تباطأ النمو الاقتصادي البريطاني بقوة في الربع الثالث من العام الجاري، فيما تطغى التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط على توقعات أوروبا. فقد أظهرت البيانات الصادرة عن المكتب الوطني البريطاني، اليوم الجمعة، تباطؤ النمو الاقتصادي بشكل حاد، مسجّلاً 0.1% في الفترة بين يوليو/تموز إلى سبتمبر/ أيلول.
وهذا المعدل أقل من نسبة 0.5% المسجلة في الربع الثاني، كما أنّه أدنى من توقعات السوق بتحقيق نمو بواقع 0.2%، بحسب أسوشييتد برس التي نقلت عن مكتب الإحصاء أن الناتج انكمش في سبتمبر/ أيلول، وهو تطوّر من المرجح أن يؤجّج اتهامات من منتقدي حكومة العمال الجديدة أنها أبطأت الاقتصاد في الأسابيع الأولى لها في السلطة. وجعل حزب العمال الذي تولى الحكومة في يوليو/ تموز للمرة الأولى بعد 14 عاماً زيادة النمو الاقتصادي أولويته القصوى على مدار الخمس سنوات المقبلة، علماً أنه منذ الأزمة المالية في فترة 2008 – 2009، صار أداء الاقتصاد البريطاني ضعيفاً مقارنة بالسنوات السابقة.
وتعقيباً على النتائج، قالت وزيرة المالية رايتشيل ريفز إنها "غير راضية" عن الأرقام الرسمية التي أظهرت تباطؤ تعافي الاقتصاد من الركود بشكل حاد في الربع الثالث، في ظل ركود أغلب القطاعات، مشيرة إلى أن "تحسين النمو الاقتصادي هو في محور كل شيء أسعى لتحقيقه وهو سبب عدم رضائي عن تلك الأرقام".
وتوقع خبراء اقتصاد استطلعت رويترز آراءهم وبنك إنكلترا المركزي توسعاً بنسبة 0.2%، وهو تباطؤ عن النمو السريع المسجل خلال النصف الأول من عام 2024 عندما كان الاقتصاد يتعافى من ركود طفيف العام الماضي. وقد خفض بنك إنكلترا الأسبوع الماضي توقعاته للنمو السنوي لعام 2024 إلى 1% من 1.25%، لكنه توقّع نموّاً أقوى في عام 2025، وهو ما يعكس دفعة قصيرة الأجل للاقتصاد من خطط الموازنة ذات الإنفاق الكبير التي وضعتها ريفز.
وقال رئيس الوزراء كير ستارمر، خلال حملته لانتخابات الرابع من يوليو/ تموز الماضي، إنه يسعى لأن يحقق الاقتصاد نمواً سنوياً نسبته 2.5%، وهو معدل لم تحققه بريطانيا بانتظام منذ ما قبل الأزمة المالية العالمية عام 2008، فيما تتطلع ريفز إلى أن تحقق بريطانيا أسرع نمو في الناتج المحلي الإجمالي للفرد بين اقتصادات مجموعة السبع المتقدمة لعامين متتاليين، بحسب رويترز.
توقعات بارتفاع النمو الاقتصادي في منطقة اليورو
هذا وقال الاتحاد الأوروبي، اليوم الجمعة، إن النمو الاقتصادي في منطقة اليورو من المتوقع أن يرتفع قليلاً إلى 1.3 % في عام 2025 من 0.8% هذا العام، في حين حذر من تزايد حالة عدم اليقين التي تغذيها التوترات الجيوسياسية. كذلك أظهرت التوقعات الاقتصادية التي أصدرتها المفوضية الأوروبية اليوم أن التضخم في منطقة العملة الموحدة التي تضم 20 دولة يتراجع تدريجياً إلى 2.1 % العام المقبل، انخفاضاً من 2.4% في عام 2024، كما أوردت فرانس برس.
وفي ظل ضبابية المناخ الاقتصادي في ألمانيا، تراجع الإقبال على تأسيس أعمال حرة خلال هذا العام. فقد أعلن مكتب الإحصاء الاتحادي في مقره بمدينة فيسبادن غربي ألمانيا، اليوم الجمعة، أن عدد الشركات الجديدة التي تأسست خلال الأشهر التسعة الأولى من هذا العام تراجع 0.9% على أساس سنوي ليصل إلى 456 ألف شركة.
وبحسب البيانات، جرى تأسيس حوالي 90 ألفاً و700 شركة يشير هيكلها القانوني وعدد موظفيها إلى أهمية اقتصادية كبيرة، بتراجع قدره 0.8% على أساس سنوي. وأشار المكتب إلى أن المناخ الاقتصادي يتسم بالضبابية بالنسبة لمؤسسي الشركات في ظل ارتفاع أسعار الفائدة وضعف الاقتصاد، بحسب أسوشييتد برس.
زخم النمو الاقتصادي السويسري يتباطأ
وفي سويسرا، تباطأ الزخم الاقتصادي، في علامة على أن الفرنك القوي والطلب الأجنبي الضعيف يؤثران بشدة على الدولة التي تركز على الصادرات. وقالت وزارة الدولة للشؤون الاقتصادية، اليوم الجمعة، في قراءة سريعة، إن إجمالي الناتج المحلي المعدل للفعاليات الرياضية في الربع الثالث ارتفع بواقع 0.2% من الربع السابق عليه، بحسب وكالة بلومبيرغ. ويأتي هذا مقابل 0.5% في الربع الثاني.
وقال مسؤولون في بيان إن "النمو في قطاع الخدمات يقابله أداء سلبي في الصناعة"، ووصفوا النتيجة بأنها "أقل من المتوسط". ومن المقرر صدور التفاصيل الكاملة للربع الثالث في 29 نوفمبر/ تشرين الثاني.
ويثقل الفرنك القوي كاهل قطاعات من الاقتصاد السويسري القوي فيما يجعل صادرات المصنعين أغلى. ويزيد الطلب الضعيف من الشركاء التجاريين الأوروبيين الذين يعانون من مخاوف الشركات، بحسب أسوشييتد برس. والاستثناء من هذا الاتجاه حتى الآن هو صناعة الأدوية الكبيرة في البلاد، حيث إن مستهلكيها في الخارج أقل حساسية للأسعار. وأسفر هذا عن إسهام تلك الصناعة في النمو أوائل العام الجاري.
وفي اليابان، أظهرت بيانات حكومية يابانية اليوم الجمعة أن اقتصاد اليابان سجل نمواً سنوياً قدره 0.9% في الفترة من يوليو/ تموز إلى سبتمبر/أيلول، في الوقت الذي لا يزال فيه الإنفاق الاستهلاكي قوياً. وحقق ثالث أكبر اقتصاد في العالم نمواً بنسبة 0.2% في الربع الثاني من السنة المالية، مسجلاً النمو الفصلي الثاني على التوالي، بعد نمو بنسبة 0.5% في الفترة من إبريل/ نيسان إلى يونيو/ حزيران، بحسب أسوشييتد برس.
كما نما الطلب المحلي بمعدل سنوي قدره 2.5%، وزاد الاستهلاك الخاص، الذي يشكل أكثر من نصف الناتج المحلي الإجمالي لليابان، بنسبة 3.6%، وفقاً للبيانات الأولية الصادرة عن مكتب مجلس الوزراء.