السياحة البيئية
الحديث عن السياحة البيئية بات لافتاً بشكل لافت في ظل المحاولات الدولية لتخفيف تأثير انبعاثات الكربون، لكن فكرة السياحة البيئية، أو المناطق السياحية التي تجذب الزوار إليها بسبب غياب الانبعاثات الكربونية، ليست جديدة على الإطلاق. مناطق عديدة، كانت على موعد مع السياحة البيئية وفرضت قواعد صارمة، ومن ضمنها عدم استخدام السيارات بالمطلق في شوارعها.
تُعَدّ السياحة البيئية، من أهم القطاعات السياحية التي بدأت تأخذ حيزاً مهماً في استراتيجية الدول، وبحسب بيانات نشرتها مجلة ناشيونال جيوغرافيك، فإن السياحة البيئية أو الصديقة للبيئة تستقطب سنوياً ما لا يقل عن مليوني سائح في أوروبا، ومن المتوقع أن تساعد في إضافة أكثر من 20 في المائة في إجمالي الدخل السياحي العالمي.
ولذا، لمن يحبون زيارة مناطق سياحية، صديقة للبيئة، ولا تتضمن ضوضاء السيارات والقطارات، ويتمكن التنقل من خلال العجلات الهوائية أو سيراً على الأقدام، إليكم هذه المناطق الخلابة.
جيثورن الهولندية
في قرية جيثورن الهولندية الصغيرة، يكاد يكون الهدوء أشبه بالحلم. تقع القرية في مقاطعة أوفيريجسيل شمال شرقيّ هولندا. في الواقع، لا توجد وسيلة للسيارات للتنقل في هذه الطريقة، ببساطة، لأنه لا توجد طرق.
يتنقل السكان المحليون وزوار جيثورن بطرق هادئة للغاية، إما بالدراجة أو القارب أو سيراً على الأقدام. تتشكل هذه القرية الصغيرة من مجموعة من الجزر المائية، المتصلة بالجسور.
تتضمن هذه القرية الكثير من مناطق الجذب السياحي، وباتت وجهة مهمة منذ عام 2012، إذ بدأت السلطات تروّج لها كوجهة ثقافية - بيئية. من أبرز معالمها، متنزه De Weerribben-Wieden الوطني، حيث يتنزه عشاق الحياة البرية في الأراضي الرطبة وأحواض القصب التي تُعَدّ موطناً لثعالب الماء وطيور الغاق الكبيرة وطيور البلشون.
يمكنكم بالطبع اجتياز الممر المائي على متن قوارب التجديف والزوارق، أو عبر مسارات المشي لمسافات طويلة. من دون التلوث الضوضائي الناتج من المحركات، تضفي أصوات الطبيعة الحيوية على المشهد لجميع الحواس.
جزيرة هيدرا
هيدرا للوهلة الأولى لا تختلف عن جيرانها. مثل غيرها من الجزر في بحر إيجه، تتميز بشوارعها البيضاء وهوائها المعطر بالياسمين، ومناظرها الخلابة للمياه الزرقاء المتلألئة من حولها.
ما يميز هيدرا عن غيرها وسيلة النقل المفضلة لديها، لقد قاوم السكان المحليون ضجيج الأبواق، وبدلاً من ذلك اعتنقوا الصوت الإيقاعي لحوافر الخيول. وهنا لا تغيب السيارات فحسب، إذ إن الحظر على المركبات الآلية (باستثناء شاحنات الإطفاء والنفايات وسيارات الإسعاف) منصوص عليه في التشريعات المحلية.
يتنقل سكان الجزيرة اليونانية البالغ عددهم حوالى 2500 نسمة باستخدام البغال والحمير والخيول الصغيرة، أو باستخدام الدراجات. عند النزول من العبّارة إلى ميناء هيدرا، قلب الجزيرة، تقابل الزائرين خيول صغيرة تشق طريقها برشاقة عبر الشوارع المرصوفة بالحصى، وتمنحهم طعم وتيرة الجزيرة البطيئة.
في أثناء تجوالك عبر ممرات هيدرا الجذابة، من الشائع أن ترى السكان المحليين يمارسون أعمالهم اليومية، برفقة الحيوانات، أو الدراجات الهوائية. وساهم غياب السيارات في تحقيق الهدوء الذي لا يمكن إنكاره في الجزيرة، حيث اجتذبت المبدعين من كل مكان، بمن فيهم الممثلة الإيطالية الشهيرة صوفيا لورين، التي وقعت في حب هيدرا في أثناء تصوير أحد أفلامها عام 1957.
جزيرة هيرم
بدأت مناطق عديدة في المملكة المتحدة، باعتماد استراتيجية تخفيف انبعاثات الكربون، من خلال استخدام وسائل النقل المستدامة، التي تعتمد على الحيوانات أو السير على الأقدام أو الدراجات الهوائية.
وتُعَدّ جزيرة هيوم في المملكة المتحدة نموذجاً رائداً في هذا الإطار، إذ منعت وصول السيارات أو الدراجات النارية وحتى الطائرات إلى أراضيها.
تتميز الجزيرة بتعداد سكانها البسيط نسبياً، في بعض الفصول، وتحديداً الشتاء، إذ لا يصل عدد السكان إلى أكثر من 62 نسمة، فيما يرتفع العدد في فصل الصيف، ومع تزايد عدد السياح، فقد يصل الزوار إلى أكثر من 3000 سائح.
تُعَدّ الجزيرة جزءاً من جزر القنال البريطانية، وهي مكان يجذب الزائرين المحبين للطبيعة، للتنزه في التلال الخضراء والشواطئ البكر التي تُعَدّ موطناً للحيوانات مثل الفقمات.
وتتميز جزيرة هيرم الآن ببعض من أفضل الشواطئ في جزر القنال البريطانية. يتمتع خليج Belvoir بإطلالات جميلة عبر البحر. يستمتع الجميع بالسباحة في المياه الآمنة والنقية.
فاس التقليدية
على الرغم من أن مدينة فاس المغربية تُعَدّ من المناطق التراثية الهامة، لكنها أصبحت أيضاً موقعاً مهماً على التراث العالمي الخالي من السيارات، إذ تمنع السلطات مرور السيارات في الشوارع والأزقة الصغيرة التي تشبه إلى حد كبير المتاهة، لذلك على الرغم من أنها قد تزدحم في أثناء المشي، إلا أنها مكان رائع للاستكشاف.
هناك الكثير من الأسواق المحلية والمطاعم والمساجد وورش العمل التي يمكن للزوار التجوال فيها، بالإضافة إلى الهندسة المعمارية المغربية التقليدية المذهلة التي ستعجب الكثير من الناس. اجتذبت فاس في أوجها العلماء والفلاسفة وعلماء الرياضيات والمحامين.
وقد بنى لهم الحرفيون المنازل والقصور، ولذا تُعَدّ من المناطق المهمة على صعيد التاريخ والثقافة.
وانطلاقاً من هنا، سعت السلطات لجذب الملايين من السياح، من خلال تقديم استراتيجية بيئية تحاكي التغييرات المناخية، وتجعل من السائح يشعر بهدوء المدينة وجمالها.