التحفظ ومصادرات الأموال يهددان الاستثمارات في مصر

18 اغسطس 2015
مصادرة الأموال يثير فزع المستثمرين والعاملين بالشركات (أرشيف/فرانس برس)
+ الخط -

قال خبراء ورجال أعمال إن توسّع الحكومة المصرية في مصادرة وغلق الشركات التجارية والمحلات والمصانع التابعة لجماعة الإخوان المسلمين والتحفظ عليها، تعد رسائل سلبية "مخيفة" للمستثمر المحلي والأجنبي.

وكانت الحكومة المصرية قد تحفّظت، بعد إطاحة الجيش بالرئيس محمد مرسي، المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين، في يوليو/تموز 2013، على محلات زاد وسعودي وشركات مملوكة للاعب كرة القدم الشهير محمد أبوتريكة، ثم مؤخرا تحفظت على عدد كبير من المستشفيات، و14 شركة صرافة (تضم 60 فرعا في مختلف أنحاء الجمهورية)، ثم التحفظ على شركة جهينة المملوكة لرجال الأعمال الشهير صفوان ثابت.

وقال عضو مجلس إدارة الصناعات المصرية، عبدالرحمن الجباس، في تصريحات خاصة لـ"العربى الجديد"، إن قرارات التحفظ والمصادرة بشكل عام تضر أي استثمار، وتوسُع الحكومة المبالغ فيه بعد عزل مرسي يدعو إلى القلق.

وأضاف الجباس، أن رجال الأعمال وأصحاب الشركات أنشطتهم مكشوفة ولا تخفي على أحد قائلاً "لم يكونوا تحت الأرض مختبئين ثم خرجوا مرة واحدة.. وفجأة اكتشفت الحكومة أنهم إخوان".

وأشار إلى أن التحفظ الأخير الذي صدر ضد صفوان ثابت، رئيس مجلس إدارة شركة جهينة، يدعو إلى "الاستغراب والتعجب"، موضحاً أن ثابت له تاريخ كبير في الصناعة، واستطاع أن ينهض بصناعة الألبان في مصر، ويصدر منتجاته إلى جميع الأسواق الخارجية، خاصة السوق العربي والأفريقي.

وأكد الجباس أن كثرة التحفظات والمصادرة لأموال وممتلكات رجال الأعمال يرسل رسائل غير مطمئنة وسلبية للمستثمرين المحليين والأجانب.

وقال عضو مجلس إدارة غرفة القاهرة التجارية السابق، عاطف الأشموني، في تصريحات خاصة، إنه ضد أي قرارات غلق أو تحفظ على أي شركة أو منشأة تجارية مهما كان انتماء صاحبها.

وأضاف، أنه سبق وأن اعترض على غلق محلات زاد وسعودي العام الماضي، وتقدم باستقالته من الغرفة التجارية، قائلاً "لست إخوانيا، ومختلف معهم سياسياً بشكل مستمر، غير أنه ليس من المعقول مصادرة الشركات واستيلاء الدولة علي أموال التجار".

وأوضح أن قرارات الغلق والمصادرة ستقضي على التجارة والاستثمار في مصر، وستطرد الاستثمار الأجنبي، كما أنها تعد رسالة سلبية للمقبلين على الاستثمار.

وقال صفوان ثابت، رئيس مجلس إدارة جهينة ورئيس غرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات الأسبق، في تصريحات خاصة، إنه لا ينتمي لجماعة الإخوان، وأنه علم بالخبر من وسائل الإعلام، ولم يتم إخطاره بأي قرارات رسمية حتى الآن.

اقرأ أيضاً: مصارف أجنبية وشركات خليجية وعالمية تهرب من مصر

وأوضح أن قرار التحفظ لا يشمل شركة جهينة، لأنها شركة مساهمة ومدرجة في البورصة المصرية، ولا يجوز التحفظ عليها، وفقاً لقانون سوق رأس المال.

وأكد أن قرار التحفظ على أمواله سيكون له توابع وتأثيرات على الاقتصاد ومستوى الشركة والعاملين والبورصة والشركات التي ستقام خلال الفترة المقبلة.

وأضاف أنه سيتم الحفاظ على جميع العمالة المباشرة وغير المباشرة، والتي تصل لأكثر من 50 ألف عامل تعمل في 7 مصانع و28 فرعا لوجستيا. وشدد على أنه سيستمر في الأعمال الخيرية والجمعيات الأهلية.
 
وأضاف ثابت، أنه ينتظر مخاطبة رسمية من لجنة حصر الأموال ليجهّز الردود القانونية، وسيقوم بالطعن على قرار التحفظ على أمواله فور استلامه القرار الصادر بذلك، وإثبات عدم قيامه بتمويل جماعة الإخوان.

من جانبه، قال أبو العلا أبو النجا، نائب رئيس اتحاد جمعيات المستثمرين، في تصريحات خاصة، إن إجراءات المصادرة "زادت عن الحد"، وأصبحت مبالغاً فيها.

وأوضح أن هذا الأمر سيؤثر على سمعة مصر خارجياً، ويقلق أيضاً المستثمر المحلي، الذي ينوي فتح استثمارات جديدة أو إنشاء توسعات في الاستثمارات القائمة بالفعل.

وأضاف أن المستثمرين الأجانب يتابعون عن كثب الأوضاع السياسية والاقتصادية في مصر، ويسألون شركاءهم المصريين أو المتعاملين معهم عن حقيقة الأوضاع في مصر، التي تصل أحياناً لهم بشكل مبالغ فيه، وبالتالي يؤجلون قرارات الاستثمار.

وقال إن شركة جهينة ورئيس مجلس إدارتها صفوان ثابت تمثل ثقلا اقتصاديا كبيرا جداً، وأي اهتزاز لها يربك سوق الألبان والعصائر، موضحاً أنها تستحوذ على نحو 60% من مبيعات الألبان ومنتجاتها (خاصة الزبادي)، ونحو 10% من إنتاج العصائر، متوقعا أن تشهد البورصة المصرية في تداولات الأحد المقبل خسائر كبيرة.

أما أحمد الوكيل، رئيس اتحاد الغرف التجارية المصرية، فقال "أنا ضد أي قرارات تحفظ، سواء للتجار أو الصناع"، مضيفاً "لا يمكنني التعليق الآن على الحكم، وسننتظر حتى وضوح الرؤية".

وقال مصدر بمجلس إدارة اتحاد الصناعات، رفض ذكر اسمه، إن الحكومة تواجه أزمة مالية كبيرة جدا، لذلك توسعت في عمليات المصادرة والتأميم، متوقعًا أن تشهد الشهور القليلة المقبلة توسعات كبيرة في مصادرة الأموال.

وأضاف أنه من المتوقع بعد الانتهاء من تصفية كل الشركات التابعة للإخوان، أو التي بها شبهة أخونة، ستتجه الدولة إلى تصفية القطاع الخاص المتبقي، بدعوى الاحتكار أو بدعوى التهرب الضريبي، قائلاً "لن يعدموا الحجة".

ولفت النظر إلى أنه في المقابل تتوسع المؤسسة العسكرية في الاقتصاد بشكل كبير جدا، وتزاحم القطاع الخاص وتضيق عليه في أنشطة ومجالات مختلفة، رغم أنها تنتج بدون أي تكلفة نهائيا.

وأوضح أن هذه القرارات تخالف الدستور المصري وقانون حوافز الاستثمار، حيث ينص الدستور على حماية الأموال الخاصة، وحظر مصادرتها بدافع قانوني أو غيره، كما أن قانون الاستثمار ينص على ألا يجوز بالطرق الإدارية فرض الحراسة أو الاستيلاء أو التحفظ على أموال خاصة بالشركات أو الأفراد.

وكانت لجنة حصر الأموال قامت بالتحفظ، قبل أسبوع، على 16 مستشفى في خمس محافظات، وتحفظت كذلك على 14 شركة صرافة وفروعها التي وصلت إلى 66 شركة.


اقرأ أيضاً: مصر: رحيل شركات عالمية رغم وعود حكومية بجذب الأموال

المساهمون