موسم السفر ينعش السوق السوداء للعملة في الجزائر

11 ديسمبر 2022
يحق للمسافر استبدال ما يعادل 15 ألف دينار من البنوك (Getty)
+ الخط -

ينعش موسم السفر بالنسبة لشرائح من الجزائريين نهاية العام، السوق السوداء للعملة التي باتت ملاذ الكثيرين للحصول على بضع مئات من الدولارات واليورو، بعدما تقلصت كثيراً قيمة ما يمكن الحصول عليه من المصارف، مع تراجع قيمة الدينار مقابل العملات الأجنبية.

ويسمح القانون بتبديل المسافر 15 ألف دينار من البنوك ليحصل على ما يعادلها من العملات الأجنبية، في ما يُعرف بـ"علاوة السفر" أو "المنحة السياحية"، والتي يجرى العمل بها منذ تسعينيات القرن الماضي. ويُشترط أن يقدم المواطن تذكرة السفر والتأكيد على الخروج من التراب الوطني، وفي حال المخالفة يعاقب بالحرمان من الحصول على هذه الميزة لاحقاً.

وبالرغم من التعهدات المستمرة التي أطلقتها الحكومة لمراجعة "علاوة السفر" استجابة لنداء الجزائريين، فإنّ الجمود لا يزال يسيطر على الأمر، إذ يستبعد خبراء اقتصاد أن يراجع البنك المركزي قيمة "منحة السفر" في الظروف الاقتصادية الحالية التي تعيشها البلاد، خاصة أنّها تكلف الجزائر ما يقارب 231 مليون دولار سنوياً، حسب الأرقام الصادرة عن المصرف المركزي.

ولبنك الجزائر السلطة التقديرية لتحديد مستوى "علاوة السفر" وما يعادلها من العملات الأجنبية لكلّ سنة، وتقدر القيمة بالنصف في حالة الأطفال البالغين أقل من 15 سنة، ولا يمكن للمستفيد تجميع القيمة من سنة إلى أخرى.

ومع بدء الاستعدادات للسفر لقضاء عطلة نهاية السنة، تزايدت الشكاوى من ضآلة قيمة المنحة المحددة منذ عام 1997، والتي أضحت تعادل حالياً حوالي 107 دولارات أو 102 يورو، مع تهاوي الدينار، بينما كانت تعادل لدى إقرارها نحو 260 دولاراً، إذ لم تكن العملة الأميركية تتجاوز حينها 57.7 ديناراً، بينما تتجاوز حالياً 140 ديناراً في البنوك.

في أحد فروع البنك الخارجي الجزائري (عمومي) في العاصمة الجزائرية، عادت الطوابير لتتشكل بعد مرور دقائق قليلة عن فتح أبواب الوكالة التجارية للبنك، والكل حامل جواز سفره وينظر بترقب نحو مقدمة الطابور.

يقول الشاب كمال بودراجي، الذي يستعد للسفر إلى تركيا لقضاء عطلة نهاية السنة، إنّ "منحة السفر تحولت إلى محنة بالفعل. طابور طويل لاقتناء حوالي 100 دولار لا تكفي حتى لقضاء 3 أيام في بعض الدول. كان الأجدر أن تحرر المنحة ويسمح لنا باقتناء ما يضمن لنا كرامتنا".

من جانبه، يعبّر المواطن عمر قوادري عن امتعاضه من الوقوف كل سنة في طوابير لاستبدال العملة الجزائرية بنقد أجنبي، مضيفاً في حديث لـ"العربي الجديد" أنّ "البنوك أصبحت تتعمد إيجاد الذرائع من أجل رفض بيع العملة الصعبة للجزائريين في العطل، وذلك حماية لسيولتها المالية". يتابع عمر أن "100 يورو لن تكفيه لقضاء ليلة واحدة في مدريد أو باريس، كتغطية لثمن الفندق والأكل والتنقل".

أما إيمان المعتادة على السفر مرتين على الأقل سنوياً للسياحة، وعادة ما تكون وجهتها الدول الأوروبية، على غرار إسبانيا وإيطاليا، فتقول إنها رغم حساباتها الدقيقة لمصاريف رحلاتها، لا يمكنها بأي حال من الأحوال الوصول إلى معادلة تجعلها تكتفي بمنحة السفر الممنوحة من قبل البنوك، فأرخص فنادق أوروبا لا يمكن أن تتدنى أسعارها عن 50 يورو لليلة، من دون احتساب مصاريف الطعام والنقل التي تتكلف نحو 20 يورو يومياً، لتصل بذلك تكلفة اليوم الواحد للسياحة في الخارج إلى ما لا يقل عن 70 إلى 80 يورو، وهو ما يعادل على الأقل 500 يورو عن عطلة 6 أيام لشخص واحد".

وحسب الخبير المالي جمال نور الدين، فإن "منحة السفر تترجم حال الإطار القانوني المنظم للبنوك في الجزائر والذي لا يتماشى مع الأوضاع الحالية، فظروف الجزائر سنة 1997 ليست نفسها اليوم، فكلّ شيء تغير".

من جانبه، يقول الخبير الاقتصادي فارس مسدور لـ"العربي الجديد" إن "محدودية قيمة ما يحصل عليه المسافر من البنوك تدفعه إلى التوجه ناحية السوق السوداء للعملة، التي أضحى يلجأ إليها كثيرون، ما يجعل هذه السوق الرابح الأكبر".

المساهمون