توجهت أنظار الكثيرين في قطاع غزة المحاصر، صباح السبت الماضي، إلى الحدود المصرية، حيث دخلت أول قوافل المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، إلا أن محدودية عدد الشاحنات التي جرى دخولها لا تروي عطشاً ولا تغيث ملهوفاً في القطاع الذي يقطنه أكثر من مليوني نسمة، حيث تواصل الطائرات الحربية الإسرائيلية ضرباتها الوحشية على مدن القطاع، لتحول دون تدفق آلاف الأطنان من الأغذية والأدوية والمياه المتراكمة منذ أسبوع على الحدود المصرية أمام معبر رفح.
فقد سمحت السلطات الإسرائيلية لقافلة تضم 20 شاحنة فقط، محملة أغلبها بالأدوية والإسعافات الطبية، المقدمة من منظمة الصحة العالمية ووكالة غوث اللاجئين "الأونروا" والهلال الأحمر المصري، بعد مفاوضات معقدة، استمرت 10 أيام.
استهدفت المفاوضات، وقف حرب الإبادة الجماعية، ومنع قوات الاحتلال من العقاب الجماعي للفلسطينيين ورفض تهجير أبناء غزة قسرياً تجاه سيناء شمال شرق مصر، وإدخال المساعدات المتراكمة أمام المعبر، وتنفيذ هدنة من الحرب لبدء انتشال ضحايا العدوان من الشهداء أو ممن تعرض للموت تحت الأنقاض، ويصعب إخراجهم لقلة المعدات التقنية وأجهزة التنفس والأوكسجين، التي تحتاجها قوات الإنقاذ المدني.
أشرفت لجنة دولية تابعة للأمم المتحدة، على نقل المساعدات من الشاحنات المصرية، التي تحركت إلى المنطقة العازلة بين بوابتي العبور في رفح من الجانبين المصري وقطاع غزة، بالتزامن مع وصول شاحنات فلسطينية، لتجري عمليات إعادة الشحن، برعاية دولية من الصليب الأحمر والأمم المتحدة، دون مشاركة أي طرف فلسطيني أو مصري على عمليات النقل.
ورغم ذلك يرفض العدوان الإسرائيلي، الانصياع للنداءات الدولية، بوقف الحرب، ويجهز قواته لدخول غزة، مستهدفا الانتقام الجماعي من المدنيين وتصفية الفلسطينيين داخل القطاع. فقد أجبرت التفجيرات المتواصلة التي تلقيها الطائرات الإسرائيلية على مدار الساعة قافلة تضم نحو 200 شاحنة، على التوقف لأجل غير مسمى أمام معبر رفح انتظاراً لإذن دخول جديد.
وسعت الطائرات الإسرائيلية من غاراتها وضرباتها الجوية لتدمير مربعات سكنية جديدة بالكامل، أثناء انعقاد قمة القاهرة للسلام، السبت، الذي دعت إليه مصر وعقدت في العاصمة الإدارية شرق القاهرة، بحضور الأمين العام للأمم المتحدة وملك الأردن ورئيس السلطة الفلسطينية، والاتحاد الأوروبي، وحشد من قادة وممثلي الدول العربية وإيطاليا وفرنسا والولايات المتحدة، واليابان وجنوب أفريقيا وقبرص، بما عرقل دخول القافلة المتجهة من مصر إلى مخازن الأونروا والتابعة للأمم المتحدة دخل قطاع غزة.
طلبت لجنة التحالف الوطني للمساعدات الإنسانية من سائقي الشاحنات المتراصة أمام البوابة الاستمرار في أماكنهم، على أمل أن تؤدي الضغوط الدولية التي تمارسها مصر وعدة أطراف دولية، إلى تراجع إسرائيل عن حملتها الشرسة ضد الفلسطينيين والسماح بدخول باقي المساعدات الإنسانية والوقود والغذاء للمنكوبين.
واستكمل الهلال الأحمر إجراءات تخزين كميات ضخمة من المساعدات التي تقدمت بها الأمم المتحدة وقطر والإمارات وتركيا والأردن وروسيا، والتي تشمل أدوية ومعدات طبية للجراحات العاجلة، والأغذية، داخل مخازن مطار واستاد العريش، إلى أن تسلم إلى الهلال الأحمر الفلسطيني، تحت إشراف المنظمات الأممية.
وشملت الكميات المحتجزة، مشتقات الدم، والدقيق والأغذية والأدوية، التي يحتاجها الفلسطينيون لإنقاذ الناجين من المجازر واطعام الناجين المشردين في أنحاء غزة.
وأشارت مصادر في التحالف الوطني لقوافل الإغاثة في تصريحات لـ"العربي الجديد" إلى أن احتياجات القطاع اليومية، قبل العدوان على غزة تصل إلى نحو 150 شاحنة كبيرة من كافة الأغذية والمؤمن.
وأكد التحالف قدرته على توفير 500 شاحنة يومياً، في حالة فتح المعبر فوراً. بينما توجه الطائرات الإسرائيلية ضربات إلى الطرق المؤدية للمعبر من حين لآخر، في تحد صارخ للجهود الدولية التي تستهدف أن تتحول قافلة الإغاثة إلى عمل منظم ومستمر في المرحلة المقبلة.