الاحتجاجات تُعطل تعديل "التقاعد" الجزائري

01 ديسمبر 2016
الرئيس الجزائري يعطل التعديل لعامين (فاروق باتيتشي/فرانس برس)
+ الخط -
عرف ملف تعديل نظام التقاعد في الجزائر منعطفا جديدا، بعد تدخل الرئيس عبد العزيز بوتفليقة على خط الأزمة، حيث اقتراح تعديلا يجعل السلطة تمسك العصا من الوسط.
تدخل بوتفليقة جاء على لسان وزير العمل محمد الغازي الذي رفع خلال جلسة التصويت على قانون التقاعد الجديد، اقتراحا شفهيا للرئيس يقضي بتجميد إلغاء التقاعد دون شرط السن، الذي يسمح للعامل الذي أتم 32 سنة من العمل، أن يطلب الإحالة على التقاعد، وذلك لمدة سنتين فقط. وهو المقترح الذي صادق عليه البرلمان الجزائري بأغلبية أصوات أحزاب الموالاة.
في المقابل، رفضت المعارضة من التيار الإسلامي ممثلة في تكتل الجزائر الخضراء، واليسار الاشتراكي ممثلا في حزب العمال وجبهة القوى الاشتراكية، التعديل بأكمله من حيث المبدأ.
وقال النائب عن تكتل الجزائر الخضراء الإسلامي، ناصر حمدادوش، لـ "العربي الجديد": "أثناء جلسة التصويت على قانون التقاعد، جاء ممثل الحكومة وزير العمل بإجراء من طرف رئيس الجمهورية، مدّعيا أنه قد استجاب إلى المطالب العمالية، حيث أعطى إمكانية التقاعد دون شرط السن لمن عمل 32 سنة لمدة مؤقتة بسنتين". وأضاف النائب الجزائري أن هذا الإجراء جزئي لا يمسّ إلا فئة قليلة من العمال ممن بلغوا 58 و59 سنة، ولكنه يقضي نهائيا على المكسب التاريخي للعمال.
وتابع حمدادوش: "نحن ضد هذا الإجراء لأنه غير مقنع، ولا يلبي المطالب الحقيقية للنقابات والعمال، ولا نقبل إلا بما تقبل به هذه النقابات ذات التمثيل الفعلي في الميدان".
وقال رئيس الكتلة البرلمانية لجبهة القوى الاشتراكية شافع بوعيش، إن تأجيل سريان هذا القانون لمدة سنتين لا يغير من مضمون القانون، وهو ما دفع حزبه إلى مقاطعة جلسة التصويت.
اتهامات المعارضة في البرلمان لم تستسغها أحزاب الموالاة التي فضلت الإشادة بتدخل الرئيس بعدما كانت ترحب بمشروع القانون كما أرسلته الحكومة للبرلمان.
وقال رئيس الكتلة البرلمانية لجبهة التحرير الوطني -صاحب أغلبية المقاعد- محمد جميعي، إن حزبه يرحب بالخطوة التي اتخذها رئيس الجمهورية، مضيفاً "هذا دليل على اطلاعه على شؤون البلاد في وقت تصر المعارضة على التشكيك في قدرته الصحية".

وكانت الحكومة قد قررت تعديل نظام التقاعد بعد رفع اجتماع الثلاثية، الذي ضم الحكومة ومنظمات أصحاب العمل والاتحاد العام للعمال الجزائريين، مقترحا يدعو إلى إلغاء نظام التقاعد الحالي المبني على ثلاثة أصناف وُضعت عام 1997، الأول أبقت عليه الحكومة، ويتضمن الاعتماد على سن الـ 60، مع العمل لمدة 15 سنة على الأقل.
بينما ألغى التعديل المقترح الصنفين الآخرين، حيث يتعلق النوع الثاني من التقاعد باستيفاء العامل مدة عمل لا تقل عن 32 سنة مع التأمين (جمده الرئيس لسنتين)، والنوع الثالث يتمثل في التقاعد النسبي الذي يشترط بلوغ 50 سنة على الأقل، مع توفر على الأقل 20 سنة من العمل، مع إمكانية خفض مدة السن من فترة النشاط بالنسبة إلى العمال الإناث بـ 5 سنوات، وهو الصنف الذي ألغي رسميا بعد تصويت البرلمان على مقترح الحكومة.
وتزعم الحك أن التعديلات الجديدة التي جاء بها مشروع القانون المتعلق بالتقاعد تهدف إلى "حماية صندوق التقاعد الذي يمنح أكثر من 3 ملايين معاش ومنحة للتقاعد وإنقاذه من الإفلاس"، مبرزة أن "امتياز التقاعد النسبي دون شرط السن، الذي كان يستفيد منه عدد كبير من العمال والموظفين، بلغ عددهم 916 ألف عامل، أثر بصفة واضحة ومستمرة على النظام الوطني للتقاعد".
ويُعد تجميد إلغاء الصنف الثاني من التقاعد لمدة سنتين، أي إلى يناير/كانون الثاني 2019 الذي اقترحه الرئيس الجزائري، تراجعا فرضه الضغط الذي مارسه تكتل النقابات الرافضة لتعديل قانون التقاعد (17 نقابة) بعد شنها لسلسة إضرابات ووقفات احتجاجية أخرها كانت يوم الأحد الماضي في محيط البرلمان الجزائري.
إلا أن هذا التراجع المؤقت لم تهضمه النقابات التي لا تزال تصر على إلغاء مقترح تعديل نظام التقاعد كليا وتثبيت نظام التقاعد المعمول به حاليا.
وقال مصدر نقابي لـ "العربي الجديد": "الاقتراح الذي جاء به الرئيس بوتفليقة هو مجرد ذر الرماد في العيون، فبعد سنتين سنجد أنفسنا أمام نفس الحالة التي نعيشها اليوم". وأضاف "سنواصل النضال حتى نحمي مكاسب العمال حتى آخر لحظة ".
ويطالب الأساتذة والمعلمون بتصنيف التعليم ضمن الأعمال والمهن الشاقة التي تستفيد من امتياز التقاعد المسبق، مشيرين إلى ظروف التعليم الراهنة في الجزائر، ومتطلباتها الصعبة.
المساهمون