الحرب الإسرائيلية على غزة لم تبق شجراً ولا زرعاً: تدمير ممنهج للأراضي الزراعية

07 يوليو 2024
يتعمد الاحتلال في حربه على غزة استهداف الأراضي الزراعية، دير البلح 2 مايو 2024 (الأناضول)
+ الخط -

في إطار حرب إسرائيل على أراضي غزة الزراعية، تحدث المزارع الفلسطيني ربيع الكرزون بحرقة عن الدمار الذي خلفته الدبابات الإسرائيلية في أرضه الواقعة في مواصي رفح في جنوب قطاع غزة، ويقول: "97 دونما ذهبت هباء منثورا". ويضيف لوكالة فرانس برس: "كنا جالسين، مسالمين، فوجئنا بالطائرات والدبابات.. نحمد الله أننا نجونا من هول ما رأينا".

خسر الكرزون مصدر رزقه "قوت يومنا.. إنها مأساة". ويوضح واقفا وسط أرضه بينما تظهر خلفه على التراب آثار الدبابات أنه كان يزرع "الطماطم، الخيار، الملوخية". وليس الكرزون المزارع الوحيد الذي يخسر مزروعاته في القطاع، إذ تعرضت 57% من أراضي غزة للضرر منذ بداية الحرب، وذلك وفقا لدراسة مشتركة نشرتها منظمات الأمم المتحدة في حزيران/ يونيو. يقول لارس بروملي، من برنامج مراقبة الأقمار الصناعية التابع للأمم المتحدة، إن الأضرار بشكل عام "تعود إلى تأثير أنشطة مثل نشاط الآليات الثقيلة والتفجيرات وغيرها من الأحداث المرتبطة بالنزاع، وقد يكون هناك حرق أيضا في مناطق".

أما ماتيو هنري من منظمة الأغذية والزراعة فيشير إلى أن الأضرار تهدد الاكتفاء الغذائي في غزة، لأن 30% من الاستهلاك الغذائي في القطاع مصدره الأراضي الزراعية. ويضيف: "إذا تضرر نحو 60% من أراضي غزة الزراعية، فقد يكون لذلك تأثير كبير على الغذاء". والمعاناة لا تقتصر على جنوب القطاع، إذ تتفاقم الأزمة الغذائية أيضا في شماله، بعد تعرض 68% من الأراضي الزراعية للضرر. 

الاحتلال يجرف أراضي غزة الزراعية

في شمال غرب مدينة رفح في جنوب قطاع غزة، يأسف المزارع إبراهيم ضهير لتدمير الجيش الإسرائيلي أكثر من 20 دونما يستأجرها في منطقة "الشاكوش". ويقول: "عندما دخلت الجرافات والدبابات الإسرائيلية إلى المنطقة، باشرت تجريف الأراضي المزروعة بمختلف الأشجار، من فاكهة وحمضيات وجوافة وفقوس وملوخية وباذنجان وكوسا وقرع وعباد شمس".

ويضيف في إشارة إلى خصوبة المنطقة ووفرة إنتاجها أنه كان يملك أيضا "دفيئات مزروعة بالطماطم والخيار والشمام والفلفل". ويوضح ضهير (34 عاما) بحسرة: "أعمل في الزراعة منذ كنت طفلا مع والدي وجدي، نقوم بزراعة الأراضي وبيع المنتجات الزراعية للتجار في كل غزة، وكنا أيضا نصدر إلى الضفة (الغربية) وإسرائيل". ويتدارك: "جاءت الحرب.. لم نعد نملك أي شيكل، كنا نعتمد على رزقنا من الزراعة، أما الآن، فلا عمل، نبحث عن كيفية الحصول على مساعدات لإطعام أولادنا وأهلنا". 

أما أبو محمود زعرب (60 عاما) فيملك 15 دونما في المواصي كان يزرعها بمختلف المحاصيل، وخصوصا الحمضيات. ويقول: "دخل الجيش الإسرائيلي الأرض ومسحها، لم يبق شجرا ولا زرعا، جرفها وقصف الأرض فأصبحت عبارة عن حفر. كما دمر كل شبكات المياه وبئر المياه حتى خسرت كل مصدر رزقي".

فحص كل سنتيمتر للتخلص من القذائف التي لم تنفجر

يبدي نضال أبو جزر (39 عاما) استغرابه لتدمير الدبابات الإسرائيلية أرضه، وخصوصا أن "أحدا منا لم يطلق النار نحوهم". ويقول: "(نحن) أناس آمنون. فجأة رأينا الدبابات تطلق نحونا قذائف وصواريخ.. لا يوجد شيء هنا، فقط دفيئات وخضر وزراعة".

ويضيف بألم: "40 دونما تبخرت. قتلوا العمال الذين كانوا يعملون في الدفيئات، خمسة شهداء (سقطوا) هنا". يؤكد لارس بروملي أن الضرر الذي يلحق بالأراضي الزراعية سيستمر حتى بعد التدمير والتفجير. ويوضح أن "نسبة معينة من الأسلحة (لم تنفجر).. وبالتالي فإن إزالة تلك الذخائر غير المنفجرة مهمة دقيقة وصعبة"، توجب "فحص كل سنتيمتر قبل أن يسمح للمزارعين بالعودة" إلى أراضيهم. أما ضهير فأمله الوحيد أن تنتهي الحرب "لتعود الأمور الى ما كانت عليه".

(فرانس برس)

المساهمون