أزمة النفط..عُمان تواجه "أوقاتاً عصيبة" وروسيا تلمح لخفض الإنتاج

22 يناير 2015
تهاوي أسعار النفط يقلص إيرادات الدول المنتجة (فرانس برس)
+ الخط -
يبدو أن معاناة تهاوي أسعار النفط في الأسواق العالمية، بدأت تتسرب إلى الدول المنتجة للذهب الأسود، واحدة تلو الأخرى، لتتعالى المطالب بخفض الإنتاج، لإيقاف حرب حرق الأسعار المشتعلة بين المنتجين، والتي كاد دخانها يخنق اقتصادات دول عدة داخل منظمة "أوبك" أو خارجها. 
ووجه وزير النفط العماني، محمد بن حامد الرمحي، انتقادات حادة لسياسة الإنتاج التي تنتهجها منظمة الدول المصدرة للنفط عالميا "أوبك"، خلال مؤتمر لصناعة الطاقة في الكويت أمس.
وقال الرمحي إن بلاده تعاني، وإن سياسة أوبك تخلق تقلبات في السوق دون أن تعود بالنفع على منتجي النفط.
وكانت "أوبك" قررت في اجتماعها الأخير في فيينا نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، الإبقاء على إنتاجها دون تغيير رغم انخفاض الأسعار.
ويعتقد المحللون، أنها سياسة تقودها المملكة العربية السعودية وكبار المنتجين الخليجيين، لحماية حصصهم السوقية في مواجهة الموردين ذوي التكلفة المرتفعة من خارج "أوبك" مثل منتجي النفط الصخري الأميركي.
وسلطنة عمان منتج مهم للخام، لكنها تفتقر إلى الاحتياطيات النفطية والمالية الضخمة التي يحوزها جيرانها الخليجيون وهي ليست عضوا في أوبك.
وقال وزير النفط العماني "لا أفهم كيف تكون الحصة السوقية أهم من الإيرادات"، وذلك في أقوى انتقاد علني مباشر توجهه سلطنة عمان لأوبك حتى الآن.
وأضاف أن سياسة أوبك قد تنجح بشكل مؤقت في إزاحة المنتجين المرتفعي التكلفة من السوق لكنهم سيعودون لاحقا، ولذا فكل ما تفعله أوبك هو إحداث تقلبات في السوق.
وبسبب تراجع سعر النفط أعلنت سلطنة عمان في وقت سابق من يناير/كانون الثاني الجاري ميزانية 2015، متضمنة عجزا حاداً قدره 2.5 مليار ريـال (6.5 مليارات دولار). وقال الرمحي "الوضع الحالي سيئ لنا في عمان. إنه وقت عصيب بالفعل. هذه سياسة سيئة".

لكن وزير النفط العراقي، عادل عبد المهدي، قال أمام المؤتمر، إن أسعار الخام بلغت مستوى القاع ومن الصعب أن تنخفض أكثر.
واعتبر عبد المهدي أن "مجموعة من العوامل ستصحح سعر النفط صعودا"، مشيرا إلى أن المستويات الحالية ستخرج من السوق منتجين بكلفة مرتفعة، لاسيما منتجي النفط الصخري في أميركا الشمالية.
وبحسب الوزير العراقي، فإن خروج منتجين من السوق سيخفض الفائض في المعروض، الذي يقدر حاليا بـ 2.5 مليون برميل يومياً، وسيدعم الأسعار.
وتراجعت أسعار النفط بنسبة لامست 60% منذ حزيران/يونيو، ما يقلص بشكل كبير عائدات دول المنطقة المنتجة للخام.
وسجل سعر خام القياس العالمي مزيج برنت نحو 48.5 دولاراً للبرميل، أمس، لكن بعض المحللين قالوا إن آفاق الأشهر الستة القادمة تظل قاتمة بسبب وفرة المعروض.
لكن محللين في قطاع الطاقة، يرون أن رهان بعض الدول داخل أوبك، على تعرض شركات النفط الصخري لضربات إثر تراجع الأسعار، لن يؤتي ثماره على الأمد القريب وربما تزيد بعض الشركات إنتاجها في المقابل لخفض التكاليف.
وذكرت مجموعة "إيه.إن.زد" المصرفية الأسترالية، مؤخرا "لن يبدأ منتجو النفط الصخري (الأميركيون) في الشعور بوطأة الوضع قبل ستة أشهر"، مضيفة "ما زالت احتمالات أسعار النفط تميل إلى الاتجاه النزولي في الأمد القريب".
كما قال مصرف " بي.إن.بي باريبا" في تقرير له مؤخرا "ما زلنا لا نرى مجالا يذكر لتجنب زيادة كبيرة في المخزون في النصف الأول من 2015 ومن ثم نتوقع أسعارا ضعيفة".
ويبدو أن خيار خفض الإنتاج يتنامى لدى عدة دول، لكن ذلك ما يزال يواجه صعوبات في إقناع "أوبك" التي تستحوذ على نحو ثلث إنتاج العالم بما يقرب من 30 مليون برميل يومياً، تستأثر السعودية وحدها بنحو 30% من هذا الإنتاج .
ودفعت هذه الأجواء بعض الدول الأكثر معاناة داخل أوبك وخارجها إلى الخروج عن نطاق هذا الكيان مؤخرا، في محاولة لخلق تكتل أو تحالف لكبح تهاوي الأسعار المدفوع بقوة بتخمة المعروض العالمي، وفق خبراء الطاقة.
وتضم "أوبك" 12 دولة، هي السعودية، والكويت، العراق، الإمارات، قطر، ليبيا، الجزائر، إيران، فنزويلا، أنغولا، الإكوادور، ونيجيريا.
ولمحت إيران وروسيا وفنزويلا إلى خفض الإنتاج.
وقال أركادي دفوركوفيتش، نائب رئيس الوزراء الروسي، إن إنتاج بلاده من النفط قد يشهد تراجعا طبيعيا لن يزيد على حوالي مليون برميل يومياً.
لكن دفوركوفيتش، أشار في تصريح لرويترز، على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس أمس، إلى أن بلاده "قادرة على ضبط ميزانيتها عند أي مستوى لسعر النفط الذي توقع أن يظل منخفضا لفترة طويلة".
وتعاني روسيا وهي من أكبر المنتجين خارج منظمة أوبك بنحو 12 مليون برميل يومياً، من أزمة اقتصادية نتيجة التراجع المتواصل في أسعار النفط في الأسواق العالمية والعقوبات الأميركية والأوربية ضد موسكو بسبب الأزمة الأوكرانية، إثر ضم روسيا شبه جزيرة القرم عقب انفصالها عن أوكرانيا في مارس/آذار الماضي.
كما لمحت إيران وهي عضو في أوبك، إلى استعدادها لخفض الإنتاج، مشيرة إلى أن الأسعار قد تهبط إلى 25 دولاراً للبرميل إن لم تتخذ "أوبك" إجراء لدعمها.
كما قام الرئيس الفنزويلي، نيكولاس مادورو، منتصف يناير/كانون الثاني الجاري، بجولة إلى عدة دول نفطية، منها إيران وروسيا، لبحث خطوات مشتركة للحد من تهاوي الأسعار.
وحسب وزير النفط الفنزويلي، أسدروبال تشافيز، خلال مؤتمر للمستثمرين في كراكاس يوم الثلاثاء، فإن صادرات بلاده من الخام تراجعت إلى 2.33 مليون برميل يومياً في 2014 من 2.43 مليون برميل في السنة السابقة. وتعاني فنزويلا عضو "أوبك" من هبوط أسعار النفط العالمية منذ منتصف عام 2014.
وتوقع صندوق النقد الدولي في تقرير له الأسبوع الحالي، تراجع النشاطات الاقتصادية في الدول المصدرة للنفط، بسبب هبوط الأسعار، مشيرا إلى أن الغموض لا يزال يلف مسار أسعار الخام.
وتعتمد بلدان "أوبك" بشكل كبير على سعر الخام، في الحفاظ على توازن ميزانياتها، بجانب الاحتفاظ باحتياطات كبيرة من النقد الأجنبي والذهب، لوقايتها من آثار التقلبات السعرية للنفط، لكن القدر الأكبر من الاحتياطيات النقدية تستحوذ عليه دول مجلس التعاون الخليجي، حيث تستأثر السعودية وحدها بما يقرب من نصف الاحتياطيات النقدية والذهب لدول أوبك.
وبلغ إجمالي احتياطي النقد الأجنبي والذهب لبلدان أوبك نحو 1.4 تريليون دولار، تستحوذ السعودية على نحو 739.5 مليار دولار منه.
المساهمون