ليبيا تكافح أزمة السيولة بالدفع الإلكتروني

25 سبتمبر 2016
ماكينة صرف آلي في طرابلس (محمود تركي/فرانس برس)
+ الخط -


لجأت المصارف التجارية في ليبيا إلى تفعيل أنظمة الدفع الإلكتروني في الأسواق المجمّعة والمحال التجارية بالعاصمة طرابلس، للتخفيف من أزمة السيولة التي تعاني منها البلاد منذ أعوام.
ومع تواصل الحرب وتردي الأوضاع الأمنية والسياسية، أقدم كثير من الليبيين على سحب أموالهم من المصارف إما لتداولها في السوق، أو تخزينها خارج الجهاز المصرفي، مما أفضى إلى أزمة سيولة حادة.
وتبلغ الأموال المتداولة خارج المصارف في ليبيا نحو 25 مليار دينار ليبي (18.2 مليار دولار).

وتشير بيانات مصرفية حديثة إلى أن عمليات الشراء بالبطاقة الذكية، "الكريدت كارت"، سجلت نحو 293 ألف حركة خلال الأشهر الستة الماضية، واستحوذ مصرف الجمهورية وحده، أكبر المصارف التجارية بليبيا، على 273 ألف حركة.
وقال مدير إدارة الإعلام بمصرف الجمهورية، أسامة حميدان، لـ "العربي الجديد"، إن هناك إقبالا شديداً من المواطنين على خدمة نقاط البيع واستخراج بطاقات الخصم، حيث أصدر المصرف قرابة 50 ألف بطاقة في الأشهر الستة الماضية، وتم تجديد 47 ألف بطاقة، ليصل إجمالي البطاقات التابعة للمصرف إلى 770 ألفاً. وذكر أن مصرف الجمهورية يسعى لزيادة بطاقات السحب إلى 800 ألف مطلع العام المقبل.

غير أن هذه الوسيلة للتحايل على أزمة السيولة لا تجد طريقها إلا في ثلاث مدن بليبيا، هي العاصمة طرابلس، مصراتة والزاوية، بينما يعاني سكان باقي المدن من الأزمة.
هذا ما فسره حميدان، بضعف البنية التحتية اللازمة لتشغيل ناظم الصرف الإلكتروني خارج نطاق المدن الثلاث، فضلا عن أن المناطق البعيدة عن طرابلس تمر بظروف أمنية صعبة، مما يهدد ماكينات الصرف الآلي، إضافة إلى ضعف الاتصالات وقلة الكوادر البشرية المؤهلة لإدارة هذا النظام.

وقال حميدان إن بطاقات الدفع تعمل عبر حسابات يتم ربطها بمنظومة "فليكس كيوب" الإلكترونية، التي توفرها لليبيا شركة "آي فليكس سوليوسنز" ،المختصة في مجال توفير حلول تكنولوجيا المعلومات للمصارف، هذه التكنولوجيا تحتاج إلى بنية تحتية قوية، وهو شرط لا يتوفر في أغلب مدن ليبيا حالياً.
وقال المحلل المالي، عمرو فركاش، لـ "العربي الجديد"، إن الأدوات اللازمة للانتقال من الدفع نقداً إلى الدفع الإلكتروني، غير متاحة في ليبيا، فضلا عن أن ثقافة استخدامها تتطلب وقتاً كبيراً حتى يعتمدها المواطنون في معاملاتهم اليومية.

وأشار إلى أن مشكلة نقص السيولة في المصارف التجارية، تحتاج إلى خطة من قبل مصرف ليبيا المركزي، لكن يظل نجاحها مرهونا بالاستقرار السياسي للبلاد.
ويرى المصرفي، عبدالله التركي، أن هناك بداية متواضعة لعمليات الدفع الإلكتروني، إذ لا يزال استخدامها محدوداً في طرابلس، في ظل رغبة كثير من المواطنين في حفظ أموالها نقداً بدلاً من البطاقات الإلكترونية.

وأوضح التركي، لـ "العربي الجديد"، أن الإمكانيات التقنية التي تسهّل إجراءات المقاصة بين المصارف، التي توفر التعامل بطريقة الدفع الإليكتروني، تحتاج إلى تطوير، حتى يتسنى لباقي المصارف إصدار هذه البطاقات التي لا تزال تقتصر على مصرفين لا أكثر.
وقال إن أنظمة الدفع الإلكتروني تتطلب مناخاً سياسياً وأمنياً مستقراً، وهي عناصر غير متاحة في ظل التناحر السياسي والقبلي، الذي تعيشه البلاد منذ أكثر من خمسة أعوام.

وأطلق مصرف التجارة والتنمية في ليبيا خدمة "ادفع لي" منذ نهاية أغسطس/آب الماضي، والتي تعتمد أيضاً طريقة الدفع الإلكتروني مع متاجر محددة.
وتحاول الحكومة الليبية البحث عن حلول لأزمة السيولة النقدية، التي يعيشها قطاعها المصرفي لتفادي شبح الإفلاس، خاصة بعد تراجع إيراداتها المالية بسبب تواصل الانقسام السياسي وتفاقم الوضع الأمني، الذي أثر سلبا على القطاع المالي تحديداً، مما أدى إلى تأخر صرف الرواتب وزيادة الفقر والبطالة.



المساهمون