10 أعوام على ثورة 25 يناير: الجيش المصري أكبر الرابحين اقتصادياً

25 يناير 2021
القوات المسلحة وسّعت من أنشطتها الاقتصادية في عهد السيسي (خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -

تحل الذكرى العاشرة لثورة 25 يناير، وقد تبدل المشهد بدرجة كبيرة، سواء قبل الثورة خلال حقبة الرئيس المخلوع حسني مبارك، أو بعد انقلاب الثالث من يوليو 2013، الذي دفع بالمؤسسة العسكرية إلى مقدمة المشهد.

فبعد الحديث عن فساد رجال أعمال نظام مبارك، واستحواذهم على كافة الفرص الاستثمارية، في البلاد، حلت المؤسسة العسكرية بكافة أفرعها، محل رجال أعمال نظام مبارك، وحصلت المؤسسة على العديد من الامتيازات الاقتصادية والاستثمارية البعيدة تماما عن تخصصاتها، سواء على المستوى القتالي أو اللوجستي.

في نهاية الأسبوع الماضي على سبيل المثال، أثارت الصور التي نشرها المتحدث باسم رئاسة الجمهورية المصرية السفير بسام راضي، لاجتماع رئاسي خاص بمناقشة مشروع زراعي عملاق، تحت اسم "مستقبل مصر"، يستهدف زراعة 500 ألف فدان على محور الضبعة، حالة من السخرية، الواسعة بين المتخصصين ونشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، حيث غاب عن الاجتماع أي متخصص في المجال الزراعي، أو على الأقل وزير الزراعة في حكومة مصطفى مدبولي، فيما اصطفت القيادات العسكرية على جانبي مائدة الحوار التي جلس السيسى على رأسها.
وحسب بيان المتحدث الرسمي باسم الرئاسة، الخاص بالاجتماع، حضر الفريق محمد عباس حلمي قائد القوات الجوية، واللواء أمير سيد أحمد مستشار رئيس الجمهورية للتخطيط العمراني، واللواء محمد أمين مستشار رئيس الجمهورية للشؤون المالية، واللواء أركان حرب ايهاب الفار رئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، واللواء أحمد الشاذلي رئيس هيئة الشؤون المالية للقوات المسلحة، والمقدم طيار بهاء الدين الغنام.

من جهتها فسرت مصادر خاصة رفيعة المستوى، لـ"العربي الجديد"، عدم حضور أية شخصية مدنية أو خبراء معنيين بالزراعة لهذا الاجتماع.

وحسب المصادر، التي رفضت ذكر اسمها، فإن توسع السيسي في منح الامتيازات للقوات المسلحة، على الصعيد الاقتصادي، يأتي ضمن عمليات ترضية، وشراء ولاءات من جانب الرئيس المصري، الذي يسعى دائما لضمان قادة القوات المسلحة الكبار، ليكونوا داعمين له.
وبعيدا عن مشروع مستقبل مصر الذي تم تخصيصه لصالح القوات الجوية، هناك مشروعات أخرى تحصلت عليها أفرع وإدارات بالقوات المسلحة، والمشروع الخاص بالاستفادة من الأراضي على جانبي الطرق والمحاور المرورية البارزة، والذي جاء من نصيب المخابرات الحربية، التي استحوذت على مشروع محطات الوقود "شيل أوت" ومجمعات الخدمة التابعة لها، والمحلات المرفقة بها، على جانبي الطرق المهمة في مصر، والذي تم تكليف الجهاز به بالأمر المباشر، دون طرحه لأية فرصة تنافسية للمستثمرين المصريين أو الأجانب.
إضافة إلى ذلك، تغولت الهيئة الهندسية للقوات المسلحة وسيطرت على كافة المشروعات العملاقة في البلاد، في حين تحولت باقي الشركات الوطنية الكبرى مثل المقاولون العرب، وحسن علام إلى مقاولين من الباطن، بحيث تحصل الهيئة الهندسية على عقود تنفيذ أي مشروع، من دون تنفيذ من جانبها، في حين تقوم بتشغيل باقي الشركات المدنية لصالحها كمقاولين من الباطن.
إضافة إلى ذلك، حصلت مصانع الإنتاج الحربي طوال الفترة الماضية على الفرص الاستثمارية الأضخم، في سوق التصنيع المصري، بشكل مباشر بدون أي تنافس من جانب القطاع الخاص أو مصانع القطاع العام العاملة في الصناعات ذاتها، ما أفقد تلك المصانع فرصا كبيرة للدخل، وساهم في انهيار الموقف المالي للعديد منها، حيث تصدرت مصانع الإنتاج الحربي، إنتاج مستلزمات مواجهة كورونا، وتم إلزام كافة الوزارات بالتعاقد الإجباري مع المصانع الحربية للحصول على تلك المستلزمات، مثل الكمامات، ومواد التعقيم، وكبائن التعقيم، التي لم يستخدم غالبيتها بعد شرائها من جانب كافة الوزرات.
كما كان من أبرز المشروعات العملاقة التي استحوذت عليها القوات المسلحة، مؤخراً، مشروع الاستزراع السمكي، المعروف "ببركة غليون"، في محافظة كفر الشيخ، وكذلك في منطقة شرق التفريعة الذي افتتحه السيسي مؤخرا، والذي استحوذت عليه قيادتا الجيشين الثاني والثالث، ومن ذلك سيطرة قيادتي الجيشين على قطاعات المحاجر والتعدين أيضاً.
كما استحوذت القوات المسلحة، على عمليات التوريد لكافة المستلزمات الطبية والأدوية، لصالح كافة المستشفيات الحكومية بمختلف تصنيفاتها، عبر ما يعرف بالهيئة المصرية للشراء الموحد التي يترأسها اللواء بهاء زيدان.

من جانبه علق مصدر سياسي مصري على ظاهرة استحواذ القوات المسلحة على الاقتصاد المصري في أعقاب ثورة 25 يناير، قائلا "في الفترة الأخيرة قبل ثورة 25 يناير، إبان عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك كان هناك غضب عارم من جانب المشير حسين طنطاوي وزير الدفاع وقتها، والقوات المسلحة، بسبب تغول رجال أعمال لجنة السياسات في الحزب الوطني التي كان يترأسها نجل الرئيس وقتها جمال مبارك، للدرجة التي تحصل عليها رجال أعمال أصدقاء لمبارك الابن، على أراض ساحلية كانت ضمن ممتلكات القوات المسلحة، لإقامة مشروعات سياحية عليها.

وتابع المسؤول السياسي الذي كان مطلعا عن قرب على كواليس مرحلة ما قبل 25 يناير 2011، "بالطبع استفاد قادة القوات المسلحة من ثورة 25 يناير، بإطاحة مشروع التوريث الذي كان يسعى له جاهدا مبارك لتصدير نجله جمال للمشهد، وإزاحة مجموعة رجال الأعمال المحيطين به، وكذا تحجيم نفوذ وزارة الداخلية ووزيرها في ذلك الوقت حبيب العادلي، الذي كانت العلاقة بينه وبين المشير طنطاوي متوترة للغاية".
وأوضح المصدر أنه "خلال الأيام الأولى لثورة يناير، كان هناك ما يمكن تسميته بالدعم للثوار وتهيئة المشهد لهم، لحين الوصول إلى هدف محدد، وبعدها تتعامل القوات المسلحة، لإنهاء الأمر"، متابعا "لم تسر الأمور بعد ذلك كما أراد قادة الجيش، وخرجت عن سيطرتهم، وتحولت لثورة حقيقية في أيامها الأولى".
وحول توغل القوات المسلحة في الاقتصاد، مؤخراً، قال المصدر "الفرصة باتت سانحة أمام قادة الجيش الذين يرون أن الجيش هو الأحق بتلك المكاسب من دون مراجعة أو مناقشة أو حساب أمام أية جهة باعتبار أنهم هم حامي حمى الدولة ويتحملون عبء مسئوليتها، وهو الحديث الذي يكرره دائما قادة في الجيش المصري" بحد تعبير المصدر.

وأوضح المصدر أن "الأمر والبيانات الرسمية كانت مزعجة لمؤسسات التمويل الدولية، وعلى رأسها صندوق النقد الذي سبق أن اشترط ضرورة تخفيض حجم حضور الجيش في الاقتصاد، إذ جاءت من هنا فكرة طرح عدد من الشركات التابعة لهم في البورصة".

المساهمون