مع تفاقم الأوضاع المعيشية لكثير من العراقيين، ارتفعت نسب الفقر في جميع المحافظات إلى مستويات قياسية نتيجة الجفاف وتراجع نشاط الزراعة، فضلاً عن سوء الإدارة الحكومية للملفات الاقتصادية.
وأخيراً كشف مسؤولون وبرلمانيون عراقيون عن أن نحو نصف سكان محافظة القادسية جنوبي البلاد يعيشون تحت مستوى خط الفقر، بعدما كانت المحافظة من بين أغنى المحافظات لما تمتاز به من إنتاج زراعي وصناعي.
وتُعد القادسية، ومركزها (الديوانية) من محافظات العراق الأكثر فقراً، بنسبة بلغت 49 بالمائة، وفق آخر إحصائية لوزارة التخطيط هذا العام. وبينت الإحصائية أن عدد الفقراء في عموم العراق يزيد عن 10 ملايين نسمة، ويمثل ربع عدد السكان تقريبا، موزعون بنسب مختلفة ومتباينة بين محافظة وأخرى بحسب الوضع الاقتصادي والاجتماعي لكل محافظة.
تدهور الزراعة
أكدت عضو مجلس النواب العراقي عن محافظة القادسية، ضحى القيصر، أن نحو نصف سكان المحافظة يعيشون تحت مستوى خط الفقر، وأن الزراعة في المحافظة أصبحت شبه معدومة.
وقالت القيصر، في تصريح صحافي، إن المحافظة تُعد من بين المحافظات الفقيرة، ولا تمتلك مشاريع تنموية اقتصادية ونفطية أو منافذ حدودية يمكن من خلالها تشغيل الشباب العاطلين عن العمل.
وحذرت من أن معدلات الفقر والبطالة في تزايد مستمر، مشيرة إلى أن العاطلين عن العمل وذوي المستويات المعيشية المنخفضة يمثلون الفئة الكبرى وهم عرضة للانزلاق في دائرة الفقر. وكشفت الإدارة المحلية لمحافظة القادسية، أن الفقر فيها ارتفع إلى مستويات قياسية، وتحتل المركز الثاني على مستوى محافظات العراق في معدلات الفقر والبطالة.
زيادة الفقر
قال نائب محافظ القادسية، فارس ونّاس، إن نسبة الفقر في المحافظة ستصل إلى أكثر من 50 بالمائة خلال الفترة المقبلة، بسبب تدهور الوضع الاقتصادي الذي انعكس إلى حد كبير على الوضع المعيشي للمواطنين.
وأضاف ونّاس في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن المحافظة زراعية وتشكل الزراعة فيها النسبة الكبرى من إيرادات سكانها الاقتصادية.
ووفق وناس فإن أسباب تزايد الفقر وتدهور الوضع المعيشي للسكان متعددة، من بينها عدم توفر الدعم الزراعي، وارتفاع أسعار الأسمدة والآليات الزراعية، بالإضافة إلى شح المياه ومستويات الجفاف العالية.
وكشف ونّاس أن نسبة البطالة في المحافظة تتجاوز 18 بالمائة، وتعد النسبة كبيرة جداً قياساً ببقية محافظات العراق، حيث لا تمتلك المحافظة مشاريع استراتيجية يمكن ان تستوعب الأيدي العاملة.
وأكد أن المبالغ التي تصل إلى خزينة المحافظة من الموازنة العامة وتنمية الأقاليم زهيدة لا تسد الحاجة المحلية، مشيراً إلى أن ما يصل إلى المحافظة من مبالغ البترودولار، لا تتجاوز 3 مليارات دينار عراقي (الدولار = نحو 1458 دينارا)، يتم إنفاقها على إنشاء مراكز صحية والمدارس.
وشهدت الإيرادات النفطية قفزة هائلة إذ قالت شركة "سومو" القابضة، الذراع الحكومية لتصدير النفط العراقي، إن عائدات بيع النفط خلال الأشهر التسعة الماضية بلغت أكثر من 90 مليار دولار.
وأوضح بيان للشركة أن "هذه الإيرادات ارتفعت عن الفترة ذاتها من العام الماضي بنسبة 70.6 بالمائة، حيث بلغت فيها العائدات المالية نحو 52.981 مليار دولار".
قال نائب محافظ القادسية، فارس ونّاس، إن نسبة الفقر في المحافظة ستصل إلى أكثر من 50 بالمائة خلال الفترة المقبلة
وطالب ونّاس، الحكومة العراقية بضرورة توفير الدعم اللازم للمحافظة، والعمل على إنشاء مشاريع صناعية واستراتيجية لانتشال المحافظة من واقع الفقر والبطالة.
اقتصاد المحافظة
تحتوي المحافظة الجنوبية على بعض المصانع الكبيرة العائدة للدولة مثل معمل ألبان الديوانية ومعمل الصناعات المطاطية والإطارات، ومعمل الغزل والنسيج، كما تحتوي على عدد من المعامل المملوكة للقطاع الخاص مثل الطابوق والجرش بالإضافة إلى حقول الدواجن وبحيرات تربية الأسماك الاصطناعية، فضلاً عن وجود مصفى الشنافية النفطي.
وفي هذا السياق، قال الباحث الاقتصادي، عبد السلام حسن، إن محافظة القادسية تعتبر عاصمة العراق الزراعية، فضلاً عن وجود عدد من الصناعات المحلية، ويعتمد سكانها على الزراعة والصناعة المدعومة من قبل الدولة من خلال عمليات التجهيز والتسويق، وكان هذان القطاعان يعدان من أهم قطاعات ديمومة الاقتصاد المحلي.
وانتقد حسن، من خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، دور الدولة العراقية المتراجع في دعم هذه القطاعات، متهماً أطرافا متنفذة تعمل وفق أجندات دولية بالعمل على تعطيل نهوض القطاعات الاقتصادية العراقية ومنها الزراعية والصناعية في محافظة القادسية.
وأضاف أن الجفاف وعدم توفر الدعم من أهم عوامل تراجع مستويات الزراعة في المحافظة، والتي أدت إلى حد كبير لتزايد نسبة الفقر في جميع محافظات العراق ومنها القادسية.
وشدد حسن على أهمية مواجهة الفقر الذي ينعكس سلباً على الواقع الاجتماعي، من خلال دعم القطاعات الخاصة والمشاريع الصغيرة، فضلاً عن دعم تسويق الإنتاج والاستفادة من الخبرات الفنية والعلمية التي يتميز بها أبناء المحافظة.