نظام الأسد يبحث عن المال في الساحل السوري

11 مايو 2022
مخاوف من منح الأماكن السياحية لشركاء الأسد بدعوى الاستثمار (جوزيف عيد/فرانس برس)
+ الخط -

كشفت مصادر سورية أن نظام بشار الأسد أعاد طرح مواقع بحرية على الساحل السوري للاستثمار السياحي، في خطوة لتحصيل موارد مالية من أجل رفد الخزينة العامة التي تعاني من شح السيولة، مشيرة إلى إمكانية "تدوير أموال شركاء النظام بهذه الاستثمارات" في ظل عزوف المستثمرين.

قال معد حسون، المسؤول السابق في وزارة النقل، لـ"العربي الجديد"، إنه "من المستبعد أن يأتي أي مال خارجي، لأن الاستثمار المطروح موسمي وأي مشروع في سورية خاسر، بواقع انعدام القدرة الشرائية للسوريين وعدم القدوم السياحي".

وأضاف حسون أن هذه المواقع سبق أن جرى طرحها ولم تحظ بأي إقبال من المستثمرين، موضحا أن العام الماضي شهد طرح 104 مواقع على امتداد الساحل السوري (اللاذقية، جبلة، بانياس، طرطوس)، مشيرا إلى عدم الإقبال على هذه النوعية من الاستثمار الموسمي (محدد المدة) قد يجبر النظام على بيع هذه المواقع، ما يغري الإيرانيين للإقبال عليها.

وتذهب حكومة الأسد، برأي رجل الأعمال والصناعي السوري محمد طيب العلو، "بعيداً هذه المرة" فتتخطى الإعفاءات وتسهيلات الجذب، لتجازف بالملكية العامة في ظروف وصفها بغير المناسبة.

وأوضح العلو لـ"العربي الجديد" أن الظروف المعيشية الصعبة للسوريين تقلص الجدوى الاقتصادية للاستثمار في هذه المواقع، مضيفا "من يفكر بالاصطياف والاستجمام على الساحل السوري، ومن لديه القدرة والملاءة؟ هناك أماكن اصطياف فارغة على امتداد الساحل".

وتابع أن "إطلاق يد حكومة الأسد في الأملاك العامة أمر مخيف، فبعد طرح الشركات الصناعية للاستثمار (الخصخصة) ولم يتقدم أحد، رأينا تأجير أهم المناطق السورية، وبعقود طويلة للروس والإيرانيين، ومنها الشواطئ وشركات رابحة ومشاريع واستثمارات طاقة.. نحن اليوم وتحت ضغط قلة الموارد نشاهد طرح ما تبقى من الساحل السوري للاستثمار".

ولفت رجل الأعمال السوري إلى أنه ليس من الخطأ تغيير النمط الاقتصادي بل وتخلي الدولة عن قطاع حكومي أو ممتلكات فرضها نهج الاشتراكية السابق، ولكن في وقت يشهد استقراراً أمنياً واقتصادياً وإقبالاً للمستثمرين وليس في وقت حرب وعدم استقرار.

وقال: "نخشى أن تذهب الملكية العامة هباءً من دون أن تنعكس على الوضع الاقتصادي العام، كما أن التخلي عن الملكية العامة يكون ضمن خطط مدروسة وممنهجة، وليس بيعاً وتأجيراً فقط من أجل الحصول على المال، لأن أي إقبال سيكون بأسعار غير عادلة".

وكان نظام بشار الأسد قد منح الروس، عام 2019، استثمار مرفأ طرطوس لمدة 49 عاماً، وجدد عام 2020 عقد شركة "سعادة الفرنسية" لخمس سنوات لإدارة محطة حاويات مرفأ اللاذقية، لتبقى إيران تتحكم بمرفأ اللاذقية بشكل غير مباشر، عبر أذرعها والفرقة الرابعة التي يقودها شقيق بشار الأسد، ماهر، بعدما خسرت طهران رسمياً، في يونيو/ حزيران 2020، إدارة مرفأ اللاذقية الذي تقدمت لاستثماره.

ويعد منح شركة "إس.تي.جي. إينجيرينغ" الروسية استثمار مرفأ طرطوس من أخطر الاستثمارات، بحسب معد حسون، لأن مساحة المرفأ تزيد عن ثلاثة ملايين متر مربع، منها مليون ونصف المليون متر مربع مساحة الأحواض المائية، ومليون وثمانمائة ألف متر مربع مساحة الساحات والمستودعات والأرصفة والأبنية الإدارية.

ويتضمن عقد الاستثمار الممتد لنحو نصف قرن "قابل للتمديد" إجراء توسيع بالاتجاه الشمالي للمرفأ، وتحديث البنية التحتية للمرفأ، وإنشاء مرفأ جديد لتزيد الطاقة من 4 ملايين طن سنوياً إلى 38 مليون طن سنوياً، وبكلفة تقديرية بنحو 500 مليون دولار.

ووفق الخبير الاقتصادي محمد حاج بكري، فإن الاستثمار المعلن من قبل النظام هو استثمار سياحي، لكن "ما خفي أعظم"، موضحا في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "الهدف الخفي قد يتمثل في منح تلك الأراضي لشركاء الأسد وهو الأخطر، فقد يكون ذلك ترضية للإيرانيين الذين يحلمون بالتملك على الساحل، بعد إقصائهم بطلب روسي عن استثمار مرفأ اللاذقية قبل عامين".

ويشير بكري إلى افتقار مدن الساحل السوري لأي خدمات، إذ لا تصل الكهرباء إلا لمدة 40 دقيقة كل ست ساعات، كما لا توجد عمالة سياحية مؤهلة، عدا الفقر الذي يعاني منه السوريون والذي يشغلهم عن السياحة والترفيه بتأمين قوت يومهم، فكيف يمكننا فهم طرح مشروعات للاستثمار السياحي في هذه المناطق؟".

المساهمون