مصر ومليارات السعودية

15 ديسمبر 2015
السيسي مع العاهل السعودي، سلمان بن عبد العزيز(فرانس برس)
+ الخط -



تشير الأرقام الصادرة عن السعودية إلى أن مركزها المالي وموازنتها العامة تعاني من مشاكل كبيرة وعجز مزمن بسبب استمرار تهاوي أسعار النفط ووصوله لمعدلات هي الأدنى منذ 11 عاما، إضافة لزيادة تكاليف الإنفاق على الحرب في اليمن ومواجهة خطر الإرهاب وتنظيم داعش.

وحسب الأرقام الرسمية فإن حكومة المملكة تتوقع أن تسجل موازنة العام الجاري 2015 عجزاً قدرته بنحو 145 مليار ريـال اي ما يعادل 38.6 مليار دولار، في حين توقع محللون ماليون سعوديون أن تسجل الموازنة عجزاً يتراوح بين 400 و500 مليار ريال أي ما يعادل ما بين 107 و133 مليار دولار، وهو ما يمثل نحو 20% من الناتج المحلي الإجمالي، وذلك بسبب وصول أسعار النفط لأقل من 38 دولارا للبرميل.

ويتكرر المأزق مع موازنة العام القادم 2016، حيث من المتوقع أن تسجل عجزاً بنحو 200 مليار ريال (53.3 مليار دولار)، في حال استقرار أسعار النفط حول 40 دولاراً للبرميل، علماً بأن الأسعار مرشحة لمزيد من التراجع بعد أن هبطت أمس لأقل من هذا الرقم وإصرار إيران على زيادة إنتاجها النفطي وعدم الالتزام بحصص وسقف انتاج منظمة أوبك.

إزاء هذا الوضع، قامت السعودية بخطوات جدية لمواجهة هذا العجز المزمن منها سحب أكثر من 70 مليار دولار من استثماراتها وأصولها الخارجية خلال الأشهر الأخيرة.

كما تستعد السعودية لخطوات أخرى منها ترشيد الإنفاق العام وخفض دعم الطاقة عبر زيادة أسعار الغاز الطبيعي والطاقة المخصصة لقطاع الصناعة، ومن المتوقع أن تطاول الزيادة أسعار البنزين لكن على مراحل.

ومن بين أدوات التعامل المطروحة مع العجز المتوقع في موازنة عام 2016 فرض ضرائب على المواطنين، مع التذكير هنا أن الحكومة فرضت مؤخراً رسوماً على الأراضي البيضاء الواقعة داخل النطاق العمراني للمدن، ومن المقرر أن يدخل القرار حيز التنفيذ نهاية العام القادم.

ونتيجة العجز المزمن في موازنة المملكة توقع كثيرون تراجع الدعم السعودي الخارجي بخاصة المقدم لمصر التي تتلقى الجزء الأكبر من هذه المساعدات منذ يوليو 2013، لكن وزيرة التعاون الدولي المصرية سحر نصر فاجأت الجميع أمس بإعلانها إن بلادها تتفاوض حاليا مع السعودية للحصول على منح وقروض ووديعة جديدة ومشروعات استثمارية.

وهذا التصريح يعني ببساطة أن الحكومة المصرية لا تتفاوض للحصول فقط على قروض وودائع مساندة لدعم الاحتياطي الأجنبي لدى البنك المركزي كما جرى في شهر أبريل/نيسان 2015، ولكنها تتفاوض على منح ومساعدات نقدية ومشتقات بترولية، إضافة لمشروعات استثمارية.

إذن هل هناك حل لهذا اللغز الممثل في رهان القاهرة في الحصول على مساعدات من السعودية رغم العجز المزمن الذي تعانيه موازنة المملكة والذي سيدفعها نحو الاقتراض الخارجي وزيادة الأسعار وتسييل جزء من اصولها الخارجية؟ وهل ستسفر المفاوضات الجارية بين البلدين عن شيء ملموس؟

توقعاتي الشخصية أن السعودية ستواصل تقديم مساعدات وودائع مساندة لمصر رغم الأزمة المالية التي تمر بها موازنتها العامة واقتصادها الوطني، وهناك اعتباران يجب أن نضعهما في الاعتبار هنا، الأول هو حرص السعودية على استقرار مصر، لأن أي اضطرابات في أكبر دولة عربية قد يفتح الباب أمام اندلاع اضطرابات أعنف في كل دول المنطقة، والثاني هو حرص المملكة على حماية استثماراتها في مصر التي تتجاوز 25 مليار ريال سعودي.



اقرأ أيضاً:
مصر تستغيث بصندوق النقد لإقراضها 6 مليارات دولار
مصر تتفاوض مع السعودية على منح وقروض ووديعة جديدة

المساهمون