مخاوف من حرب نفطية... الأسواق قلقة من الخلاف السعودي الإماراتي والأسعار مرشحة للزيادة

07 يوليو 2021
تسعى الرياض لتبوّؤ مركز مالي واستثماري وسياحي متقدم ما يهدد الإمارات (فرانس برس)
+ الخط -

ما إن أخفقت محادثات الدول المنتجة للنفط المنضوية تحت لواء "أوبك+" بما تضم من أعضاء "أوبك" وحلفائها بقيادة روسيا، حتى لقيت الأسعار دعما لافتا صعد ببرميل الخام الأميركي الخفيف إلى مستويات لم يشهدها منذ العام 2014، وسط مباعث قلق من الدخول في حرب أسعار جديدة، عبّر عنها صراحة العراق أولا على لسان وزير نفطه إحسان عبد الجبار، بقوله "لا نريد حرب أسعار، ولا نريد أن ترتفع أسعار النفط إلى أكثر من المستويات الحالية"، والمستشار المالي لرئيس الوزراء مظهر محمد صالح، الذي حذر من أنّ "غياب التنسيق والتفاهمات بين المنتجين في أوبك سيشكل مجدداً بدايات لحرب أسعار"، معتبراً أنّ "الذهاب إلى زيادة في إنتاج النفط داخل أوبك+ من دون تنسيق مسبق، قد يمهد لحرب أسعار واختلالات سوقية خطرة".

انهيار المحادثات بسبب التنافس السعودي - الإماراتي على النفوذ أدى إلى صعود سعر الخام الأميركي إلى أعلى مستوياته منذ عام 2014 مناهزاً 77 دولاراً، وهو ما دفع بإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى الدخول على خط الوصول إلى حلّ وسطي يُرضي الدول المنتجة من جهة، ولا يلحق أضراراً بالدول المستهلكة التي تحاول النهوض بتعافٍ حذر من تداعيات جائحة كورونا.

فيما قال متحدث باسم البيت الأبيض: "لسنا طرفاً في هذه المحادثات، لكنّ مسؤولي الإدارة منخرطون مع العواصم المعنية للحثّ على حلّ توفيقي يسمح بالمضي قدماً في زيادات إنتاجية مقترحة".

وقال معاونو بايدن إنّ ثمة حاجة لاستقرار أوضاع سوق النفط لتعزيز التعافي، والوفاء بهدف الإدارة جعل أسعار الطاقة في مقدور المستهلكين.

ومع أنّ السعودية والإمارات تنسّقان مع بعضهما في 80% من المواقف، فإنّ هذا الواقع لا يُلغي وجود "منافسة اقتصادية متنامية، وتزداد عُمقاً يوماً بعد آخر، إذ ما زلنا في مراحلها الأولى" حسب ما نقلت شبكة "بلومبيرغ" الأميركية عن أستاذ العلوم السياسية الإماراتي عبد الخالق عبد الله، فيما قال شخص مطلع على المناقشات رفيعة المستوى إنّ "الخطاب اللاذع فاجأ الجميع"، معتبراً أنّ السياسة تتغلغل في محادثات النفط والعكس صحيح، لدرجة أنّ الوساطات كافة لم تحقق تقدماً مفيداً رغم تأجيلها المداولات مرّتين، إلى أن أُلغي الاجتماع يوم الاثنين حتى إشعار آخر لم يُحدّد، مع أنّ "رويترز" نقلت، في وقت لاحق، عن وزير النفط العراقي أمله في أن تشهد الأيام العشرة المقبلة موعداً لاجتماع "أوبك+" القادم.

وكان لافتاً أنّ مزج السياسة بالاقتصاد يأتي في صلب المشادّات الخلافية بين الطرفين، من خلال اتخاذ السعودية قراراً بحظر الرحلات الجوية إلى الإمارات نهاية الأسبوع المنصرم، مع انهيار جولتين من المحادثات يومَي الخميس والجمعة، بما يضغط على دبي التي أعادت فتح أبوابها أمام السياحة محاولةً الاستفادة من عطلة عيد الأضحى المبارك، التي عادة ما يزور خلالها الخليجيون هذه الإمارة.

كما استثنت الرياض، بعد انهيار الاجتماع الثالث يوم الاثنين، واردات من المناطق الحرة، أو تلك المرتبطة بالاحتلال الإسرائيلي، من اتفاقية التعرفة الجمركية التفضيلية مع دول الخليج المجاورة، بما يوجّه ضربة قوية لركيزة أساسية لاقتصاد الإمارات تقوم على المناطق الحُرّة التي تتيح تملكاً كاملاً للأجانب.

ولا يمكن قراءة ما حصل على طاولة "أوبك+" من خارج إطار التباين الكبير في ملفات عدة أُخرى، ومن ذلك إقدام أبوظبي على تطبيع علاقاتها مع الاحتلال الإسرائيلي العام الماضي، في خطوة غير منسّقة مع الرياض، وتخليها في العام 2019 عن التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن، فيما دفعت السعودية حلفاءها العرب إلى إعادة العلاقات مع دولة قطر بعد الحصار الجائر الذي شاركت فيه مع البحرين والإمارات ومصر، في خطوة أُقنعت الإمارات بمواكبتها رغم استمرار التوتر.

كما انخرطت الإمارات في تواصل حذر مع تركيا، وسعت أنقرة إلى إصلاح العلاقات مع الرياض بعد جريمة قتل الكاتب الصحافي جمال خاشقجي، في العام 2018، داخل مقر القنصلية السعودية في إسطنبول.

وكثفت الرياض، في السنوات الأخيرة، تركيزها على منافسة دبي إقليمياً في شتى المجالات الاقتصادية، إذ تنقل "بلومبيرغ" عن مديرة "مؤسسة برنامج الاقتصاد والأعمال" في معهد الشرق الأوسط بواشنطن كارين يونغ ملاحظتها أنّ "السعوديين يجاهرون بمنافسة الإمارات عبر قطاعات الطيران والسياحة، وحتى الطاقة الخضراء والمقر الإقليمي، والآن جاء دور سياسة النفط".

في السياق، تنقل "بلومبيرغ" عن محلل سياسي سعودي، طلب عدم نشر اسمه، أنّ "النشاط المفرط في الإمارات يُستخدم كآلة لإظهار المزيد من النفوذ في المنطقة، وربما تفسّره السعودية بأنّه محاولة للتغلب عليها".

وفي هذا الإطار أيضاً، يأتي ما نقلته "رويترز" عن كبير الاقتصاديين في "البنك الأهلي السعودي" أمير خان، حيث قال إنّ "مواجهة أوبك الحالية تشير إلى زيادة دفع الإمارات للتشديد على مصلحتها الذاتية اقتصادياً ووطنياً في مواجهة السعودية".

لكن في الوقت الذي تحاول فيه المملكة تقليص اعتمادها على النفط، فإنّها تتنافس مع الإمارات على الرساميل والمواهب الأجنبية، غير أنّ اقتصاديين يقولون إنّ الأمر سيستغرق وقتاً للتحول إلى ندّ حقيقي لمركز الأعمال والتجارة والسياحة، مع أنّها حذرت الشركات الأجنبية من أنّها قد تخسر عقوداً حكومية إذا لم تُنشئ مقرات إقليمية داخل السعودية بحلول العام 2024.

المساهمون