انعكست تبعية الجزائر المفرطة للنفط في تدهور مؤشراتها الاقتصادية، إثر هبوط أسعار المحروقات عالمياً بانحدار سريع في العام 2014. وكان النفط سجل قبل انهياره منذ سبع سنوات 115 دولاراً للبرميل، ليبدأ مسار التراجع إلى أقل من 30 دولاراً في العام 2016.
وخلال "الاثنين الأسود" في إبريل/نيسان 2020، هبط برنت إلى 17 دولاراً، مع سقوط برميل النفط الأميركي 37 دولاراً تحت الصفر في عقود تسليم مايو/ أيار 2020، بسبب تأثير إغلاقات كورونا على تكدس المخزونات النفطية العالمية. كل هذه التطورات ضربت مؤشرات الاقتصاد الجزائري الذي يقوم على الصادرات النفطية.
وأدى انهيار أسعار النفط في 2014 إلى هبوط إيرادات الجزائر من النقد الأجنبي من 60 مليار دولار في 2014 إلى 23 مليار دولار في 2020. كما انخفضت احتياطات النقد الأجنبي من 194 مليار دولار في 2014 إلى 42 مليار دولار في 2021. فيما تراجع سعر صرف الدينار من 83 ديناراً للدولار قبل 2014 إلى 133 ديناراً للدولار في 2021.
محاولات للتنويع
وتستهدف الحكومة الجزائرية إيجاد وتنمية قطاعات غير نفطية في البلاد، للخروج باقتصادها من تبعية مفرطة للنفط والغاز الطبيعي، من خلال خطة إنعاش جديدة أعلن عنها الرئيس عبد المجيد تبون ونشرتها "الأناضول".
ففي لقاء ضم الحكومة ومنظمات رجال الأعمال والنقابات قبل أشهر لشرح معالم خطة الإنعاش الاقتصادي، العام الماضي، قال الرئيس تبون إن بلاده تسعى لبلوغ 5 مليارات دولار صادرات خارج قطاع الطاقة التقليدية.
ويعاني اقتصاد الجزائر تبعية مفرطة للمحروقات، إذ تمثل عائدات النفط والغاز 93 بالمئة من إيرادات البلاد من النقد الأجنبي. وبلغت الصادرات غير النفطية في الجزائر عام 2020 نحو 2.26 مليار دولار، مقابل 23 مليار دولار هي صادرات المحروقات.
وتضمنت خطة الرئيس تبون ثلاثة محاور كبرى و20 بندا لإصلاح وإنعاش اقتصاد البلاد المتضرر من ثنائية فيروس كورونا وهبوط أسعار النفط.
وتصدر الإصلاح المالي المحاور الكبرى لخطة إنعاش اقتصاد الجزائر، إضافة للتجديد الاقتصادي ومقاربة اقتصادية لمكافحة البطالة وخلق الوظائف في السوق المحلية.
وتضمن الإصلاح المالي عدة بنود، هي: مراجعة النظام الجبائي واعتماد قواعد جديدة لحوكمة الموازنة وتحديث النظام البنكي.
أما محور التجديد الاقتصادي فوردت فيه 12 بندا، وركز على تحسين فعلي لمناخ الأعمال، وتبسيط قوانين الاستثمار وإزالة العراقيل البيروقراطية التي تكبح المستثمرين.
تطوير الصناعة
ويعتزم الرئيس الجزائري أيضًا تطوير شعب صناعية على غرار الصناعات الزراعية الغذائية والإلكترونيات والأجهزة الكهرومنزلية والميكانيك والصيدلة.
كما سيحظى قطاع المناجم باهتمام حكومة الرئيس تبون، وفق الوثيقة، وسيتم استغلال مناجم الفوسفات والذهب والحديد والزنك والرخام.
وجاء في خطة تبون تركيز الحكومة على تطوير الفلاحة، بالوصول إلى تلبية حاجيات البلاد من المنتجات الزراعية والحيوانية بحلول 2024، وتكثيف عمليات الزراعة الجبلية في الشمال والمناطق الصحراوية (جنوب).
وفشلت مساعي الحكومات المتعاقبة منذ عقود في رفع صادرات البلاد غير النفطية، التي لم تتجاوز 3 مليارات دولار في أحسن الأحوال.