نداء من منظمات حقوقية لصندوق النقد الدولي بشأن القرض المصري

05 ابريل 2022
انتقاد العجز عن توسيع شبكة الأمان الاجتماعي لحماية الحقوق الاقتصادية للأفراد (فرانس برس)
+ الخط -

قالت سبع منظمات إن على صندوق النقد الدولي ضمان أن أي برنامج قروض جديد لمصر سيوسع الحماية الاجتماعية، ويعزز استقلالية القضاء، ويتصدى للفساد وأهمية الشفافية، بما يشمل شركات الجيش.

المنظمات الموقعة هي "هيومن رايتس ووتش" و"الأورو-متوسطية للحقوق" و"المدافعون عن الحقوق المدنية" و"مبادرة الحرية" و"معهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط" و"مشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط" و"مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان". 

وكانت الحكومة المصرية في 23 مارس/آذار 2022، طلبت رسميا دعما من صندوق النقد للمساعدة في تخفيف التداعيات الاقتصادية المتعلقة بغزو روسيا لأوكرانيا، ووافق الصندوق منذ 2016 على 3 قروض لمصر بلغت قيمتها مجتمعة 20 مليار دولار.

وقالت سارة سعدون، باحثة أولى في الأعمال وحقوق الإنسان في "هيومن رايتس ووتش": إنه "رغم تقديم قروض بـ 20 مليار دولار لمصر منذ عام 2016، لم ينجز صندوق النقد الدولي الإصلاحات اللازمة للتصدي بشكل فعال لدور الجيش المتنامي دون مساءلة في الاقتصاد، أو لتوسيع شبكة الأمان الاجتماعي لحماية الحقوق الاقتصادية للأفراد. لا يزال التقدم في الإصلاحات الضرورية بعيد المنال، وأصبح ملايين المصريين يتعرضون بشكل متزايد للصدمات الخارجية للاقتصاد العالمي".

وذكرت المنظمات أنه يجب ألا يوافق صندوق النقد والسلطات المصرية على أي برنامج قروض يرفع تكلفة المعيشة دون زيادة الاستثمار بشكل كبير في برامج الحماية الاجتماعية الشاملة لضمان الحق في مستوى معيشي لائق، بما فيه الغذاء، للجميع.

وأشارت إلى أنه حتى قبل الوباء، كان واحد من كل ثلاثة مصريين - حوالي 30 مليون شخص - يعيشون تحت خط الفقر الوطني، وفقا لـ "الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء" المصري، وكان نحو ثلث آخر معرضا لخطر الفقر، وفقا لـ "البنك الدولي".

ويغطي برنامَجا التحويلات النقدية في مصر "تكافل" و"كرامة" نحو 11 مليون شخص فقط، ولا يغطيان عشرات الملايين الذين يعيشون في فقر أو معرضين لخطره، حتى مع ارتفاع الأسعار كثيرا، وخاصة المواد الغذائية.

ويدعم برنامج تكافل الأسر الفقيرة التي لديها أطفال دون 18 عاما، بشرط حضور المدرسة والخضوع للفحوصات الصحية، في حين يغطي برنامج كرامة للتحويل النقدي غير المشروط ذوي الدخل المنخفض الذين تزيد أعمارهم عن 65 عاما، والأشخاص ذوي الإعاقة، والأيتام. أنشأت مصر هذين البرنامجين بدعم من البنك الدولي عام 2015 للتخفيف من تأثير التدابير الاقتصادية والمالية الشاملة التي نفذتها بموجب اتفاقية صندوق النقد بين عامي 2016 و2019. أدت هذه الإصلاحات إلى رفع تكلفة المعيشة كثيرا وزيادة الفقر وعدم المساواة.

وتابعت المنظمات "تدعم مصر بشكل كبير واردات المواد الغذائية الأساسية لضمان إتاحتها بأسعار معقولة لسكانها البالغ عددهم أكثر من 102 مليون؛ لكن في أغسطس/آب 2021، حتى قبل الارتفاع الكبير الأخير في الأسعار، أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي عن تخفيض برنامج دعم الخبز الذي استمر عقودا، والذي يعتمد عليه حوالي 70 مليون مصري. في يوليو/تموز الماضي، خفضت الحكومة دعمها لزيت عباد الشمس وزيت فول الصويا بنسبة 20%، والزيت النباتي غير المخلوط بنسبة 23.5% بسبب الضغط المتزايد على ميزانية الحكومة بعد ارتفاع الأسعار".

وقالت المنظمات إن مصر معرضة بشكل خاص لهذه الصدمات في الأسعار باعتبارها أكبر مستورد للقمح في العالم، ويأتي 80% منه من أوكرانيا وروسيا. ارتفعت أسعار الخبز غير المدعوم في القاهرة الكبرى بنسبة 50 % منذ بدء الغزو، بحسب تقارير إعلامية. في 20 مارس/آذار، أصدر رئيس الوزراء مصطفى مدبولي قرارا بتحديد أسعار الخبز غير المدعوم كاستجابة طارئة للأسعار المتزايدة بشكل حاد.

كما اعتبرت أن "على صندوق النقد إدراج تدابير في أي ترتيبات مستقبلية مع مصر لاستعادة استقلالية القضاء، وهو أمر أساسي للنمو الاقتصادي ومحاربة الفساد". 

واحتلت مصر المرتبة 136 من 139 دولة في "مؤشر سيادة القانون" التابع لـ "مشروع العدالة العالمية" لعام 2021، مع درجات منخفضة للغاية في عوامل الإنفاذ التنظيمي، والعدالة المدنية، والعدالة الجنائية. وأدت التعديلات الدستورية التي أقرها البرلمان المصري عام 2019 إلى تقويض استقلالية القضاء من خلال منح الرئيس سلطات إشرافية غير مقيدة على القضاء والنائب العام، فضلا عن سلطة تعيين رؤساء الهيئات والسلطات القضائية.

وأكدت أن من الضروري أن يضمّن صندوق النقد شروطا قوية لمكافحة الفساد، مثل استعادة استقلالية "الجهاز المركزي للمحاسبات" المصري.

وكجزء من تركيزه على الفساد، قالت المنظمات إن على صندوق النقد أن يعلن بوضوح أن تدابير الشفافية المتعلقة بالمؤسسات المملوكة للدولة تمتد لتشمل شركات الجيش، ويجب أن يتحقق بشكل مستقل من أن هذه الإفصاحات جزء من مراجعاته. لا تخضع شركات الجيش لأي إشراف مستقل أو مدني، ما يحرم المصريين من الوصول إلى المعلومات اللازمة لتقييم التكاليف والمستفيدين من المشاريع الممولة من القطاع العام. 
وجد تقرير شامل عام 2019 أن شركات الجيش المصري تعمل في سرية تامة تقريبا، وتخفي "أوجه القصور والخسائر الخفية"، رغم حصولها على "حصة غير متناسبة من الإيرادات العامة".

وقالت المنظمات إن التوسع الاقتصادي الشرس للجيش ترافق مع القمع السياسي المتزايد، بما فيه قمع نخبة رجال الأعمال الذين يُعتبرون معارضين سياسيين. في ديسمبر/كانون الأول 2020 وفبراير/شباط 2021، اعتقل "قطاع الأمن الوطني" صفوان ثابت ونجله سيف ثابت، صاحبَي "شركة جهينة"، إحدى أكبر الشركات المنتجة للألبان، بعد أن رفضا تسليم أسهم في شركتهما إلى شركة تملكها الدولة بسبب تقارير.

والرجلان محبوسان انفراديا منذ ذلك الحين. على الأقل، يجب أن يطالب صندوق النقد الدولي بالشفافية بشأن دور شركات الجيش في الاقتصاد المصري.

وذكرت أن على صندوق النقد الضغط على السلطات المصرية لوقف قمع حرية التعبير وتكوين الجمعيات بإطلاق سراح الصحافيين والبرلمانيين والمدافعين عن حقوق الإنسان المسجونين بخلاف القانون، وكذلك مراجعة إدانة رئيس الجهاز السابق هشام جنينة عام 2018.

المساهمون