طالما أن القصة عرض وطلب، فمن الطبيعي أن تخفض الحكومات أسعار البنزين والسولار والغاز طالما تهاوت أسعار النفط، ومعها تراجعت أسعار المشتقات البترولية في الأسواق العالمية، كما توقفت حركة ملايين السيارات عن الحركة في الشارع وتوقفت قبلها الحركة في محطات الوقود، خاصة في أوروبا والولايات المتحدة وكندا، بسبب تفشي كورونا.
الحكومات ليست تاجرا أو سمسارا، خاصة في هذه الأيام الصعبة التي يواجه فيها المواطن ارتفاعات كبيرة في أسعار السلع والخدمات، وتراجعا كبيرا في الدخول وربما جفافها من الأصل، بل الحكومات مجرد منظم للعملية التجارية ورقيب على الأسواق.
وليس من بين أهداف الحكومات أن تتحول إلى شركة قطاع خاص تضع الربح والبزنس على قائمة أولوياتها، بل وتتدخل أحيانا، وإذا اقتضت الضرورة، لدعم أسعار السلع التي تشهد قفزات تفوق قدرة المواطن ودخله، أو نقصا في المعروض بالأسواق، وهو ما يجب أن تفعله حاليا.
انطلاقا من هذه القاعدة، أعلنت 3 دول خليجية، هي قطر وسلطنة عمان والإمارات، أمس الثلاثاء، عن اجراء خفض كبير في أسعار الوقود (بنزين وسولار وغيره)، بدءا من اليوم الأربعاء، فيما تلتزم باقي دول الخليج الثلاث الأخرى، وهي السعودية والكويت والبحرين، بسياسة تثبيت السعر مع إدخال تعديلات عليه من وقت لآخر.
قطر كانت صاحبة النصيب الأكبر من الخفض، فقد أعلنت تخفيض وقود السيارات من مادتي البنزين والديزل لشهر إبريل/ نيسان بأكثر من 21%، حيث حددت سعر البنزين 95 أوكتان "سوبر" بـ1.30 ريال للتر، مقابل 1.65 ريال للتر خلال شهر مارس/ آذار، بانخفاض بلغت نسبته 21.21%.
كما شهد سعر البنزين 91 أوكتان "ممتاز" انخفاضاً بنسبة 21.88%، ليتحدد سعره بنحو 1.25 ريال للتر، مقابل 1.60 ريال للتر، خلال الشهر الماضي. كما تراجع سعر لتر الديزل بنسبة 23.53% إلى 1.30 ريال لكل لتر، مقابل 1.70 ريال للتر الواحد في مارس.
وجاءت الإمارات في المرتبة الثانية، حيث تراجعت أسعار البنزين نحو ربع درهم للتر الواحد، بدءاً من اليوم، ويعد هذا التراجع هو الأكبر من نوعه منذ تحرير الدولة الخليجية الأسعار في أغسطس/ آب 2015، كما أن تسعيرة شهر إبريل الجاري تعد الأدنى منذ شهر ديسمبر/ كانون الأول 2017. ويعد السعر الجديد كذلك هو الأقل خلال سنوات 2017 و2018 و2019 و2020 حسب أرقام السلطات.
وحسب الأسعار التي حددتها لجنة تسعيرة الوقود بالإمارات، أمس، فقد تراجع سعر لتر البنزين 98 (سوبر) من 2.16 درهم إلى 1.91 درهم بانخفاض 11.6%، وأسعار البنزين 95 من 2.04 درهم إلى 1.80 درهم بانخفاض 11.6%، وسعر لتر الديزل من 2.25 درهم إلى 2.06 درهم بانخفاض 8.4%.
وفي سلطنة عمان، تم خفض أسعار الوقود لشهر إبريل 2020 بنسب تصل لأكثر من 10% ليصبح سعر بنزين 95 بـ192 بيسة للتر بدلا من 210 بيسات، وبنزين 91 بـ180 بيسة بدلا من 200 بيسة، والديزل بـ217 بيسة بدلا من 229 بيسة لكل لتر.
وانضمت الأردن إلى الدول التي خفضت سعر الوقود بداية من اليوم، حيث أعلنت وزيرة الطاقة والثروة المعدنية هالة زواتي، أمس، خفضاً كبيراً في أسعار المحروقات لشهر إبريل/ نيسان المقبل، بنسب تراوح بين 12.5% و17.5%.
هذا التحرك من دول الخليج الثلاثة والأردن جاء على خلفية تهاوي أسعار النفط في الأسواق العالمية، وفقدان الأسعار60 % من قيمتها خلال العام الجاري فقط.
ومع توقع استمرار هذا التهاوي فإن أسعار الوقود مرشحة أيضا للتراجع خلال الشهور المقبلة، خاصة مع تأكيد بنوك استثمار عالمية كبري أمس على أن أسعار النفط تسير بسرعة نحو 20 دولارا للبرميل بسبب تراجع الطلب الحاد على الخام الأسود حول العالم.
فبنك يو.بي.إس السويسري توقع انخفاض الطلب على النفط 10 ملايين برميل يوميا أو أكثر في الربع الثاني من العام الجاري 2020 مع استمرار تفشي كورونا. وأشار إلى أن أسعار خام برنت والخام الأميركي يجب أن تصل إلى 20 دولارًا للبرميل في الربع الثاني حتى توقف تجاوز المخزونات لقدرة التخزين على الأرض.
وتوقع بنك ستاندرد تشارترد البريطاني فائضا نفطيا آخر بواقع 19.5 مليون برميل يوميا في شهر مايو/ أيار و13.7 مليون برميل يوميا في شهر يونيو /حزيران.
وعلى الدول العربية المستوردة للوقود أن تسارع بإجراء خفض كبير في أسعار البنزين والسولار، وأن تستعد لخفض أكبر في الفترة المقبلة.