انهيار أسعار النفط يعيد أميركا إلى "كرسي القيادة"

12 يناير 2015
المتسوقون في نيويورك فرحين بوفورات الوقود (GETTY)
+ الخط -

يعيد النفط رسم خارطة العالم من جديد في القرن الحادي والعشرين، ويفعل السحر في تشكيل عالم السياسة والاقتصاد. ومنذ بداية تدهور أسعار النفط في يونيو/حزيران الماضي بدأت أميركا تعود بقوة إلى "كرسي القيادة "، بعد أن خبا نجمها خلال أكثر من عقد ونصف، مستفيدة من رخص الوقود وانعكاساته على الصناعة والخدمات.

وقال الخبير الاقتصادي الأميركي محمد العريان في تصريحات تلفزيونية "الاقتصاد الأميركي في طريقه للنمو بقوة وإن المخاوف الرئيسية تتمثل في التأثيرات الخارجية".

وتشير البيانات الاقتصادية الرسمية الأميركية التي أعلن عنها مؤخراً، إلى أن النفط يفعل في إنعاش الاقتصاد الأميركي، ما لم تفعله أكثر من 4.5 تريليونات دولار، ضخها مصرف الاحتياط الفيدرالي "البنك المركزي" في الأسواق الأميركية.

وحسب البياناتالرسمية الأميركية، فإن عدد الوظائف الجديدة في شهر ديسمبر/كانون الثاني الماضي فقط، بلغت 252 ألف وظيفة وأن حوالى 3 ملايين أميركي حصلوا على وظائف جديدة خلال العام 2014، معظمها في النصف الثاني من العام، وهي الفترة التي شهدت بداية تدهور أسعار النفط، كما انخفض معدل البطالة في أميركا إلى 5.6%، وهو أدنى معدل للبطالة منذ الأزمة المالية التي اندلعت في أغسطس/آب 2008.

وخسرت أسعار النفط نحو 56.52% من قيمتها منذ بداية شهر يونيو/حزيران الماضي، حيث تراجعت من 115 دولارا للبرميل إلى نحو 50 دولارا حاليا، واستمر التراجع مع رفع روسيا إنتاجها إلى مستويات قياسية وتحسن صادرات العراق من النفط، وإقرار السعودية تخفيضات كبيرة على نفطها.

ولاحظت "العربي الجديد" أن مزاد السندات طويلة الأجل التي طرحتها الخزانة الأميركية في الأسبوع الثالث من ديسمبر/كانون الأول الماضي، شهدت أكبر نسبة إقبال منذ سنوات الأزمة، وهنالك تدفق كبير من السيولة الخارجية على شراء الموجودات الدولارية، في ظل قوة العملة الأميركية وانخفاض معدل التضخم.

ومن المحتمل  أنينمو  الاقتصاد الأميركي خلال العام الجاري بحوالي 3.2%، وذلك حسب متوسط توقعات مصارف كبرى، منها "جي بي مورجان "الأميركي و"بي إن باريبا" الفرنسي.

ويأتي هذا المعدل من النمو في ظروف تختفي فيها المخاوف من التضخم، بسبب رخص الوقود وانخفاض كلفة البضائع المصنعة التي يدخل النفط في إنتاجها.

وحسب محللين "يطمئن النفط الرخيص وتداعياته على الوقود والإنتاج، أن التضخم في أميركا لن يكون مرتفعاً، رغم المخاوف من ارتفاع سعر الفائدة الأميركية"، ويتوقع محمد العريان أن يعمل مصرف الاحتياط الفيدرالي على رفع نسبة الفائدة على الدولار ولكن بالتدريج.

ويقول اقتصاديون في جامعة وارتون للأعمال التجارية في فلادليفيا، إن سوق المال الأميركي ربما يتمكن من استعادة قوة دفعه؛ مستفيداً من جاذبية السوق الأميركية للمستثمرين الأجانب الراغبين في تحقيق أرباح، عبر شراء موجودات مقيمة بالدولار القوي، مقارنة باضطراب وتدهور أسعار صرف معظم العملات الرئيسية. وذلك إضافة إلى وفورات أسعار الطاقة في الصناعة والزراعة والنقل والسفر.

ويقدر اتحاد شركات الطيران في أميركا أن تحقق شركات الطيران وفورات تقدر بنحو خمسة مليارات دولار، من انخفاض سعر الوقود في العام المقبل. وتقدر فاتورة الوقود بهذه الشركات بنحو 51 مليار دولار سنوياً.

ورغم خسائر شركات النفط الصخري وانعكاسات أسعار النفط على تدهور اقتصاديات الولايات النفطية، يبقى انهيار الأسعار في صالح الاقتصادي الأميركي، حيث يضيف رخص كلف الطاقة، إلى انخفاض كلف إنتاج البضائع الأميركية، ويرفع من تنافسيتها في السوق المحلي أمام البضائع المستوردة من جهة، ومن جهة أخرى سيرفع من تنافسية الصادرا الأميركية أمام البضائع الآسيوية التي لا تزال تعاني من ارتفاع كلفة الغاز الطبيعي.

ويضاف إلى رخص سعر النفط، السعر المتدني جداً للغاز الذي يقل سعر مليون وحدة منه عن أربعة دولارات، مقارنة بحوالي ثمانية دولارات في آسيا وأوروبا.

المساهمون