"مصرف لبنان" يتدخل خافضاً الدولار من 38 ألف ليرة إلى ما دون 30 ألفاً خلال ساعتين

27 مايو 2022
عرض "مصرف لبنان" الجديد مفتوح ومتاح يومياً أمام الأفراد والمؤسسات (حسين بيضون)
+ الخط -

تدخّل مصرف لبنان المركزي، بعد ظهر اليوم الجمعة، عبر تعميمين جديدين للجم الارتفاع الكبير في سعر صرف الدولار، الأمر الذي انعكس سريعاً على السوق، ما أدى إلى هبوط كبير للدولار من 37 ألف ليرة إلى أقل من 30 ألفا خلال ساعتين فقط، رغم أن خبراء اقتصاديين يعتبرون أن محاولاته تبقى معالجات مؤقتة في ظل غياب الحلول المستدامة.

وقالت مصادر الصرافين إن بعضهم في منطقة "الكفاءات" يبيع الدولار بحدود 28 ألفاً و500 ليرة، وأن الدولارات كادت أن تنفد من بعض مؤسسات الصيرفة الناشطة في السوق السوداء، قبل سريان مفعول إجراءات "المركزي"، لكن الدولار كان لا يزال مسعرا في التطبيقات الإلكترونية فوق 30 ألف ليرة بقليل بحلول السابعة والنصف من مساء اليوم بتوقيت بيروت.

ووجَّه حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بياناً إلى "جميع حاملي الليرة اللبنانية من مواطنين ومؤسسات ويريدون تحويلها إلى الدولار الأميركي، التقدم بهذه الطلبات إلى المصارف اللبنانية ابتداءً من يوم الاثنين المقبل، وذلك على سعر منصة صيرفة، على أن تتم تلبية هذه الطلبات كاملة في غضون 24 ساعة"، لافتاً إلى أن هذا العرض مفتوح ومتاح يومياً، وذلك بناءً على التعميم 161 ومفاعيله وعلى البنود رقم 75 و83 من قانون النقد والتسليف.

من ثم أصدر سلامة بياناً ثانياً توجه به إلى المصارف التي عليها ابتداءً من يوم الإثنين المقبل، وذلك لثلاثة أيام متتالية، أن تبقي على فروعها وصناديقها مفتوحة يومياً حتى الساعة السادسة مساءً لتلبية طلبات المواطنين من شراء الدولارات على سعر صيرفة لمن سلم الليرات اللبنانية، كما دفع معاشات الموظفين في القطاع العام بالدولار أيضاً على سعر المنصة.

وقال الخبير الاقتصادي وليد أبو سليمان إنه "عطفاً على تعميم مصرف لبنان الأخير، لا بد من الإشارة إلى أن مصرف لبنان يحاول تكرار تجربة التعميم 161 من خلال التدخل في السوق لامتصاص الكتلة النقدية بالليرة لمنع المضاربة أولاً وللتقليل ثانياً من الهامش في السوق المالية وتحديداً مع صيرفة، والذي يقدر بأكثر من 12 ألف ليرة، وهذا الإجراء ربما يكون آنياً ويساهم في خفض سعر الدولار، ولكن العبرة تبقى دوماً في الاستدامة، كما أن مكافحة المضاربة لا تتم بهذه الإجراءات، لا بل من خلال منصة مركزية تحصر عمليات التداول للشراء والبيع".

وشهد سعر صرف الدولار في السوق السوداء بمجرد إصدار البيانين انخفاضاً سريعاً إلى ما دون 30 ألف ليرة لبنانية على مجموعات الواتساب الخاصة بصرافي السوق السوداء، بعدما كان قد وصل في ساعات بعد الظهر على التطبيقات الإلكترونية إلى 38 ألف ليرة، وترافق ذلك مع توقف عمليات الصرافين وإقفال أبوابهم.

وتأتي هذه التطورات السريعة بعدما سجلت أسعار المواد الغذائية ارتفاعاً كبيراً في الأيام القليلة الماضية، حتى أن بعض السوبرماركت والمحال عمدت إلى تسعير بضائعها على 40 ألف ليرة، وهنا يرى اللبنانيون أن هذه الأسعار لن تنخفض في ظل معاودة الدولار انخفاضه، وفي ظل غياب الرقابة المطلوبة من قبل الأجهزة الرسمية المعنية.

كما تأتي خطوة مصرف لبنان على مسافة أيام من انعقاد جلسة مجلس النواب، الثلاثاء، لانتخاب هيئة مكتبه، وتضم رئيس البرلمان ونائبه وأميني سرّ وثلاثة مفوضين، الأمر الذي تم تفسيره بأنه محاولة لتهدئة السوق وتأمين الأجواء المناسبة لعقد الجلسة، خصوصاً في ظلّ أخبار بدأت تنتشر عن تحركات احتجاجية كبيرة يحضّر لها الأسبوع المقبل من قبل مجموعات مدنية ومعنية بملفات المودعين، احتجاجاً على ارتفاع سعر صرف الدولار والأزمة الاقتصادية عامةً.

وعقد وزير الاقتصاد والتجارة أمين سلام اجتماعاً، اليوم الجمعة، مع ممثلي النقابات الغذائية، بحيث تم البحث في تداعيات ارتفاع سعر صرف الدولار، وبلورة الخطوات المستقبلية للحفاظ على الأمن الغذائي.

وقال سلام إن النقابات أكدت أن أسعار السلع ترتفع بشكل متوازٍ مع سعر صرف الدولار، ولم تسعر على سعر صرف الـ40 ألف ليرة لبنانية، مشدداً على الوقوف بالمرصاد بوجه كل من يحاول استغلال حاجة الناس.

ووقع الرئيس اللبناني ميشال عون، الجمعة، مرسوماً يقضي بتشكيل "المجلس الوطني لسياسة الأسعار" المنشأ في وزارة الاقتصاد والتجارة.

وقال بيان صادر عن الرئاسة اللبنانية إن "المجلس الوطني لسياسة الأسعار هو مجلس وطني بامتياز يضم جميع المعنيين من إدارات رسمية وجمعيات الاتحاد العمالي العام تمثل مختلف شرائح المجتمع اللبناني، يعملون معاً على وضع سياسة للأسعار بعدما كانت وزارة الاقتصاد معنية وحدها من خلال مصلحة حماية المستهلك بهذه المسؤولية، فأتى المجلس المشكّل للمرة الأولى منذ إقرار إنشائه في العام 1974، ليضم جميع المعنيين بالشأن الاقتصادي للعمل لمصلحة المواطنين، بحيث سيكون على كل قطاع أن يعطي رأيه في سياسة الأسعار، ما يعزّز الرقابة ويضع الأمور في نصابها من خلال ممارسة علمية وتقنية، وفق ما أعلنه وزير الاقتصاد والتجارة أمين سلام، الذي سيدعو أعضاء المجلس إلى أول اجتماع خلال الأيام القليلة المقبلة لوضع أسس وقواعد عمل المجلس الذي اعتبره إنجازاً نظراً للفوائد التي سيحققها لمصلحة المستهلك اللبناني".

المساهمون