وزير الزراعة اللبناني لـ"العربي الجديد": إسرائيل تستهدف المزارع بقنابل فوسفورية

26 أكتوبر 2023
القصف يهدد موسم الزيتون (حسين بيضون)
+ الخط -

لا تزال المواجهات بين حزب الله والاحتلال الإسرائيلي محتدمة على الحدود اللبنانية الجنوبية مع فلسطين المحتلة منذ الثامن من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، بالتزامن مع بدء عملية "طوفان الأقصى".

ومنذ بدء "المعركة الحدودية"، يعمد الاحتلال إلى استهداف مواقع بيئية باستخدام أسلحة مُحرَّمة دولياً مثل الفوسفور الأبيض، ما أدى إلى رفع الصوت عالياً للتحذير من وقوع كارثة بيئية كبيرة في حال استمرار انتهاكات العدو والصمت الدولي حيالها، ما من شأنه أن يؤدي إلى أضرار بيئية ومادية كبيرة، يدفع ثمنها بالدرجة الأولى المزارعون، الذين يعانون أساساً من جراء الأزمة الاقتصادية التي تضرب لبنان منذ أواخر عام 2019.

ويخشى المزارعون على أراضيهم التي لا قدرة لهم بعد على تفقّدها من جراء استمرار قصف الاحتلال الإسرائيلي، بحسب ما يقوله بعضهم لـ"العربي الجديد"، ويشيرون إلى أن "هذه الأراضي هي رزقهم، لقمة عيشهم، هي كلّ ما لهم في هذه الدنيا".

ويشير المزارعون إلى أن "هناك العديد من الزراعات التي تنشط جنوباً وتعتبر مواسمها مهددة كلّما طالت المعركة منها التبغ والزيتون والحمضيات بالدرجة الأولى"، لافتين أيضاً إلى أن استمرار الاعتداءات الإسرائيلية يهدّد بشكل كبير أيضاً أصحاب مزارع الدواجن وهم كثر على صعيد القرى الحدودية.

في السياق، يقول وزير الزراعة في حكومة تصريف الأعمال في لبنان عباس الحاج حسن لـ"العربي الجديد"، إن "العدو الإسرائيلي استهدف بالقنابل المحرَّمة دولياً، ونتحدّث هنا عن القنابل الفوسفورية الحارقة، الأشجار والأحراج والأراضي الزراعية، والتي أتت على مساحات كبيرة جداً من الزيتون الذي لم يقطفه المزارعون والفلاحون والمواطنون لغاية اليوم، ما يعني خسارة مضاعفة".

ويكشف الحاج حسن أن النتائج الأولية تؤكد أن عشرات آلاف الأشجار المعمّرة من الزيتون قد حُرقت نتيجة قصف الاحتلال الإسرائيلي الذي يطاول عمداً الأشجار والأحراج وكل نقطة زراعية. ويشير إلى أنه من مزارع شبعا المحتلة وتلال كفرشوبا وحاصبيا والبلدات على الشريط الحدودية مروراً بالعديسة وكفركلا وصولاً إلى الخيام وانتهاءً بالبيّاضة، هذه المنطقة كلها ترتكز على زراعة الزيتون، الذي هو من أرفع وأنخب أنواع الزيتون الذي نصدّره إلى العالم.

ويشدد الحاج حسن على أنه "عندما يتألّم الجنوب، يتألّم البلد كلّه، وعندما يتأثر المنتج في الجنوب اللبناني يتأثر المنتج على الصعيد الوطني اللبناني، وحتماً من شأن ضرب موسم الزيتون الجنوبي أن يؤثر سلباً على الإنتاج الوطني، من دون أن ننسى البيض والدجاج الأبيض وتربية المواشي والأبقار والحمضيات والموز، وغيرها من الزراعات والقطاعات والمنتجات التي تشكل عصب الاقتصاد الزراعي الجنوبي ومصدر رزق العديد من العائلات".

بما يخصّ مزارعي التبغ في الجنوب، يقول الحاج حسن إن "هؤلاء كانوا دائماً بوصلة الصمود الجنوبي ودائماً كانت هناك لفتة من الحكومات اللبنانية المتعاقبة ورعاية مطلقة من رئيس البرلمان نبيه بري لتعزيز صمودهم، وسيصار إلى مسح الأضرار والتعويض عنهم لأن هذا القطاع تضرّر إضافة إلى قطاع الزيتون كما أسلفنا".

تبعاً لذلك، يشدد وزير الزراعة اللبناني على أنه "حتى لو أن مالية الدولة منهارة اليوم، فإنّ أولى الأولويات عندنا تعزيز صمود أهلنا في الجنوب اللبناني، الذين انتصروا على إسرائيل بصمودهم وبقائهم إلى جانب شجرة التبغ، واليوم سنقف معهم إلى جانب شجرة الزيتون والحمضيات والموز لأنه لا يمكن للوطن أن ينتصر إذا لم ينتصر فلّاحوه ومزارعوه".

وحول الخطة التي وضعتها وزارة الزراعة في ظلّ الأحداث الأمنية الراهنة وتحسباً لأي حالة طوارئ أو عدوان إسرائيلي على لبنان، يقول الحاج حسن، إننا "عكفنا على وضع خطة أصبحت شبه منتهية، لكننا نؤمن بأن خطط الطوارئ يجب ألا يتم التداول بها إعلامياً، لأسباب أمنية وحتى تكون ناجعة وتحقق المطلوب منها".

لكن في الخطوط العريضة يقول الحاج حسن إن "الخطة تندرج في إطار الخطة الاستراتيجية التي وضعتها الحكومة اللبنانية مع باقي الوزارات، وتقوم على الأمن الغذائي، الاستيراد والتصدير وكيفية الإنتاج والتشبيك بين المنتج الداخلي وإمكانية التعاطي مع المنتج وإن كان بحجم صغير لاستهلاكه في الداخل اللبناني"، مشيراً أيضاً إلى أننا "سنفتح مخازننا كلّها لتخزين المواد الغذائية والزراعية سواء الطازجة أو غير الطازجة في كل المحافظات اللبنانية".

ويلفت وزير الزراعة أيضاً إلى أننا اجتمعنا الخميس مع رئيس المجلس الدولي للزيتون ووضعناه بإمكانية أن تجري فحوصات عبر المجلس الدولي لبعض الأنواع من الزيتون في لبنان التي تضرّرت من جرّاء القصف الفوسفوري وذلك بهدف تسجيل هذه الخروقات والاعتداءات الإسرائيلية وبالتالي رفع شكوى رسمية من لبنان بهذا الإطار.

ويشير الحاج حسن إلى أن "جيش الاحتلال الإسرائيلي يستخدم القنابل الحارقة في ضربه القرى الحدودية، وهو يحتاج إلى أن يكون الضرر أكبر على الصعُد: البشري والمعنوي والمادي والبيئي، لكن كيف يسكت العالم والضمير عن هذه الجرائم والمحرَّمات؟ أين الأمم المتحدة ممّا يحصل من اعتداءات؟ نحن اليوم عاكفون على تسجيل هذه الخروقات الزراعية وأن نرفع شكوى بها إلى مجلس الأمن وباقي المنظمات الدولية".

وناشدت جمعية "الجنوبيون الخضر" المنظمات الدولية والمجتمع الدولي التدخل العاجل لوقف الانتهاكات الإسرائيلية ضد الأراضي والأجواء اللبنانية، والعمل على إلزام قوات الاحتلال الإسرائيلي بالتوقف الفوري عن استخدام قنابل الفوسفور الأبيض المحظورة ضد المواقع المدنية والبيئية في لبنان، محذرة من وقوع كارثة بيئية كبيرة في حال استمرار هذه الانتهاكات والصمت حيالها.

وتشير الجمعية إلى أن الفوسفور الأبيض يحمل آثاراً مدمّرة على المناطق الزراعية المستهدفة، حيث يؤدي إلى اشتعال الحرائق في المحاصيل وتدمير المواسم إضافة إلى تلويث التربة مما يجعلها غير صالحة للزراعة لفترة قد تطول بحسب مستوى ودرجة التعرض والتلوث، وهو ما يستدعي معالجة معقدة ومكلفة ويمكن للمخالفات السامة في التربة أن تؤثر على نمو المحاصيل.

المساهمون