قروض العراق المذلّة... الخضوع لشروط قاهرة بدل محاربة الفساد

16 يناير 2017
خلال تحركات للمطالبة بمحاربة الفساد (محمد هاتيبوغلو/ الأناضول)
+ الخط -
دفعت الأزمة المالية التي تعصف بالعراق منذ نحو عامين، بفعل انخفاض أسعار النفط وارتفاع تكاليف الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، فضلاً عن فشل رئيس الوزراء، حيدر العبادي، في تحقيق وعوده بخفض نسبة الفساد بالبلاد، إلى خيارات كثيرة من أبرزها الاقتراض الخارجي بهدف سد العجز الحاصل في موازنته المالية.

ووفقا لمصادر حكومية عراقية فإن مجمل القروض التي أخذها العراق تبلغ نحو 10 مليارات دولار من دول وبنوك عالمية مختلفة حصل عليها بشروط مذلة وفوائد كبيرة قد تجعله حبيس تلك القروض لسنوات طويلة، وستؤثر بالنهاية على دخل المواطنين وحياتهم اليومية.

ولجأ البرلمان العراقي والحكومة إلى طرق مختلفة في محاولة لتقليل العجز في موازنة البلاد، من بينها فرض الضرائب العامة على المواطنين في المستشفيات والدوائر الخدمية ورفع ضرائب المواد المستوردة، كالسيارات والمواد الإنشائية، وعلى خدمات الهاتف المحمول والسجائر وغيرها، إضافة إلى تقليل الرواتب وتجميد بعضها، وكذا بيع سندات مصرفية للمواطنين بنسب مختلفة وبيع قصور ومبان وعقارات حكومية... في إجراءات طاولت جميع مفاصل الحياة دون المساس بمرتبات وامتيازات أعضاء الحكومة والبرلمان وهو ما أثار غضباً شعبياً واسعاً في البلاد.

وتؤكد مصادر في مكتب رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، لـ "العربي الجديد"، أن "بعض القروض التي حصل عليها العراق من البنك الدولي والولايات المتحدة وبنك خليجي وآخر أوروبي تحمل شروطاً متفاوتة أُلزم العراق بها من بينها أسعار فائدة تصل إلى 4%".
ووفقا لمسؤول عراقي رفيع المستوى في مكتب رئيس الحكومة، تحدث مع "العربي الجديد" شريطة عدم الكشف عن اسمه، فإن "تلك القروض تصل إلى 10 مليارات دولار وهناك مفاوضات لاقتراض المزيد".

ويبين المسؤول أن بعض الدول طالبت العراق برهن بعض حقول النفط في البصرة وميسان وكركوك لسنوات طويلة، مشيراً إلى أن "وضع العراق المالي قائم حالياً على الأموال التي يتم اقتراضها وبنحو 30% من موازنة البلاد".
ويضيف: "هناك شروط مذلة للغاية على العراقيين لم تعلن عنها الحكومة أو تكشفها أمام العراقيين".
وأعلنت وزارة المالية العراقية، الأسبوع الماضي، عن توقيع اتفاقية حصول العراق على قرض بقيمة مليار دولار من الولايات المتحدة الأميركية.

ويقول عضو اللجنة المالية في البرلمان العراقي، النائب مسعود حيدر، في حديث مع "العربي الجديد" إن سبب وقوع العراق في أزمة مالية هو اعتماد اقتصاده اعتماداً كلياً على القطاع النفطي بنسبة 95% من إجمالي دخل العراق من العملة الصعبة، لذا فإن العراق يكافح للإيفاء بالتزاماته المالية وتوفير الخدمات الأساسية لمواطنيه"، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة ستضمن من خلال القرض السيادي تسديد المبلغ المقترض، بالإضافة إلى الفائدة بموجب سند مالي صادر من الحكومة العراقية.
وانتقدت اللجنة الاقتصادية النيابية حصول العراق على هذا القرض، كونه سيقيد ويحجز مردوداته المالية سواء من النفط أو مصادر أخرى في المستقبل.

ويؤكد أحد أعضاء اللجنة لـ "العربي الجديد"، طلب عدم ذكر اسمه، أن الحكومة العراقية أمام منحدر اقتصادي خطر لأنها وضعت نفسها في كماشة القروض المالية والدفع الآجل من أجل تجاوز انخفاض أسعار النفط العالمي وتوفير رواتب موظفي كبار الدولة الخيالية فضلاً عن توفير تكاليف الحرب على تنظيم الدولة وإعادة البنى التحتية للمدن التي دمرت خلال عمليات التحرير.
وكان نائب المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية الأميركية، مارك تونر، قد صرح بأن لإقليم كردستان العراق حصة في القرض السيادي الذي منحته أميركا للعراق، مشيراً إلى أن مسألة القرض هي قضية داخلية عراقية وبإمكان بغداد وأربيل أن تتفقا في هذا الشأن أيضاً كما تم التنسيق بينهما في الحرب على تنظيم داعش.

في المقابل، يؤكد المتحدث باسم وزارة الخارجية العراقية، أحمد جمال، أن القرض الأميركي سيسهل تمويل قرض آخر بمقدار مليار دولار بدون ضمان من الإدارة الأميركية الجديدة.
ويشير لـ"العربي الجديد" إلى أن العراق يكافح للإيفاء بالتزاماته المالية تجاه المجتمع الدولي. ويعتبر أن القرض سيضمن استمرار الولايات المتحدة بالتزامها لمساعدة العراق في الانتصار في معركته ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) الذي أوشك على الانهيار على يد القوات الأمنية في محافظة نينوى شمال العراق، فضلاً عن تحقيق الإصلاح الاقتصادي والاستفادة لجميع العراقيين من عائدات هذا القرض.


المساهمون