مصرف لبنان يعاود نشاطه الاثنين: الرسالة وصلت

22 يوليو 2022
القاضية غادة عون أثناء دهم "مصرف لبنان" بحثاً عن حاكمه رياض سلامة (حسين بيضون)
+ الخط -

يُعاود مصرف لبنان المركزي فتح أبوابه يوم الاثنين المقبل بعد إقفالٍ دام 5 أيام، بفعلِ الاضراب التحذيري الذي انطلق الأربعاء الماضي واستمرّ حتى الجمعة والموصول بعطلة الأسبوع، بيد أن "الاستئناف" هذه المرّة يتَّسم بالحذر والترقب وسط تأكيدات نقابة موظفي المركزي أن التصعيد سيكون سيّد المشهد في حال تكرار سيناريو الثلاثاء ومواصلة القاضية غادة عون ممارساتها غير القانونية.

بدايةً، يؤكد رئيس نقابة موظفي مصرف لبنان عباس عواضة لـ"العربي الجديد" أننا سنباشر عملنا يوم الاثنين، لأن إضرابنا كان تحذيرياً وقد أوصلنا الرسالة التي نريدها إلى المسؤولين ورأينا في الإعلام التحركات التي أعقبت قرارنا والتصريحات المستنكرة لما حصل يوم الثلاثاء من مداهمة قامت بها القاضية غادة عون للمقرّ.

لكن عواضة يشدد في المقابل على أن "خطواتنا ستكون أقسى في المرة المقبلة في حال استمرّ هذا الأسلوب غير القانوني القائم على السلبطة والذي يمسّ بالمؤسسة وكرامة العاملين فيها، مؤكداً أننا مع القضاء الشريف وتحت سقف القانون شرط أن يطبق بالشكل الصحيح والسليم، والخطوات التي نقوم بها ليست ضد القرارات القضائية أو الدعاوى الموجودة لدى القضاء بل نتيجة الأسلوب المستخدم الذي لا ولن نرضى به".

وفي وقتٍ يؤكد عواضة أن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة لم يكن في مكتبه عند دخول القاضية عون مقرّ البنك يوم الثلاثاء الماضي، يشدد على أن الحاكم يتابع عمله بشكل عادي، وسواء كان أو لم يكن في المكتب لا يحق للقاضية عون الدخول بهذه الطريقة من دون أن تستحصل على إشارة قضائية بذلك، مؤكداً أن مدعي عام جبل لبنان لم تأخذ شيئاً من المصرف "بالكاد دخلته لوقتٍ قصير وخرجت".

من ناحية ثانية، يشير رئيس نقابة موظفي مصرف لبنان إلى أن الإضراب لم يكن لديه تأثيرات كبيرة خصوصاً أن القطاع المصرفي أكمل عمله بشكلٍ عادي والمصارف بقيت مفتوحة، وهدف تحركنا لا يصبّ أساساً بهذا الإطار، وقد حرصنا على العودة الاثنين لمتابعة العمل وتسيير الأمور كلها ولا سيما رواتب الموظفين التي لم ولن تتأثر بالإضراب.

ويلفت عواضة إلى أن التأثيرات كانت طبعاً في سياق تأخر الاعتمادات وعدم تمكن التجار والمستوردين من الحصول على العملة الصعبة من الدولار بسبب توقف منصة صيرفة ولكن العمليات كلها ستستأنف الاثنين.

من جانبه، يقول العضو في المجلس الاقتصادي والاجتماعي عدنان رمال لـ"العربي الجديد" إنه بظل الأزمة المالية والمصرفية فإن الإضراب لم تكن لديه تأثيرات كبيرة، خصوصاً بعدما أصبحنا خارج المعايير المصرفية المالية العالمية، ولكن التأثير المباشر والنسبي مسَّ حتماً التحويلات الخارجية، والعمليات الخارجية والتصدير، خصوصاً مع عدم تمكّن التجار من الحصول على الدولارات من منصة صيرفة التي توقفت فعلياً لخمسة أيام، كذلك توقف العمل بغرف المقاصة المنشأة في مصرف لبنان، ولكن حتى التأثير على مقاصة الشيكات الدولارية لم يكن كبيراً باعتبار أنها أصبحت خارج التداول وتعمل فقط بنسبة 10 في المائة والباقي يدخل في خانة المضاربة.

ومن التأثيرات النسبية الخفيفة، يقول رمال، ارتفاع بسيط جداً في سعر صرف الدولار في السوق السوداء، إذ عاد "المحتاجون" للعملة الخضراء ولجأوا إليها لتسيير أعمالهم بفعل توقف منصة صيرفة عن العمل.

في المقابل، يقول رمال يبقى التأثير الأكبر لفكرة الإضراب بحد ذاتها فهذا مرفق مالي أساسي يربط لبنان بالعالم كله، وقد باتت الخطوة هذه تتخذ بسهولة تامة بغض النظر عن السبب الذي دفع موظفو المصرف لاتخاذها، ومدى أحقية كل نقابة بالإضراب، فنحن نبقى بوضع استثنائي وكل يوم إقفال يمكن أن يخسر لبنان الكثير.

ويلفت رمال إلى أن إضراب موظفي مصرف لبنان لن يؤثر بحد ذاته على رواتب موظفي القطاع العام بقدر ما يؤثر إضراب العاملين بالقطاع العام على ذلك، ومن ضمنهم موظفو وزارة المالية، بحيث إن الاستمرار بالتوقف عن العمل له تأثيرات على جميع المواطنين ويطاول كذلك القطاع الخاص، مشدداً في المقابل على الظلم الذي يتعرض له العاملون في القطاع العام وعدم وجود آذان صاغية من جانب الحكومة والمسؤولين لمطالبهم.

ونفذت الثلاثاء الماضي قوّة من جهاز أمن الدولة في لبنان عملية دهم لإحضار حاكم مصرف لبنان المدعى عليه ونوابه الأربعة السابقين وموظفين آخرين من قبل القاضية عون بجرائم "الإثراء غير المشروع وتبييض الأموال والتزوير واستعمال المزور والاحتيال وصرف النفوذ" من منزله الكائن في منطقة الرابية – قضاء المتن لكنها لم تعثر عليه.

وتوجهت قوة ثانية إلى مقرّ مصرف لبنان في منطقة الحمرا في بيروت لتنفيذ عملية دهم لكنها لم تدخل لعدم استحصالها على أمر قضائي بذلك، بيد أن القاضية عون دخلت مع مرافقيها إلى المقرّ لبعض الوقت وأحدثت بلبلة كبيرة فيه وسط تضارب المعلومات حول وجود سلامة في مكتبه لكنها عادت وخرجت بناءً على إشارة قضائية أتت بمغادرتها المكان، وهو ما دفع موظفي المصرف للانتفاضة وإعلان الإضراب التحذيري.

وتُتَّهم القاضية عون بتنفيذ أجندة سياسية للرئيس ميشال عون ومن خلفه صهره النائب جبران باسيل رئيس "التيار الوطني الحر" الذي يسعى إلى تعيين شخصية قريبة منه في منصب الحاكم.

وكان ميقاتي الذي يتهم بدوره بتغطية سلامة ربطاً بملفاته المصرفية – القضائية قد أبدى أسفه لـ"الطريقة الاستعراضية التي تتم فيها معالجة ملفات قضائية حساسة لها ارتباط بالاستقرار النقدي في البلاد، مما يعرّض البلد لاهتزاز لا تحمد عقباه". 

وقال "لسنا متمسكين بأحد، ولا ندافع عن أحد، بل نتمسك بالقضاء العادل بعيداً من الاستنسابية، مع الحرص على سمعة لبنان المالية دولياً"، مشيراً إلى أن "المطلوب أن تتم معالجة هذا الملف بتوافق سياسي مسبق على حاكم جديد لمصرف لبنان، ولتأخذ القضية مجراها القانوني المناسب بعد ذلك".

واجتمع ميقاتي الخميس مع وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال هنري خوري ورئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود والمدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات لبحث آخر التطورات.

ورداً على سؤال "عمّا قامت به القاضية غادة عون من خلال اقتحام مصرف لبنان والتوجه أكثر من مرة إلى منزل الحاكم وهل من الممكن أن يتكرر هذا الامر"، أجاب: "هذه أمور لا يمكن أن أتوقعها بصراحة. لا معطيات لدي".

وعمّا إذا كان للقاضية عون صلاحية بالقيام بذلك قال "المداهمة في بيروت، أكيد أنها عمل غير متاح من ناحية الصلاحية للقاضية عون. أما فما تنوي القيام به، والخطوات اللاحقة لها فلا علم ليّ بها".

المساهمون