاهرة الشريحة الثانية من قرضه، وهي الشريحة التي كان من المقرر صرفها يوم 15 مارس/آذار 2017. والثالث انتقاد بعض مسؤولي الصندوق بعض البيانات الحكومية، خاصة المتعلقة بعجز الموازنة وقيمة الجنيه المصري مقابل الدولار.

وانعكست هذه الخلافات على تصريحات كبار المسؤولين عن إدارة السياسة المالية في مصر، مثلا نجد أن وزير المالية، عمرو الجارحي، ومساعديه، أعطوا عدة مواعيد بشأن وصول بعثة صندوق النقد لمراجعة ما تم في برنامج الإصلاح المصري وتقييمه، وهي المراجعة التي كان من المقرر أن تتم خلال شهر فبراير الماضي ويسفر عنها منح مصر الشريحة الثانية من قرض الصندوق.

ففي نهاية شهر يناير/كانون الثاني الماضي، قالت ثلاثة مصادر في وزارة المالية إن هناك وفدين فنيين من صندوق النقد الدولي يزوران مصر لإجراء مباحثات تمهيدا للمراجعة النهائية من الصندوق على برنامج البلاد خلال فبراير 2017، وتكرر الموعد على لسان وزير المالية.

وبدلاً من أن تأتي البعثة لزيارة القاهرة في فبراير الماضي، ذهب إليها وزير المالية للالتقاء بها في العاصمة البريطانية، وذلك يوم 10 مارس/آذار الجاري، حيث اجتمع الجارحي في لندن مع فريق من الصندوق لإطلاعه على أحدث مؤشرات الأداء الاقتصادي، وليرد على الملاحظات التي أبداها الفريق حول برنامج الإصلاح الاقتصادي وكانت سبباً في تأجيل الزيارة.

ومر شهرا فبراير ومارس ولم تأت البعثة الفنية للقاهرة، إلى أن خرج وزير المالية، عمرو الجارحي، ليؤكد أن بعثة صندوق النقد الدولي ستزور البلاد في الفترة من 28 أبريل وحتى 8 مايو القادم، لإجراء مراجعة تمهيدا للحصول على الشريحة الثانية من القرض.

المعلومات المتوافرة تقول إن بعثة صندوق النقد أجّلت زيارتها لمصر التي كانت محددة سلفاً في فبراير الماضي، بسبب خلافات تتعلق بعدم تنفيذ القاهرة عددا من التعهدات التي قطعتها على نفسها، ومنها زيادة الضرائب وأسعار الكهرباء والوقود وخفض عجز الموازنة العامة.

إذ لم تنجح الحكومة في خفض العجز إلى المستوى الذي تعهدت به للصندوق، كما تتردد في فرض ضرائب جديدة، كما لم تنجز الحكومة القوانين التي تعهدت بها، ومنها قانونا الاستثمار والإفلاس، ولم تقم كذلك بإجراء إصلاحات جوهرية في قانون ضريبة الدخل، أو تفرض ضرائب على الأرباح الرأسمالية وتعاملات البورصة، كما تعهدت الحكومة في برنامجها المقدم للحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار.

وفي المقابل، تؤكد الحكومة التزامها ببنود الإصلاح الاقتصادي المقدمة للصندوق، خاصة المتعلقة بخفض الدين العام وعجز الموازنة العامة وزيادة الإيرادات العامة.

لكن السؤال: هل تؤثر مثل هذه الخلافات بين مصر والصندوق على مستقبل القرض الذي تمت الموافقة عليه في بداية شهر نوفمبر الماضي؟ وهل يمكن أن يقرر الصندوق مثلاً وقف صرف باقي الشرائح الخمس المتبقية من القرض والبالغ قيمتها 9.25 مليارات دولار؟

بالطبع لا، فالصندوق سيواصل دعمه المالي القوي للقاهرة، قد يؤجل صرف شريحة من شرائح القرض الخمس بعض الوقت كما يحدث حالياً، وقد تستمر الخلافات بين الطرفين خاصة في حال تأجيل الحكومة تنفيذ بعض القرارات المتعلقة بزيادة الأسعار خوفاً من ردة فعل الشارع، لكن من المستبعد تجميد الصندوق برنامج دعمه للحكومة المصرية.



المساهمون