تشير الأرقام إلى أن خسائر الاقتصاد اليمني من الحرب الدائرة تزيد على 16 مليار دولار، ما بين تهدم في البنية التحتية وقطاعي الصناعة والإنشاءات، وتراجع في الصادرات الخارجية، وشلل في أنشطة السياحة والتجارة الداخلية، وهروب للاستثمارات الأجنبية، خاصة العاملة في قطاعي استخراج النفط والغاز، أضف إلى ذلك مليارات الدولارات الأخرى التي تتحملها دول الخليج هي قيمة تكلفة الحرب الجارية في اليمن، وربما انتقلنا لتكاليف أكبر في حال اللجوء للحرب البرية لحسم المعركة الدائرة.
وتشير الأرقام أيضاً إلى أن خسائر الاقتصاد السوري منذ قيام الثورة تجاوزت 200 مليار دولار، بسبب إصرار نظام بشار الأسد الفاشي على هدم سورية على رأس أبنائها، والتمسك بالسلطة حتى ولو كانت على جثث الشعب بأكمله وثمنها إبادة ملايين السوريين.
ولن أتحدث هنا عن الخسائر الناجمة عن الحروب والاضطرابات السياسية والأمنية في العراق الذي تحول من بلد ثري يصدر عملاته الصعبة لبلدان عربية عديدة إلى بلد لا يجد حتي مرتبات موظفيه، وبات يقترض من الخارج شأنه شأن الدول المفلسة والمريضة اقتصادياً، وكذا ليبيا التي مزقت اقتصادَها الحروبُ بين الأطراف المتصارعة، حتى قطاع النفط الذي كان يدر 95% من إيرادات الدولة طالته حالة التمزق.
في ظل هذه المأساة العربية تسعى إيران إلى إعادة بناء اقتصادها، عبر الاتفاق على تسوية ملف برنامجها النووي، وإبرام اتفاق بشأنه الشهر القادم مع مجموعة 5+1، وتسعى كذلك للتحول من بلد يعاني أزمات اقتصادية ومعيشية حادة إلى بلد صاعد اقتصاديا، وربما ينضم في غضون سنوات إلى الدول الأسرع نمواً عالمياً مثل الصين والهند وجنوب أفريقيا.
ونظرة لتصريحات وزير النفط الإيراني، بيجن زنغنه، الصادرة أمس والتي قال فيها إن طهران عازمة على استعادة حصتها في سوق صادرات النفط العالمية عند رفع العقوبات المفروضة عليها بسبب برنامجها النووي تؤكد ذلك.
فرفع العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها، سيمكن إيران من استرجاع أصول واحتياطيات من النقد الأجنبي بقيمة 80 مليار دولار مجمدة حالياً في بنوك عالمية، وزيادة صادرات النفط بما يصل إلى مليون برميل يومياً، إضافة إلى جذب شركات الطاقة الغربية، للإسهام في تحديث صناعتها النفطية المتهالكة.
يحدث ذلك في الوقت الذي تشتري فيه دول المنطقة العربية مزيداً من الأسلحة والطائرات المقاتلة التي قد تستنزف ما تبقي من أموالها التي تتأكل بسبب انهيار أسعار النفط عالمياً.
وفي الوقت الذي تشهد المنطقة حروباً عدة وخلافات داخلية تهدد وجودها تحاول طهران استعادة ما فقدته خلال فترة العقوبات الغربية، فقد دخلت إيران في مفاوضات جادة مع شركات عالمية كبرى لجذب استثماراتها في كل القطاعات الاقتصادية.
بل إن وفداً أميركياً يضم ممثلين عن شركات نفط وغاز كبري سيزور إيران خلال أيام لبحث فرص الاستثمار في قطاع الطاقة.
والغريب أن المفاوضات الإيرانية الحالية مع الشركات العالمية الراغبة في دخول السوق الإيراني تتم بمساعدة الولايات المتحدة التي قادت تحالفا دوليا لفرض عقوبات اقتصادية على إيران.
إنها المصالح والبزنس التي تتفوق على كل الاعتبارات السياسية.
ويا ليت العرب يتعلمون الدرس.
اقرأ أيضاً: اليمن يتكبد خسائر فادحة في عهد الحوثيين