رهان أردني على خفض ضريبة المبيعات لتنشيط السوق

24 سبتمبر 2016
الأسواق تنتظر تراجع الأسعار بعد خفض ضريبة المبيعات (Getty)
+ الخط -
أبدى القطاع الخاص الأردني تفاؤلا حذراً من الإجراءات، التي تدرس الحكومة اتخاذها لتحفير الاقتصاد، والمتضمنة تخفيض الرسوم الجمركية وضريبة المبيعات بنسب لم تحدد بعد، لاسيما أنها تترافق مع إلغاء الإعفاءات التي كانت ممنوحة لبعض القطاعات.

ويرى ممثلون للقطاع الخاص في تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد"، أن إلغاء الإعفاءات الضريبية الممنوحة لبعض القطاعات سيؤدي إلى رفع كلف الإنتاج وإضعاف تنافسيتها محلياً وخارجياً، في وقت يعاني فيه الأردن من إغلاق الأسواق التقليدية لصادراته مثل سوقي سورية والعراق.

لا تجاوب مع خفض الأسعار

وفي ذات الوقت يخشى مختصون من عدم انعكاس التخفيضات الضريبية على مختلف السلع والخدمات على الأسعار وبقائها مرتفعة، نتيجة لعدم تجاوب القطاع التجاري مع تلك القرارات والقيام بتخفيض الأسعار.

وطالبوا باتخاذ إجراءات مصاحبة للقرارات المرتقبة، تلزم التجار بخفض الأسعار حتى يستفيد منها المواطن ويشعر بإيجابية تخفيض الرسوم والضرائب.

وكان مجلس السياسلت الاقتصادية الأردني، الذي يشرف عليه الملك عبدالله الثاني مباشرة، قد أوصى الأسبوع الماضي الحكومة بتطبيق معدلات موحدة ومنخفضة للتعرفة الجمركية والضريبة العامة على المبيعات، مع إعادة النظر في الإعفاءات والحد من التهرب الضريبي من
خلال اعتماد نظام للفواتير.

كما أوصى المجلس بربط الخدمات من خلال بناء قاعدة بيانات إلكترونية، والعمل على تفعيل عقوبات التهرب الضريبي وتبني برنامج للمتخلفين عن دفع الضرائب لتحفيزهم على سداد المبالغ المتراكمة عليهم.

وأشار جواد العناني، نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية ووزير الصناعة والتجارة والتموين، في تصريحات صحفية، إلى أهمية إعادة النظر في الضريبة العامة على المبيعات وتخفيضها وإلغاء الإعفاءات بهدف تحفيز الاقتصاد، مضيفا "الاستثمار هو الأولوية، والحكومة تعمل لحل كافة المشاكل بهدف الوصول إلى بيئة استثمارية جاذبة".

وتطبيق الحكومة برنامجاً شاملاً للإصلاح الاقتصادي، بهدف زيادة معدلات النمو التي تراجعت في أخر خمس سنوات إلى حوالي 2% بعد أن بلغت سابقا حوالي 5%.

ويقول زياد الحمصي، رئيس غرفة صناعة عمّان، إن التوجهات الحكومية لخفض الضرائب والرسوم الجمركية خطوة في الاتجاه الصحيح لإنعاش الوضع الاقتصادي، لكن لا بد أيضا من مراعاة ظروف القطاع الخاص في هذه المرحلة وأهمية الإبقاء على الإعفاءات الجمركية الممنوحة، خاصة على مدخلات الإنتاج، لأن ذلك سيؤدي إلى رفع الكلف وتحميل الصناعة الوطنية أعباء إضافية سوف تؤثر على تنافسيتها.

ويضيف الحمصي في تصريح لـ" العربي الجديد "، أن ارتفاع الضرائب والرسوم الجمركية حمل الاقتصاد الأردني أعباء كبيرة وأثر على تنافسية المنتجات وأدى إلى ارتفاع الأسعار.

ويقول " الصناعة الأردنية تعاني بسبب الأزمات المحيطة وارتفاع فاتورة الطاقة، وانحسار صادراتها إلى العديد من الأسواق وتوقفها لأهم سوق لها في العراق، وهي كلها تحديات غير مسبوقة".

وبلغت قيمة صادرات الأردن خلال النصف الأول من العام الجاري 2016 نحو 2.96 مليار دولار، بانخفاض تبلغ نسبته 9.6% عن الفترة ذاتها من العام الماضي، فيما تراجعت واردات المملكة في النصف الأول من 2016، بنحو 1.1%، مسجلة 9.8 مليارات دولار.

وتشير البيانات الصادرة عن جمعية المصدرين إلى أن السوقين السورية والعراقية تستحوذان على نحو 16% من إجمالي الصادرات الأردنية.

ويرتبط الأردن مع العراق باتفاق للتجارة الحرة، تدخل بموجبه السلع الأردنية معفاة من الرسوم والضرائب إلى العراق، كما أن تلك السلع معفاة من رسوم إعادة الإعمار البالغة 5%.

وانخفضت صادرات الأردن إلى العراق بنسبة كبيرة خلال السنوات الخمس الماضية، وبلغت قيمتها خلال العام الماضي 696 مليون دولار، مقابل 1.65 مليار دولار في عام 2014.

ويرى محمد الشوحة، رئيس غرفة تجارة اربد (شمال الأردن) أن تخفيض الرسوم الجمركية وضريبة المبيعات ضرورة لتنشيط الوضع الاقتصادي من خلال تخفيض الأسعار، لكن ذلك يتطلب التزاما من قبل القطاع التجاري بالتجاوب مع انخفاض ضريبة المبيعات وعكسها على السوق مباشرة.

ويقول لـ" العربي الجديد"، إن انخفاض الأسعار محلياً من شأنه تحريك السوق وارتفاع معدلات الاستهلاك، ما ينعكس إيجابا على التجار، وبالتالي فإن تخفيض الأسعار من مصحلتهم.

ويرى رئيس غرفة تجارة اربد، أن خفض الضرائب والرسوم الجمركية سيحد أيضا من عمليات التهريب والتلاعب التي تزداد عندما تكون الرسوم الجمركية مرتفعة.

أهمية التخفيضات الضريبية

وتبلغ ضريبة المبيعات في الأردن 16% على السلع والخدمات، بينما تختلف الرسوم الجمركية من سلعة مستوردة لأخرى، لكنها تصل في بعض الأحيان إلى أكثر من 70% على بعض السلع مثل السيارات تحت بند ضريبة خاصة.

ويقول محمد عبيدات، رئيس جمعية حماية المستهلك، إن التخفيضات الضريبية أمر مهم لتحسين
مستويات المعيشة، التي تراجعت بشكل كبير في السنوات الأخيرة، بسبب ارتفاع الأسعار وإلغاء الدعم الحكومي لبعض السلع مثل المحروقات (المنتجات البترولية).

ويضيف، أن على القطاع الخاص والتجار المبادرة بخفض الأسعار فور اتخاذ القرار الحكومي، حيث إنه من المفترض أن ينعكس أثر خفض ضريبة المبيعات على الأسواق مباشرة.

ويشير رئيس جمعية حماية المستهلك في تصريح خاص، إلى أهمية الرقابة على الأسواق ووضع آلية مسبقا تلزم التجار بخفض الأسعار لتخفيف الأعباء عن المواطنين الذي يواجهون ظروفا معيشية صعبة بسبب ارتفاع الأسعار وتآكل الدخول.

وتظهر بيانات وزارة المالية، أن الإيرادات الضريبة ارتفعت خلال الشهور السبعة الأولى من العام الجاري بنسبة 5%، لتصل إلى 3.8 مليارات دولار، مقارنة مع 3.5 مليارات دولار لذات الفترة من العام الماضي 2015.

وبلغت الحاصلات الضريبية من الدخل والأرباح نحو 1.1 مليار دولار، والضرائب على السلع والخدمات " ضريبة المبيعات" 1.6 مليار دولار.

ويقول عماد الطراونة، مسؤول التجارة الداخلية في وزارة الصناعة والتجارة، إن الوزارة ستقوم بعد تخفيض الضرائب والرسوم الجمركية بمتابعة الانعكاسات على السوق المحلية ورصد المتغيرات التي ستطرأ على الأسعار.

ويضيف الطراونة لـ" العربي الجديد"، أن الأسعار يفترض أن تنخفض مباشرة بالتزامن مع اتخاذ القرار، حيث إن ضريبة المبيعات تستوفى من المستهلك عند البيع سواء للسلع أو الخدمات.

المساهمون