تواجه زراعة الحمضيات في تونس التضييق الأوروبي بسبب رواسب المبيدات، بينما يعوّل المصدرون على شهر مارس/ آذار لزيادة الصادرات من الأصناف المطلوبة في منطقة اليورو. وأعادت فرنسا حاويات تحتوي على 20 طناً من حمض "البرتقال المالطي" التونسي بحجة احتوائها على نسبة مبيدات عالية، ما يخالف الشروط الفنية والصحية التي يضعها الاتحاد الأوروبي لقبول الصادرات الزراعية من تونس. كذلك أعلنت بعض المراكز التجارية الفرنسية عن سحب كميات من البرتقال المالطي لتجاوز الحد الأقصى المسموح به من الأدوية المستعملة للمكافحة بعض الفطريات. في المقابل، يقول عضو منظمة المزارعين ومنتج الحمضيات عماد الباي لـ "العربي الجديد" إن صادرات الحمضيات التونسية تخضع للمراقبة الفنية والصحية عند التصدير ويجري الالتزام بالمحاذير التي يضعها الاتحاد الأوروبي، مؤكدا أن أسباب إعادة كميات من البرتقال المالطي تعود إلى وجود نوع من الفطر الذي يخلف بقعاً سوداء على الثمار. ويضيف "هذا الفطر ينتشر في كل مزارع الحمضيات بمختلف دول العالم وتتم مداواته عبر مبيدات تخلّف نسبة من الرواسب، غير أنها لا تؤثر على الجودة ولا الصحة بينما يؤثر الفطر على جمالية ثمار برتقال المالطي الذي يجد رواجا كبيرا في الأسواق الأوروبية ولا سيما السوق الفرنسية". ويؤكد الباي احترام المصدرين التونسيين للشروط الأوروبية مفسرا الحملات التي تشن على المنتجات الزراعية التونسية، بانها محاولة للتقليل من قيمة المنتج التونسي لفائدة المنافسين الأوروبيين. وينافس الحمض المالطي التونسي في السوق الأوروبية منتجات أوروبية المنشأ ولا سيما منها حمضيات إيطاليا وإسبانيا. ويوضح المجمع المهني المشترك للغلال (حكومي) أن إرجاع حاوية تحتوي على 20 طنا من البرتقال المالطي إلى تونس من السوق الفرنسية لن يؤثر على موسم تصدير الحمضيات الذي يستمر إلى نهاية مارس الحالي. ويقول المجمع في بيان له إن "هذا الإجراء يعد شائعاً ومتداول جدا بالأسواق الخارجية ولا يؤثر عادة على سمعة المنتوج أو يؤدي إلى حظر تسويقه، كما يتم القيام بهذه العملية في مختلف المنتجات الزراعية". ويشير إلى أن "صادرات البرتقال المالطي تعرضت في الآونة الأخيرة إلى حملة تشويه لصالح المنتجات المنافسة الإسبانية والإيطالية". تستأثر السوق الفرنسية بما يزيد على 95 في المائة من صادرات الحمض المالطي التونسي الذي يقبل عليه وكلاء البيع بالسوق قصد تلبية الطلب المرتفع لهذا المنتوج من قبل مختلف الفضاءات التجارية. ولا تعد العراقيل التي يضعها الاتحاد الأوروبي أمام الصادرات الزراعية التونسية الأولى من نوعها، حيث واجه زيت الزيتون في مواسم ماضية حملات تشويه استهدفت جودته من قبل المنافسين داخل منطقة اليورو. وعام 2018 قادت منظمات ووسائل إعلام أوروبية حملة تشكيك في جودة زيت الزيتون التونسي الذي يحتل المرتبة الثانية عالمية متقدما على منافسين أوروبيين، ما تسبب في عرقلة الصادرات في 2016 بعد أن وافق البرلمان الأوروبي في فبراير/ شباط على توسيع مظلة الإعفاء الجمركي لواردات زيت الزيتون من تونس بمقدار 35 ألف طن سنوياً، لتصبح نحو 92 ألف طن. ويقول الخبير الاقتصادي خالد النوري إن تونس مطالبة بمراجعة سياساتها الزراعية وتحويل وجهة الصادرات نحو المنتجات ذات القيمة المضافة والأقل استهلاكا للموارد المائية. ويضيف النوري في تصريح لـ"العربي الجديد" "سيواصل الاتحاد الأوروبي مستقبلا عرقلة صادرات زراعية تونسية تحت مسميات مختلفة مختلقا أسبابا تقصي المنتج التونسي لفائدة المنافسين من دول المنطقة". ويعتبر النوري أن الحمضيات من أكثر المنتجات استهلاكا للماء، ما يعد استنزافا للموارد الطبيعية التونسية، مشددا على ضرورة إعادة النظر في السياسات الزراعية والاكتفاء بالإنتاج لفائدة السوق المحلية سيما وأن عائدات تصدير الحمضيات لا توفر مداخيل هامة من العملة الصعبة على عكس التمور وزيت الزيتون. وتراوح مداخيل تصدير الحمضيات سنويا ما بين 7 و10 ملايين دولار. وبلغت صادرات الحمضيات التونسية إلى غاية يوم 6 مارس نحو 6130 طناً. ودعت دراسة نشرتها المنظمة الألمانية "بارتلسمان ستيفتونغ"، في سبتمبر/ أيلول الماضي الاتحاد الأوروبي وتونس الى إعادة التفاوض بشأن حصص التصدير التفاضلية المتعلقة بالمواد الفلاحية ومنتوجات الصناعات الغذائية، حتى تتمكن تونس من تجاوز التداعيات التي خلفتها الحرب الروسية في أوكرانيا، على اقتصاد البلاد. وأبرزت الدراسة ما يتمتع به القطاع الفلاحي التونسي من إمكانات لزيادة تنوع المنتجات. وأظهرت أن تونس لم تستفد بالكامل من حصص التصدير التفاضلية، التي تشمل 13 منتوجا فلاحيا. ومن بين المنتجات الزراعية والغذائية التي تتمتع بأعلى إمكانات تصدير في المطلق، وكذلك أعلى فرق بين إمكانات التصدير ونتائج التصدير الفعلية، زيت الزيتون والتمور الطازجة أو الجافة إلى جانب الطماطم الطازجة.