انهيار النفط يجفف "صندوق الأزمات" في الجزائر

08 أكتوبر 2016
محطة وقود نافتا في الجزائر (مونيك جاك/Getty)
+ الخط -
أقدمت الحكومة الجزائرية على رفع السعر المرجعي لبرميل النفط في موازنة عام 2017 إلى 50 دولاراً، بعدما ظل خلال السنوات العشر الأخيرة نحو 37 دولاراً للبرميل، الأمر الذي يتوقع معه انتهاء دور صندوق سيادي تم تخصيصه في السابق لاستغلال الفائض المالي الناجم عن الإيرادات النفطية.

وكان السعر المرجعي المقدر بـ37 دولارا للبرميل يسمح بتحويل الفارق بينه وبين السعر الحقيقي في الأسواق العالمية إلى "صندوق ضبط الإيرادات"، الذي يستهدف تسيير الأزمات وسد أي عجز مسجل على مستوى الخزينة العمومية.

انقسام المحللين

وانقسم المتتبعون للشأن الاقتصادي في الجزائر بين متفائل و متشائم من هذه "المراهنة" المالية، خاصة أن الأزمة المالية التي تعصف بالبلاد منذ سنتين بلغت ذروتها مع توقع بلوغ العجز السنوي 30 مليار دولار بنهاية العام الجاري.

ويرى فرحات علي، الخبير المالي، أن "الاعتماد على سعر مرجعي لبرميل النفط بـ50 دولاراً يؤشر إلى زوال صندوق ضبط الإيرادات المتوقع انهياره قبل نهاية العام الحالي 2016".

ويقول علي لـ"العربي الجديد"، إن "كل العائدات المحصلة من الجباية (الضرائب) النفطية والجباية العادية ستحول مباشرة ابتداءً من 2017 إلى ميزانية الدولة دون المرور عبر صندوق ضبط الإيرادات، وبالتالي فإن الدولة لن تملك العام القادم أي احتياط جبائي ولن تملك أي جدار مالي".

وكانت الحكومة الجزائرية قد صادقت، يوم الثلاثاء الماضي، على النسخة النهائية من قانون الموازنة العامة لسنة 2017، والتي رصدت لها قرابة 51 مليار دولار، باحتساب سعر مرجعي للنفط لأول مرة بـ50 دولاراً للبرميل، وهي الخطوة التي سمحت بتقليص حجم توقعات العجز في السنة القادمة مقارنة مع السنة المالية الحالية.

في المقابل، يقول مبارك سري، المستشار الاقتصادي السابق لدى رئاسة الجمهورية، لـ"العربي الجديد"، إن "الأسلوب السابق في حساب الميزانية على أساس 37 دولاراً للبرميل فتح الباب أمام عدة تجاوزات في إنفاق المال العام، وأدى إلى انتشار الفساد".

ويضيف سري "وضع سعر مرجعي 50 دولاراً، يعد أكثر واقعية وأكثر قرباً من السعر الحقيقي في السوق العالمي، حيث ستحول العائدات النفطية مباشرة في الميزانية السنوية، وهو ما يسمح بتبني تسيير أكثر عقلانية وأكثر واقعية للإنفاق العام".

مخاطر مالية

إلا أن رفع السعر المرجعي لبرميل النفط في ميزانية 2017، لا يخلو من مخاطر مالية، وفق خبراء ماليين، وقد تكون نتائجه وخيمة على المشهد الاقتصادي في الجزائر، الذي يشكل النفط 96% من عائداته.

ويقول بعلي فخار الدين، مدير مكتب "ايكونوميك فيجن" للدراسات الاقتصادية: "هناك تساؤلات حول الكيفية التي ستتعامل بها الحكومة مع أي هبوط في أسعار النفط تحت عتبة 50 دولاراً. هي لم تضع سيناريو بديل أو أي صندوق سيادي آخر يحل محل صندوق ضبط الإيرادات". ويضيف لـ"العربي الجديد"، إن "قرار الحكومة بمثابة مقامرة مالية صعبة، تحمل مؤشرات الفشل أكثر من مؤشرات النجاح".

وحول الاحتمالات والسيناريوهات المحتملة، يرى فخار الدين أن الجزائر تواجه سيناريوهات قاتمة في حال نزول أسعار النفط تحت 50 دولاراً، وعليها اختيار أقلها سوءا، ويقول: "السيناريو الأول الذي قد تواجهه الحكومة هو تقليص الإنفاق العام من جديد السنة القادمة من خلال تجميد أو إلغاء المشاريع الكبرى، وهذا السيناريو يشل الاقتصاد ويخفض الجباية العادية المحصلة، أما السيناريو الثاني فهو أن تترك العجز يرتفع من خلال المحافظة على الإنفاق العام عند مستوياته العادية، وبالتالي عليها البحث عن مصادر جديدة للأموال، من بينها الاستدانة الخارجية من الصين مثلا أو من المؤسسات المالية العالمية الكبرى بنسب فائدة مرتفعة".

ويضيف: "السيناريو الثالث يتعلق بالتوجه مجدداً إلى تعويم قيمة الدينار الجزائري من أجل تضخيم فاتورة الجباية النفطية عند تحويل العملة من الدولار إلى الدينار، إلا أن هذا الإجراء قد يعود بالضرر على ميزانيات بعض القطاعات، كالدفاع، التي تخصص جزءا من الميزانية السنوية لتحويلها إلى الدولار من أجل اقتناء الأسلحة، وبالتالي أي تعويم مفاجئ للدينار سيضر بميزانيات الوزارات".

وكانت الحكومة الجزائرية قد أقرت العديد من الإجراءات في قانون الموازنة العامة لسنة 2017، منها رفع أسعار الوقود بـ3 دنانير مع أسعار التبغ ووضع ضريبة على بيع الأملاك المستعملة، كالسيارات والمنازل، بالإضافة إلى فتح رؤوس أموال البنوك العمومية، وذلك بحثا عن مصادر جديدة للأموال.

المساهمون