نيكولاي تانغن: متعدد المواهب وصانع الثروات وسط العواصف الاقتصادية

08 فبراير 2022
نيكولاي تانغن (Getty)
+ الخط -
نجح صانع المال الماهر والرئيس التنفيذي لصندوق الثروة السيادي النرويجي (أكبر صندوق سيادي في العالم)، نيكولاي تانغن، في تحقيق مكاسب هائلة للصندوق رغم مرور العالم بأزمات اقتصادية خانقة بسبب تداعيات الجائحة الصحية.
وأعلن الصندوق السيادي النرويجي، تحقيق عائد على الاستثمار بمقدار 14.5 بالمئة خلال 2021، أو ما يعادل 177 مليار دولار، بدعم استثمارات أسهم التكنولوجيا. وكان الصندوق حقق عائدا على الاستثمار بقيمة 10.9 بالمئة في 2020، أو ما يعادل 122.7 مليار دولار. وبلغت قيمة أصول الصندوق حتى نهاية العام الماضي، نحو 1.385 تريليون دولار.
وعند تعيينه رئيساً تنفيذياً لشركة بنك نورجس لإدارة الاستثمار، المسؤولة عن إدارة صندوق الاستثمار السيادي التابع للحكومة النرويجية الذي يعد الأكبر في العالم، ضرب المحللون كفاً بكف مندهشين من الاختيار الذي اعتبره البعض "أكبر أزمة في تاريخ الصندوق الممتد لأكثر من أربعة وعشرين عاماً"، متجاهلين حقيقة أن جريدة ذا صنداي تايمز اختارته قبلها بعامين ضمن قائمتها لأنجح 20 مديرا لصناديق التحوط، الأكثر شراسة في أسواق المال العالمية.
تانغن خبير إدارة الأصول وصناديق التحوط متعدد المواهب والاهتمامات، الذي لم تمنعه مهنته اللاهثة وراء النقود وتحقيق أفضل العوائد على الاستثمار وانتهاز الفرص في أسواق المال من الحرص على اقتناء أكبر مجموعة خاصة من منتجات الفن الاسكندنافي الحديث في العالم.
وفي نفس الوقت التواجد ضمن قائمة أكبر المتبرعين المقيمين في المملكة المتحدة من أموالهم الشخصية لخدمة الفن والمساعدة في تقديم تعليم متميز لغير القادرين، وكل ذلك بعد تدربه لفترة في جهاز المخابرات الحربية، التابع لوزارة الدفاع النرويجية.
وعد تانغن بتغيير أسلوب حياته، واضطر لتوقيع عقد مع محافظ البنك المركزي النرويجي يتعهد فيه بالإدارة العاقلة لأي احتمالات لتعارض المصالح
وبدأت هواية "صناعة المال" مع تانغن في سن السادسة عشرة، حيث كان يحضر مباريات كرة القدم ليجمع عبوات المشروبات الفارغة، ليعيد بيعها بعد ذلك ويحصل على الأموال.
وبعد إنهاء تعليمه الثانوي، درس تانغن لمدة ثمانية عشر شهراً اللغة الروسية وأساليب الاستجواب في المخابرات الحربية، قبل أن يتحول لدراسة الاقتصاد في الكلية النرويجية للاقتصاد، وجامعة بنسلفانيا في الولايات المتحدة.
وليكمل تنوع خبراته الفريد، حصل تانغن على الماجستير في تاريخ الفن من أحد المعاهد الشهيرة في لندن، قبل أن ينجح في الحصول على ماجستير آخر، من كلية لندن العريقة للاقتصاد، بعد تجاوز عمره نصف قرن.
يقول تانغن عن نفسه عند اختياره لإدارة صندوق الفوائض النفطية لأكبر دولة منتجة للنفط في أوروبا الغربية إنه وجد نفسه ولعدة أسابيع "داخل مجفف الملابس"، بعد أن بدأت الصحافة ومجالس النميمة لأحزاب المعارضة السياسية تتناول كل ما يخص حياته، بدءاً من مشاركته في التجمعات الخاصة شديدة الفخامة، ودعوته للمسؤولين والمشاهير وإنفاق مبالغ طائلة عليهم، إلى احتمالات وقوعه في براثن تعارض المصالح بسبب صندوق استثمار أكو كابيتال الذي أنشأه وأداره لأكثر من عقد ونصف.
وبلغت قيمة أصول صندوق أكو كابيتال 18 مليار دولار، ودون إغفال حقيقة استثماره مبالغ ليست قليلة في ما يعرف بالملاذات الضريبية.
وعد تانغن بتغيير أسلوب حياته، واضطر لتوقيع عقد مع محافظ البنك المركزي النرويجي يتعهد فيه بالإدارة العاقلة لأي احتمالات لتعارض المصالح، وخفض حصته في صندوقه القديم من 78% إلى 43%، وتعهد بالتبرع بكل الأرباح التي تصرف له من الصندوق، وقدرت بأكثر من مليار دولار، خلال فترة عمله مع الصندوق السيادي الممتدة لخمس سنوات لأعمال خيرية.
وبعد شهور قليلة من توليه إدارة الصندوق، واجه تانغن ضربة مزدوجة قاسية ممثلة في تباطؤ الاقتصاد العالمي بعد ظهور فيروس كوفيد-19 وانتشاره في أغلب بلدان العالم، بالإضافة إلى انخفاض سعر برميل النفط، الذي وصل في بعض الأيام إلى أقل من عشرين دولارا، واستقر أغلب فترات عام 2020 تحت سعر أربعين دولاراً للبرميل. لكن ربان سفينة الصندوق المحملة بأكثر من 1.3 تريليون دولار، والتي تمتلك ما يقرب من 1.5% من كل شركة متداولة في البورصة في العالم، استطاع أن يقودها وسط العواصف، محققاً رابع أفضل عائد في تاريخ الصندوق، بأرباح 177 مليار دولار.
وأظهرت تفاصيل نتائج أعمال الصندوق أن قطاعي التكنولوجيا والمؤسسات المالية كانا وراء الطفرة الكبيرة في الأرباح في ثاني أعوام الجائحة، إلا أن مدير الصندوق حذر من عدم تحقيق تلك المعدلات من الربحية خلال السنوات القليلة القادمة.
ورغم الأرباح الضخمة، حذر تانغن المستثمرين من معدلات التضخم المرتفعة التي تشهدها أغلب بلدان العالم في الفترة الأخيرة، مؤكداً أنها "ستضرب كلا من الأسهم والسندات في نفس الوقت، ولسنوات قادمة".
واعتبر أن "هناك عوامل أخرى، مثل تزايد عدد المتقاعدين وتاركي وظائفهم باختيارهم، ومعدلات الفائدة عند أدنى مستوياتها التاريخية، وأسعار الأسهم عند أعلى مستوياتها، مما يرجح تحقق تلك الاحتمالات".
وتوقع تانغن أن يحقق "الصندوق المتوازن الذي يستثمر 60% من أمواله في الأسهم، و40% في السندات، عائداً سنوياً يتجاوز معدل التضخم بما لا يزيد عن 2%، مقارنة بنسبة خمسة بالمائة تم تحقيقها في المتوسط فوق معدل التضخم خلال المائة عام الأخيرة".
 
المساهمون