القروض اللغز والمليارات "العفريتي"

15 يونيو 2016
مبنى البنك المركزي المصري (العربي الجديد)
+ الخط -
جلست أياماً أبحث عن حقيقة القروض التي حصلت عليها مصر مؤخراً بقيمة 13.3 مليار دولار، وخلال فترة لا تتجاوز 3 شهور، من أين جاءت؟ ومن هؤلاء المقرضون؟ هل هي دول إقليمية داعمة للنظام مثل السعودية والإمارات، أم هي مؤسسات مالية دولية مثل صندوق النقد والبنك الدوليين، أم جاءت من صناديق وبنوك عربية وأجنبية؟

والـ 13.3 مليار دولار التي أقصدها هنا هي حجم الزيادة التي تمت في الدين الخارجي لمصر، في الربع الأول من العام الجاري 2016، وخلال 3 شهور فقط (يناير وفبراير ومارس) وبواقع 4.4 مليارات لكل شهر.

متى اقترضت مصر هذا المبلغ الضخم الذي يعادل أكثر من 30% من إجمالي دينها الخارجي، وبأي شروط، وما هي الضمانات المقدمة من الحكومة للمقرضين، وما قيمة التكلفة التي تتحملها البلاد من أسعار فائدة وتكلفة إدارية مقابل الحصول على هذه القروض؟

ما هو أسلوب السداد، وهل هي قروض طويلة الأجل، أم قصيرة تخنق الاقتصاد والبلاد والعباد ومعها البنك المركزي، وما هي تكلفة الفرصة البديلة لهذه القروض الضخمة؟ وما هو الغرض أصلاً من الاقتراض، هل هناك مشروعات استثمارية وصناعية كبرى في حاجة لنقد أجنبي ضخم غير متوافر لدى البنوك؟

هل هناك مقرضون آخرون عرضوا على مصر منحها قروضاً أفضل وبتكلفة أقل وبآجال ومدد أطول، ولماذا لم يتم الإعلان عن هذه القروض من قبل على الرغم من ضخامتها، ولماذا لم تعرض على البرلمان، أو على الأقل يصدر بيان بشأنها من الحكومة أو وزارتي المالية والتعاون الدولي؟

أعترف أنني فشلت في أن أجد إجابة محددة وشافية لعشرات من الأسئلة الحائرة، وأعترف كذلك أن "الفار بدأ يلعب في عبي" خاصة وأن الحكومة لم تعلن من قبل عن هذه القروض الخارجية، ولولا التزام البنك المركزي بتطبيق المعايير الدولية، والتزامه كذلك بسداد القروض من خلال احتياطي البلاد من النقد الأجنبي فربما ما عرفنا بها أصلاً.

رقم الـ 13.3 مليار دولار ليس من عندي، فقد جاء في التقرير الشهري للبنك المركزي المصري الصادر، يوم الخميس الماضي، والذي كشف فيه عن أن إجمالي الدين الخارجي لمصر زاد 13.5 مليار دولار في 3 شهور، حيث تجاوز 53.4 مليار دولار في الربع الثالث من العام المالي الجاري (2015-2016)، الذي انتهى في 31 مارس/آذار الماضي وهو ما يعادل الربع الأول من العام الحالي 2016، مقابل 39.9 مليار دولار في الربع المقابل من العام المالي الماضي بزيادة 34.1% مرة واحدة.

وعلى الرغم من فشلي في إيجاد تفسير منطقي لاقتراض مصر 13.3 مليار دولار خلال 3 شهور، إلا أنني حاولت وضع سيناريوهات تحاول الإجابة عن الأسئلة السابقة.


قلت ربما يدخل ضمن هذا القرض مبلغ 2.5 مليار دولار قيمة قروض حصلت عليها مصر من كل من: الصين بواقع مليار دولار والبنك الدولي مليار دولار والبنك الأفريقي للتنمية 500 مليون دولار، لكن اكتشفت أن هذه القروض حصلت عليها البلاد قبل نهاية العام الماضي 2015، وبالتالي لا تدخل ضمن قروض الربع الأول من العام الجاري 2016.

رحت أضع سيناريو آخر وهو أن مصر حصلت على هذا القرض الضخم، البالغ 13.3 مليار دولار، لتمويل شراء أسلحة، خاصة صفقتي رافال وميسترال، ولكن وجدت الأخبار المتناثرة في وسائل الإعلام الغربية تؤكد أن السعودية والإمارات وعدتا بتمويل الصفقتين، ومن بين هذه الوسائل فرانس 24 وروسيا اليوم وغيرها من الصحافة الفرنسية والبريطانية؟

وفي نهاية سبتمبر/ أيلول 2015 كشفت مصادر فرنسية أن السعودية ستساعد مصر في شراء حاملتي الطائرات المروحية من طراز ميسترال اللتين صنعتا خصيصا لروسيا قبل أن تجمد باريس الصفقة مع موسكو.

كما كشف موقع "ديفينس وورلد" المتخصص في متابعة صفقات السلاح حول العالم في منتصف فبراير/ شباط 2015 أن السعودية والإمارات والكويت ضخت 19.5 مليار دولار (اتحفظ شخصياً على هذا الرقم) في البنك المركزي المصري، وهو ما مكن مؤسسات الإقراض الفرنسية من تمويل شراء مصر لصفقة مقاتلات "رافال" الفرنسية، ونقل الموقع عن مصرفي بريطاني أنه ولأول مرة تتم صفقة بيع أسلحة أشبه بالاستثمار الصناعي الكبير.

وقال الموقع إن مصر ستدفع ما يزيد قليلا عن نصف ثمن صفقة رافال والباقي سيتم اقتراضه من نحو 12 بنكا عالميا من بينها بنوك فرنسية مثل "كريديه أغريكول" و"سوسيته جنرال" و"بي إن بي باريبا"، كما أن شركة "كوفاس" للتأمين الفرنسية رعت قروضا لصالح مصر بقيمة 2.5 مليار يورو وضمنتها الحكومة الفرنسية.

هنا نطرح سؤالا: هل سددت مصر بالفعل نصف قيمة صفقات شراء مقاتلات رافال، أم قامت الدول الخليجية الثلاثة بسدادها نيابة عن مصر، على أن يتم في وقت لاحق قيدها كديون خارجية مستحقة على مصر؟

أنا هنا أميل للاحتمال الثاني.

هذا عن قروض صفقة رافال البالغ قيمتها 3.2 مليارات دولار، لكن ماذا عن باقي الـ 13.3 مليار دولار قيمة القروض الخارجية التي حصلت عليها مصر في الربع الأول من العام الجاري؟

قد يقول البعض إن المبلغ قد يتضمن القروض الأخيرة التي حصلت عليها مصر، مثل القرضين السعودي والروسي، أو القروض الجاري التفاوض بشأنها مثل مبلغ الملياري دولار مع الإمارات، لكن هذه القروض تم الاتفاق عليها بعد مارس 2016، وبعضها لم يصل بعد مثل القرض الإماراتي.

في كل الأحوال على صانع القرار في مصر الإجابة عن الأسئلة السابقة خاصة مع ضخامة حجم القروض التي حصلت عليها البلاد في 3 شهور والتي تزيد عن ثلت الدين الخارجي القائم كما قلت.

المساهمون